خبير اقتصادي وصوت وطني يقود العمل التنموي والسياسي بمحافظة الإسكندرية    القضاء الإداري في رفض طعن مرشح لانتخابات الشيوخ : لا يستحق شرف العضوية    السبكي وزيادة يبحثان آليات استدامة القطاع الصحي    ارتفاع حصيلة القتلى في اشتباكات السويداء بسوريا إلى 203    ملف يلا كورة.. صفقة جديدة للزمالك.. غياب وسام أبو علي.. وحمدي فتحي يقترب من بيراميدز    «تريلا» تخترق موكب زفاف.. مدير أمن أسيوط يصل موقع حادث محور ديروط    المهرجان القومي للمسرح يناقش الفضاء المسرحي وأثره على إنتاج المعنى    بسمة بوسيل تهنئ تامر حسني على طرح ألبوم لينا ميعاد..ماذا قالت ؟    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    70 شهيدًا فلسطينيًا منذ الفجر بنيران وغارات الاحتلال الإسرائيلي على غزة    مقررة أممية: يجب وقف العلاقات مع إسرائيل ومحاسبة قادتها على جرائم الإبادة في غزة    قانون الإجراءات الجنائية الجديد يحدد ضوابط تفتيش المنازل.. تعرف عليها    أحمد بلحاج يهاجم الزمالك: كنت أواجه أزمة جديدة يوميًا وخصوصيتي كانت منتهكة    الحكم محمد الحنفي يكشف لأول مرة عن سبب اعتزاله ووجهته المقبلة    الأهلي يخطط لضم ظهير أيسر أجنبي تحت السن بطلب من ريبيرو    شرطة البيئة تشن حملة مكبرة لمواجهة النباشين في شوارع الإسكندرية    مقتل شاب على يد والد زوجته وأشقائها بشبرا الخيمة    مصرع فتاة وإصابة 8 في انقلاب سيارة نصف نقل بمياه مشروع عبد القادر في البحيرة    النائب إيهاب رمزي يقترح تعديلا لقانون المرور يجعل الموافقة على التفتيش وتحليل المخدرات شرطا للرخصة    النيابة تُخلي سبيل متهمين في واقعة احتراق 96 مركبة داخل حضانات البتروكيماويات بالإسكندرية    نهاية مأساوية لشقيق العريس.. مصرع شابين أثناء توجههما لحفل زفاف    تعرف على مدة الدراسة في نظام البكالوريا طبقًا للقانون الجديد    محافظ البحيرة: تطوير وسط رشيد خطوة لتحويل المدينة إلى متحف مفتوح    مدبولي: قصر القطن في قلب الإسكندرية فرصة استثمارية واعدة.. خطة لتحويله لمشروع فندقي وتجاري وإداري    شخصية «703».. أحمد مكي ضيف شرف فيلم «الشاطر»    طارق الشناوي: مفيش حاجة اسمها فن نظيف.. والرئيس محمد نجيب أول من أدان الراقصات    القراءة تبني العقول.. طريق الإنسان إلى التقدم    محمد خميس: دخلت طب الأسنان بسبب المجموع.. وكنت أتمنى دراسة الأدب العربى    البطريرك يوحنا العاشر: جلسات المجمع المقدس تنطلق 18 أكتوبر لبحث إعلان قداستين    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    رائحة الثلاجة مزعجة؟ إليك الحل بمكونات منزلية آمنة    حقائق صادمة عن اللحوم المصنّعة ومكسبات الطعام    المغرب والصين يبحثان تطوير تعاون "ثلاثى الأبعاد" مع الدول الإفريقية فى الصحة    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    العقارات يتصدر قطاعات الأسهم المقيدة الرئيسية بقيم التداول بتعاملات منتصف الأسبوع    اللقطات الأخيرة باستعراض الرجل الطائر قبل وف*اته بالغردقة    الدنمارك وهولندا تبديان استعدادهما للمشاركة في خطة ترامب لتسليح أوكرانيا    الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة خالد خليفة للرواية في دورتها الأولى    بعد أنباء تأجيله.. مصدر من الاتحاد العربي ل في الجول: فيفا والاتحاد القطري المسؤولان عن تنظيم البطولة    البنك الأهلى يهزم نجمة سيناء بسداسية وديا فى فترة الإعداد    التقطه في ثانية، لحظة إنقاذ شاب لطفل سقط من الطابق الأول بعزبة النخل (صور)    الزمالك يرد على إمكانية التقدم بعرض لضم أحمد عبد القادر من الأهلي    سام مرسي يقترب من الكويت الكويتى فى وجهة مفاجئة    طريقة عمل السينابون زي الجاهز لتحلية مسائية مميزة    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية بشمال سيناء    ورشة عمل بدمياط لمراجعة منظومات المياه والصرف لتحقيق الاستدامة    ميرنا كرم تحتفل بتخرجها بامتياز بمشروع عن روحانية القداس المسيحي    سام مرسي يقترب من الانتقال إلى نادي الكويت    العكلوك: إسرائيل قتلت 60 ألف فلسطيني وتبحث عن انتصار سياسي    الأمم المتحدة: سوء التغذية تضاعف في غزة    الرئيس الإماراتي يبدأ اليوم زيارة لتركيا لبحث التعاون الثنائي والقضايا محل الاهتمام المشترك    هل يصل ثواب ختم القرآن كاملًا للمتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    السفير محمد العرابي: مهمة علاج مبارك في ألمانيا كانت الأصعب    دموع حزبية على صندوق الانتخابات    وزير العمل يستقبل وفدًا من الشركة الروسية العاملة في مشروع الضبعة    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    11 صورة لوحدة الغسيل البريتوني بمستشفى أبو الريش المنيرة بعد تجديدها    بينهم 3 من ذوي الهمم.. تكريم الفائزين بمسابقة لحفظ القرآن الكريم في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيباتيا.. سيدة الحكمة
نشر في البديل يوم 29 - 08 - 2016

الدين والفلسفة صديقان لدودان يتنازعان حينا، ويتفقان آخر قد يتفلسف التدين فيصبح العقل معضدا للنقل ومدافعا عنه أو شارحا عقلانيا له كما كان ابن رشد ومن قبله فيلون السكندري، وقد تتدين الفلسفة وتصبح دينا تأمليا استنباطيا كما عند أفلوطين المصرى .
ورغم أن علاقة الدين بالفلسفة شهدت توترا فى مراحل عديدة من التاريخ لكن الخلاف ليس ماهويا كما يتصور البعض فالفلسفة ليست نقيضا للدين ولا الدين نقيضا للفلسفة ولكل مجاله، وإن تصادما في حالات كثيرة عبر التاريخ.
ومنها حالة وقعت بالإسكندرية فى القرن الخامس الميلادى مع حكم الرومان واعتبار المسيحية ديانة معترف بها من قبلهم بعد اضطهاد ساد قرونا.
البداية كانت من غزو الإسكندر للشرق فى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد مؤسسا للعصر الهلينستى الذى هو خليط من ثقافة اليونان الهللينية وبين الشرق، وكانت الإسكندرية البوابة الرئيسية التى تربط مصر بالعالم الخارجي، والمركز التجارى العالمى التى تتجمع فيه العناصر الإفريقية والهندية والعربية واليونانية والسورية، كما وفد إليها أبناء الطبقة الأرستقراطية لتلقى التعليم فكانت ملتقى التجار والعلماء والشعراء وأهل الفن وغيرهم، فامتزجت فيها ثقافات عديدة وتيارات فكرية واسعة.
فى الإسكندرية تجاور الوثنيون والمسيحيون واليهود من أصحاب الديانات مع الغنوص والأفكار الهرمسية من التيارات العرفانية مع الأفلاطونية المحدثة والأفلوطينية من بقايا التيار الفلسفى اليونانى الذى تدين بالإسكندرية بعد رحلة عقلية شاقة والتوق الى إيمان كما يقول الدكتور نجيب بلدى فى تأريخه للفكر السكندرى آنذاك.
ومع هذا التجاور والاختلاط نشأت علاقة تأثير وتأثر لا تنكر بين كل التيارات السابقة ومع هذا الإختلاط نشأت صراعات هيمنة كان للسياسة فيها دور ملحوظ.
وكان من بين مشاهير الفلسفة فى المدينة ثيون عالم الرياضيات والفيلسوف الذى ترك شروحا لمؤلفات بطليموس اعترف فيه بالدور الذى قامت به هيباتيا Hypatia ابنته فى وضع هذا الكتاب .
غير أن ابنته فاقته فى الشهرة وكثرة التآليف فقد وضعت شروحا لكتاب ( القوانين الملكية) لبطليموس وكتاب (المخروطات) لأبولونيوس وآلت إليها زعامة مدرسة الأفلاطونية المحدثة .
يحدثنا المؤرخ الكنسي سقراط – فيما نقله عنه الدكتور رأفت عبد الحميد- أنها (فاقت كل فلاسفة عصرها وكانت تقدم شروحها وتفسيراتها الفلسفية لمريديها الذين قاموا من مختلف المناطق التى بلغتها شهرة الفيلسوفة السكندرية. وقد بلغ من رباطة جأشها ودماثة خلقها الناشئتين من عقليتها وثقافتها الواسعة أنها كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد وهى بحضرتهم مسلكها المتواضع المهيب الذى كان يميزها عن غيرها، والذى أكسبها احترامهم وتقدير الناس جميعا وإعجابهم وكان والى المدينة أورستوس فى مقدمة هؤلاء الذين يكنون لها كل الاحترام).
ومع تزايد أعداد معجبيها – ومنهم والى المدينة كما ذكرنا- أصبحت تمثل خطرا على جماعة المسيحيين لا سيما مع صراع الأسقف كيرلس – عمود الكنيسة- مع الوالي.
كان صراع المسيحية والوثنية فى أعلى مراحله، ودمر معبد السرابيوم، وتكونت جمعية تعرف ب (محبى الآلام) Philoponai التى كانت مهمتها تبليغ الإدارة الحكومية عن العناصر الوثنية التى تمارس نشاطا فكريا ملحوظا يمكن أن يكون عقبة فى سبيل إقرار سلطان الكنيسة وسيادتها أو انتشار المسيحية بين جماعة المثقفين .
ثم ساءت علاقة الأسقف كيرلس مع اليهود الموجودين بالإسكندرية وسعى لإخراجهم بمساعدة جيش من الرهبان التابعين للكنيسة، بل وتعرض الوالى نفسه للتطاول والإهانات من جانبهم وقذف بالحجارة من جراء تقرير أعده للإمبراطور يصف الفوضى التى عمت المدينة من جراء اشتباك الرهبان مع اليهود، وساد الاعتقاد أن السبب فى العداء بين الوالى والكنيسة هى الفيلسوفة هيباتيا وتأثيرها على الوالى فكان القرار هو التخلص منها.
ترصدت مجموعة من ( محبى اللآلام) لهيباتيا وانتزعوها من عربتها وسحبوها لكنيسة ( قيصرون) وجردوها من ملابسها ورجموها بالحجارة ومثلوا بجثتها وقطعوها إربا وأشعلوا فى جثتها النيران.
يعلق المؤرخ سقراط على هذه الحادثة (ليس هناك شئ أبعد عن الروح المسيحية أكثر من السماح بالمذابح أو الحروب أو أى وحشية من مثل ذاك، وإن هذا العمل لم يلحق الخزى والعار بالأسقف كيرلس فقط بل بالكنيسة السكندرية كلها).
ويضيف المؤرخ جيبون إن أسقف الاسكندرية تمكن من إيقاف سير التحقيقات عن طريق هدايا ومنح واكتفى الامبراطور ثيودوسيوس بقرار يقضى بعدم تواجد الرهبان فى الأماكن العامة.
حادثة هيباتيا لم تكن الأولى ولم تكن الأخيرة كذلك، فالتاريخ مليئ بالحوادث التى استقوى فيها المتعصبين على المفكرين الأحرار، ولعلها ضريبة الحرية لزاما على الأحرار أن يدفعوها عن طيب خاطر..
عندما أفكر مليا فى كتابتك
وفيك أنت
يا هيباتيا المبجلة
عندئذ
أركع لمرأى وطن العذراء المزدان بالنجوم
وهناك فى السماوات أتعرف الى أعمالك
وكلماتك الحقة كنجم ساطع…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.