شباب وعواجيز!    أول رد من الرئيس السيسي على تصريحات ترامب حول سد النهضة    وزير الكهرباء: محافظة الوادي الجديد نموذج يحتذى فى الاعتماد على الطاقة المتجددة    4 رسائل مهمة من السيسي لترامب    وزارة الشباب والرياضة تتلقى خطاب شكر من الاتحاد الدولي للإسكواش    مدرب بتروجيت: الأهلي تعامل معنا باحترافية.. والظروف لا تسمح لرحيل حمدان للزمالك    شكري بعد عودته للأهلي: أتمنى السير على خطى معلول.. ولم أتفاجأ بتتويج بيراميدز بدوري الأبطال    الصفقة الثامنة.. غزل المحلة يضم ظهير أيسر أفريقي    صحة القليوبية تضبط طن زيت طعام مجهول المصدر داخل مصنع غير مرخص بشبرا الخيمة    تضم 5 آلاف كتاب من مختلف المجالات، افتتاح مكتبة متحف المركبات الملكية ببولاق    هل يجوز زواج المرأة من ابن الزوج بعد طلاقها من أبيه؟.. محمد علي يوضح    محافظ الجيزة يدشن حملة 100 يوم صحة من مركز ميت عقبة بالعجوزة    محافظ الجيزة يُدشّن حملة "100 يوم صحة" من مركز ميت عقبة بالعجوزة    الشامي يستعد للعودة.. برنامج تأهيلي خاص وسفر إلى قطر للكشف النهائي    إبراهيم عادل يتوجه اليوم إلى الإمارات للانضمام للجزيرة    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. ترامب يؤكد ضرورة وقف حرب أوكرانيا والناتو يزعم تنصله من الدفاع عن كييف.. حماس تفاوض ونتنياهو يجدد تهديده باستئناف الحرب على غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار 60 يوما    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 فى مصر    قيادات الأزهر يتابعون أعمال تصحيح امتحانات الثانوية الأزهرية.. محمد الضوينى: أمانة عظيمة تتعلق بمستقبل أبنائنا الطلاب.. ورئيس المعاهد للمصححين: الاسترشاد بنموذج الإجابة فيما يتعلق بالأسئلة المقالية    تفاصيل استحواذ ميتا على شركة Play AI الناشئة المتخصصة فى مجال الصوت    عماد حمدي: تطوير سيناء للمنجنيز يساهم في توطين الصناعة ودعم الصادرات    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    أمير كرارة وأبطال فيلم الشاطر يحتفلون بالعرض الخاص فى 6 أكتوبر.. اليوم    إلهام شاهين عن صورة لها بالذكاء الاصطناعي: زمن الرقى والشياكة والأنوثة    الإيجار القديم بين الواقع والمأمول.. نقلا عن "برلماني"    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء15 يوليو 2025    قوائم انتظار مسابقات التعليم.. عبد اللطيف يشيد بمقترح "التنظيم والإدارة" وموعد التطبيق    9 أضرار للإفراط في شرب الشاي.. لا تتجاوز هذه الكمية يوميا    ب181 مليون جنيه.. اتحاد المهن الطبية يبدأ صرف معاش يوليو ل127 ألف مستفيد    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    حكومة كردستان العراق: تعرض حقل نفطي في دهوك لهجوم بطائرة مسيّرة    رسمياً.. برينتفورد يضم قائد ليفربول السابق    تحولات النص المسرحي المعاصر وتجارب الكتاب الجدد على مائدة المهرجان القومي للمسرح    الرئيس الإيراني: الحرب وحّدت الإيرانيين داخل البلاد وخارجها.. ونتمسك بخيار الدبلوماسية    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    ب31 رحلة يومية.. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» الثلاثاء 15 يوليو 2025    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 15 يوليو في بداية التعاملات    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم الزراعة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    رئيس «قناة السويس» يبحث مع السفير الإيفواري التعاون في تطوير الموانئ والتدريب    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    مشاركة الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي بمالابو تؤكد دعم مصر لأمن واستقرار القارة    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    وزيرا دفاع ألمانيا والولايات المتحدة يناقشان ضرورة تنسيق خفض القوات الأمريكية في أوروبا    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    «مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    «بوليتيكو»: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض رسوم على سلع أمريكية بقيمة 72 مليار يورو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العصر القبطى (23)
قضية مقتل هيباتيا

قبل سقوط الأمطار تأتي الغيوم، وقبل سقوط القتلي تنتشر الفتن، وهذا ما حدث في تاريخ العالم في القرن الخامس. فقد رفضت الأفكار القديمة التي كانت متربعة علي عرش الفلسفة والدين أن تتواري بعد انتشار المسيحية في العالم كله وتعميق جذورها في عقول وقلوب البشر. وكانت لا تزال المدارس الفلسفية الوثنية تحاول الصمود وكذلك اليهود فحاولوا الدخول للمسيحية ونشر أفكارهم اليهودية أو الوثنية أو الفلسفية تحت مسمي مسيحي. فكان من نتاج هذا الهرطقات والأفكار الغريبة مثل الأريوسية التي تصدت لها الكنيسة وحرمت من ينادي بهذا أي أعلنت أنه ليس مسيحيا. ولم يخل هذا الصراع من الدماء والقتلي وخاصة مع ضعف الإمبراطورية الرومانية.
وفي عام 408م تولي ثيؤدوسيوس الصغير ابن أركاديوس عرش روما الشرقية أي بيزنطة. وتوفي أبوه وهو في سن السابعة لتحكم بيزنطة معه أخته بوليكاريا لمدة ثماني سنوات وهي التي ستحرك التاريخ فيما بعد.
في عام 412م جلس البابا كيرلس الأول علي الكرسي المرقسي، وكان البابا ثاؤفيلس السابق خاله فقد تبناه وهو طفل فدرس اللاهوت والفلسفات والعلوم في مدرسة الإسكندرية، ثم ذهب إلي البرية ليتتلمذ علي يد الآباء الرهبان لمدة خمس سنوات. ثم استدعاه خاله وأوكل له مهمة الوعظ والتعليم ولما مات البابا ثاؤفيلس اجتمع الشعب كله علي ترشيحه بطريركاً.
وكان يحكم الإسكندرية والى روماني اسمه أورستيس وكان نصف مسيحي ونصف وثني، وكان يشعر بسيطرة البابا ثاؤفيلس علي الشعب السكندري ومكانته عند الإمبراطور مما أضعف مكانته السياسية وأثار غيرته. ولما علم بترشيح الشعب للبابا كيرلس حاول بشتي الطرق أن يمنع وصول البابا كيرلس لهذا المنصب بالتهديد أو بالرشوة ولكن لم تفلح مساعيه وصار عداء بينه وبين البابا.
وكان اليهود والوثنون في الإسكندرية قد بدأوا بتنظيم صفوفهم بمساعدته لمحاولة إضعاف الكنيسة في مصر. فأشاع اليهود ذات ليلة أن النار اشتعلت في كنيسة بالإسكندرية فاندفع المسيحيون من كل جهة متزاحمين كبارا وصغارا لإطفاء النار، فاغلق اليهود عليهم الشوارع وقتلوا كل المسيحيين المحيطان بالكنيسة ذبحاً في الشوارع. وما أن لاح صباح اليوم الثاني حتي غضب كل مسيحيي مصر لهذا الحادث واندفعوا في الشوارع للقتال مع اليهود. فوقف البابا وطالب الشعب بالهدوء واجتمع بكبار اليهود وطلب منهم الانسحاب من الإسكندرية حقناً للدماء وحتي لا يتعرضوا للقتل.
ووصل الأمر إلي والي الإسكندرية الذي وبخ البابا علي تصرفه، فأجابه البابا أنه فعل هذا حتي لا تحدث فتنة في الشوارع. وبدأت الإسكندرية تكون مؤهلة لأحداث أخري مماثلة من باقي التيارات التي وجدت في طرد اليهود هزيمة لمخططاتهم المدعومة من الوالي.
وكان في الإسكندرية مدرسة فلسفية وثنية تنشر الفكر الأفلاطوني الحديث، وكانت المدرسة تُعلم خليطاً بين الفكر الأفلاطوني القديم ممزوجاً بأفكار الديانة اليهودية والأفكار الوثنية لتصنع خليطاً فكرياً تجذب به تلك الأقليات في ذلك الحين ويستطيعوا أن يتجمعوا بمنهج واحد ضد المسيحية.
وأخطر ما كانوا يعلمونه أن الإله الأعظم تخرج منه كائنات وسيطة بينه وبين الإنسان تكون بمثابة آلهة صغري. واعترفوا بآلهة الديانات القديمة الوثنية كآلهة وسيطة. وكانوا يؤمنون بتناسخ الأرواح وعودة الروح في أجساد أخري بعد الموت كنوع من العقاب والتطهير، كما يمكن أن تعود الروح في أجساد حيوانات.
وكان من أشهر فلاسفتها في هذا العصر الفيلسوف فرفوريوس، وفيلسوفة تدعي هيباتيا يونانية الأصل، وكانت لها علاقة صداقة قوية بالوالي جعلها تستطيع أن تنشر أفكارها في كل مكان. وكانوا يعلمون بهذه التعاليم وينشرون كتابات يوليانوس الإمبراطور عن الوثنية كإطار فلسفي لفكرهم فعكف البابا كيرلس علي الرد علي هذه الأفكار الوثنية فاحتدم الصراع الفكري بين هؤلاء الفلاسفة الوثنيين وبين الكنيسة. وانتقل الصراع إلي احتقان في الشوارع وقد كان بعض المسيحيين يشعرون بالقهر نتيجة ما فعله اليهود قبلاً وما فعله الوثنيون قبلهم فانقض بعض الشباب المسيحي الثائر علي الفيلسوفة هيباتيا وانزلوها من مركبتها وقتلوها. وقد كتب هذه الحادثة اثنان من المؤرخين المعاصرين وهما سقراط وسوزومين ولم يتهما الكنيسة أو البابا كيرلس بقتل هيباتيا.
ولكن في القرن السابع عشر في إنجلترا تم تأسيس جماعة فلسفية للأفلاطونية المحدثة في كامبريدج وبدأوا في نشر نفس الأفكار وإعادتها إلي الوجود. وفي عام 1842م ذهب شخص يدعي تشارلز كينجسلي ليدرس في جامعة كامبريدج وقد عين قساً إنجيليكانياً وقد تأثر بهذه الجمعية الفلسفية وكتب رواية عن هيباتيا عام 1853م وقد مزج فيها تأثره بالكنيسة الغربية ومحاكم التفتيش بالوقائع التاريخية فكانت رواية خيالية أكثر منها تاريخية واتهم فيها البابا كيرلس بأنه هو الذي حرض علي قتل هيباتيا وكان هذا مخالفاً لما ذكره المؤرخون الذين عاصروا هذه القصة. وتأثرت بهذا الكاتب المؤرخة الإنجليزية بوتشر التي كانت زوجة لقس بروتستانتي في مصر في نهاية القرن التاسع عشر واتهمت أيضا البابا كيرلس.
وللأسف في السنوات السابقة ردد البعض تلك القصة دون التوثيق التاريخي مدفوعين بكراهية خاصة للكنيسة القبطية، والذي يريد أن يدقق يمكنه أن يقرأ ما كتبه المؤرخان المعاصران لهذه القصة سقراط وسوزومين.
فالكنيسة القبطية التي تحمل تعاليم المسيح الذي قال: «أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم» لم تتورط يوماً قط في تحريض شعبها علي سفك دم أحد بل كانت تواجه الاضطهادات بالحب، وكانت تحتمل نزيف الدم ولا تحتمل نزيف الحب. وحتي في أوج قوتها ومساندة روما لها لم تواجه العنف بالعنف، أو الشر بالشر. وحتي وإن كانت هناك تصرفات فردية بعيدة عن تعاليم المسيح لم تكن أبداً تعليما كنسيا مسيحيا فالذي يعلم بمحبة الأعداء كيف يقبل القتل والكراهية. وفي عصرنا هذا وبالرغم من التهديدات والعنف المتواصل وسقوط الشهداء منا كان رد فعل الكنيسة والشعب المسيحي هو دعوة الحب وليست الكراهية فلم نحمل سلاحاً نحمي به أنفسنا بل نحمل حباً نحمي به الوطن.
كاهن كنيسة المغارة الشهيرة
بأبى سرجة الأثرية
لمزيد من مقالات القمص أنجيلوس جرجس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.