تكاد تكون أهم رسالة تبعث بها المؤتمرات الوطنية للشباب برعاية وحضور ومشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إنها تقدم صورة مختلفة عن مصر للعالم، قوامها أن مصر دولة يقود التفكير فى قضاياها وهمومها الشباب، والمتأمل لجلسات مؤتمر الإسكندرية الذى عقد منذ أيام، فضلًا عن المؤتمرات الثلاثة السابقة لها والتى عقدت فى شرم الشيخ ومرورًا بمؤتمر أسوان والإسماعيلية، يجد أن هذه هى الفكرة الرئيسية التى صممت بها جلسات هذه المؤتمرات، وكذلك التى استنادًا إليها يتم ترتيب الحضور فى القاعات، فضلًا عن وجود شاب وشابة على يمين ويسار الرئيس وبينه وبين كل مسئول فى الحكومة. ويندرج تحت هذه الصورة ثلاث رسائل رئيسية، تتمثل الرسالة الأولى فى أن الشباب فى مصر ليسوا قوة عددية فقط، فكثرة الحديث عن أنهم 60 بالمئة من السكان شباب قد يوهم البعض انهم عدد فقط، ولكن أهم ما يرسله هذا المؤتمر من رسائل هو أنه شباب يفكر ويبدع، والقدرة على التفكير والإبداع غير موجودة فى العديد من الدول حولنا، وبعض الأفكار المبدعة التى يقدمها الشباب عبر عنها الجوائز التى قدمت فى الجلسات الختامية لهذه المؤتمرات، مثل اللاعبة نور الشربينى، والطالبة آية طه مسعود، والمهندس عبد الله سعيد حسن، ومهندسة الديكور شيماء كمال أبوالخير، والشاب بيتر إبراهيم كمال، والدكتورة رشا السيد أحمد الشرقاوي، والشاب ياسين الزغبي. وتتمثل الرسالة الثانية فى ان الحديث عن تمكين الشباب لا يرتبط برموز صنعها الإعلام من الشباب المسيس أو الثوري، والذين سيطروا على الساحة فى مصر طوال الفترة التالية على ثورة 2011، والذين كان فى حال عدم حضورهم لأى فعالية يعنى أن الشباب مغيب وغير ممكن، حيث أثبتت هذه المؤتمرات وكشفت عن أن من يمثل الشباب دون سن 40 سنة فى مصر قطاعات عريضة لا تقف عند شخص واحد، فهناك قطاعات شبابية متعددة لكل منها طموحاته وتوقعاته ولكل منها نمط علاقته مع الدولة، فضلا عن كون قطاعات الشباب هى قطاعات متحركة بطبيعتها، بمعنى أنه سنويًا هناك من ينتقل من مرحلة الفتى إلى مرحلة الشاب وهناك من يخرج عمريا من هذه المرحلة، فهناك ديناميكية ينتج عنها تغير الأعداد وتغير الأشخاص. وتنصرف الرسالة الثالثة إلى أنه رغم تعقيدات المرحلة التى تمر بها مصر والتحديات المتعددة التى تمر بها، إلا أنها استطاعت أن تحول هذه المؤتمرات إلى منصات للحوار والنقاش تجمع الشباب مع الرئيس والمسئولين فى الدولة، وهى خبرة غير مسبوقة فى مصر، فضلا عن الدور المهم الذى لعبه الشباب النشط سياسيا فى ثورة 2011 ثم 2013، إلا أنه لم تتوافر لهم قنوات حقيقية ومنتظمة وذات طابع مؤسسى للتواصل والحوار مع مؤسسة الرئاسة طوال هذه الفترة. فعلى سبيل المثال الحوار الوطنى الذى عقد فى عهد حكومة عصام شرف وبإشراف رئيس الوزراء الأسبق عبدالعزيز حجازي، لم تهتم فعالياته والقضايا التى ناقشها وما خرج عنه من وثائق بصورة خاصة بقطاعات الشباب وقضاياهم وأدوارهم فى الحياة العامة. فضلا عن أنه لا يوجد مثل هذه المؤتمرات فى أى دولة مجاورة، وهو ما يكشف من ناحية ثالثة عن تفرد التوجه الذى تتبناه مؤسسة الرئاسة خلال المرحلة الحالية فى التعامل مع الشباب. هذه الرسائل الثلاث تقوى صورة مصر كدولة يقود التفكير فيها الشباب، وهى «صورة نموذج» من المهم العمل على تصديره خلال الفترة الحالية كأحد مقومات القوة الذكية للدولة فى تفاعلها مع العالم. فلا يخفى الشباب كأحد مقومات قوة الدولة تفاجأ بها الجميع منذ ثورة 2011 ثم ثورة 2013، وربما لا يزال هناك من لم يتخلص من مشاعر المفاجأة بعد، ولكنها لم تستثمر بعد بصورة تعزز من قدرات مصر وقدرتها على التأثير. وفى هذا الإطار من المهم التخطيط لتعزيز هذا النموذج خلال المرحلة المقبلة وحتى الإعداد لمنتدى شباب العالم، على نحو يسمح بتوظيف الشباب كأحد مقومات القوة الناعمة للدولة فى العالم، وفى هذا الإطار اقترح ما يلي: أولا: الاستفادة من مناقشات المؤتمرات الأربعة السابقة وتوصياتها التى أقرها الرئيس السيسي، فى إصدار وثيقة تحمل اسم «السياسة الوطنية للشباب» بحيث توثق التوجه العام للدولة فى التعامل مع الشباب، مع ربط هذه الوثيقة بالتوجهات العالمية فى هذا الشأن مع الاستفادة مما كتب فى هاذ الشأن من قبل العديد من المتخصصين، بحيث يتم إطلاق هذه الوثيقة فى مؤتمر نوفمبر 2017. وبذلك تنضم مصر لمصاف الدول التى تتبى إستراتيجيات وطنية للشباب فى العالم. والحرص على توسيع قاعدة الشباب المصرى المشارك فى هذه المؤتمرات. ثانيا: الحرص على تغطية المؤتمرات باللغات الأجنبية، وإصدار نشرات وكتيبات مفصلة عما دار فيها من فعاليات ومناقشات وإتاحتها على الموقع الخاص بالمؤتمر، وكذلك فى السفارات المختلفة لمصر فى العالم. فضلا عن تكثيف نشرها باللغات المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعى على تنوعها، وهو ما من شأنه ان يعزز صورة مصر الشابة فى الدوائر الغربية على تنوعها. ثالثا: الإعداد لإطلاق «مبادرة القاهرة لقادة الشباب فى العالم» وذلك على هامش منتدى شباب العالم، ويتم ربطها بكل من الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة، ويكون هدفها التشبيك بين القادة الشباب فى مصر ونظرائهم فى العالم من خلال صفحة مخصصة لذلك على الموقع الخاص بالمؤتمر، وتبادل الخبرات بين هذه القيادات. وتتولى متابعة هذه المبادرة كل من وزارة الشباب والرياضة ووزارة الخارجية وتعمل على تنظيم لقاء سنوى لها يصدر عنه بيان يؤكد المواقف المشتركة من القضايا الرئيسية فى إفريقيا والعالم . لمزيد من مقالات د. إيمان رجب