جيش الاحتلال: هاجمنا مستودعات أسلحة تابعة لحزب الله فى جنوب لبنان    65 دقيقة.. حامد حمدان بصاروخية لا تصد ولا ترد يقلص النتيجة . فلسطين 1-2 تونس    مجلس الزمالك فى اجتماع مفتوح لإنقاذ النادى من أزماته الحالية    لغز اختفاء أسرة من أسيوط في محافظة المنيا.. تفاصيل    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    انخفاض الصويا والذرة المستوردة، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم الخميس    بيان منتصف اليوم الثاني لغرفة العمليات المركزية لحزب المؤتمر    انتخابات النواب 2025، غرفة عمليات "المؤتمر" تصدر بيانا بشأن مخالفات العملية الانتخابية حتى منتصف اليوم    القومي للمرأة ينعي الحاجة سبيلة علي أحمد عجيزة رمز العطاء الوطني    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    محافظ كفر الشيخ ومساعد وزير الخارجية يطلقان مكتب التصديقات الجديد بالغرفة التجارية    اسكواش - ثلاثي مصري يتأهل إلى نصف نهائي هونج كونج المفتوحة    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    هانيا الحمامي تتأهل لنصف نهائي بطولة ميلووكي هونغ كونغ للإسكواش    أوقاف الشرقية تنظّم ندوة توعوية بالمدارس حول توقير كبار السن    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    حفل توزيع جوائز الصحافة المصرية الإثنين 22 ديسمبر    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    نيكول سابا تكشف كواليس أحدث أعمالها «تلج تلج »    دار الإفتاء عن البشعة : ليس لها أصل فى الشرع والتعامل بها حرام ولا يجوز شرعا    مستشار الرئيس للصحة: مستشفى صدر العباسية له الفضل فى خفض حالات الدرن بمصر    صحة شمال سيناء تتعاون مع جامعة شرق بورسعيد الأهلية لتعزيز الرعاية الطبية والتدريب    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    خالد جلال: تكريمي من وزارة الثقافة يمنحي طاقة جديدة لمواصلة مسؤوليتي تجاه الفن والشباب    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    بوتين يؤكد توسيع السيطرة الروسية نحو نوفوراسيا وخاركيف وأوديسا    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    رغم إصابته في أحداث 7 أكتوبر.. نتنياهو يدافع عن قرار تعيين سكرتيره العسكري رئيسا للموساد    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    القاهرة الإخبارية: انتظام التصويت بدائرة الرمل في الإسكندرية.. والشباب يتصدرون    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    الأهلي يتحرك لحسم ملف ديانج رسميًا.. وعرض جديد خلال ساعات    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    "تعليم القاهرة" تدعو الطلاب لضرورة الاستفادة من المنصة اليابانية    لماذا يرتفع ضغط الدم فى الصباح وكيفية التعامل معه؟    خسائر بالملايين| الحماية المدنية تسيطر على حريق بمعرض أجهزة كهربائية بالوراق    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيباتيا.. سيدة الحكمة
نشر في البديل يوم 29 - 08 - 2016

الدين والفلسفة صديقان لدودان يتنازعان حينا، ويتفقان آخر قد يتفلسف التدين فيصبح العقل معضدا للنقل ومدافعا عنه أو شارحا عقلانيا له كما كان ابن رشد ومن قبله فيلون السكندري، وقد تتدين الفلسفة وتصبح دينا تأمليا استنباطيا كما عند أفلوطين المصرى .
ورغم أن علاقة الدين بالفلسفة شهدت توترا فى مراحل عديدة من التاريخ لكن الخلاف ليس ماهويا كما يتصور البعض فالفلسفة ليست نقيضا للدين ولا الدين نقيضا للفلسفة ولكل مجاله، وإن تصادما في حالات كثيرة عبر التاريخ.
ومنها حالة وقعت بالإسكندرية فى القرن الخامس الميلادى مع حكم الرومان واعتبار المسيحية ديانة معترف بها من قبلهم بعد اضطهاد ساد قرونا.
البداية كانت من غزو الإسكندر للشرق فى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد مؤسسا للعصر الهلينستى الذى هو خليط من ثقافة اليونان الهللينية وبين الشرق، وكانت الإسكندرية البوابة الرئيسية التى تربط مصر بالعالم الخارجي، والمركز التجارى العالمى التى تتجمع فيه العناصر الإفريقية والهندية والعربية واليونانية والسورية، كما وفد إليها أبناء الطبقة الأرستقراطية لتلقى التعليم فكانت ملتقى التجار والعلماء والشعراء وأهل الفن وغيرهم، فامتزجت فيها ثقافات عديدة وتيارات فكرية واسعة.
فى الإسكندرية تجاور الوثنيون والمسيحيون واليهود من أصحاب الديانات مع الغنوص والأفكار الهرمسية من التيارات العرفانية مع الأفلاطونية المحدثة والأفلوطينية من بقايا التيار الفلسفى اليونانى الذى تدين بالإسكندرية بعد رحلة عقلية شاقة والتوق الى إيمان كما يقول الدكتور نجيب بلدى فى تأريخه للفكر السكندرى آنذاك.
ومع هذا التجاور والاختلاط نشأت علاقة تأثير وتأثر لا تنكر بين كل التيارات السابقة ومع هذا الإختلاط نشأت صراعات هيمنة كان للسياسة فيها دور ملحوظ.
وكان من بين مشاهير الفلسفة فى المدينة ثيون عالم الرياضيات والفيلسوف الذى ترك شروحا لمؤلفات بطليموس اعترف فيه بالدور الذى قامت به هيباتيا Hypatia ابنته فى وضع هذا الكتاب .
غير أن ابنته فاقته فى الشهرة وكثرة التآليف فقد وضعت شروحا لكتاب ( القوانين الملكية) لبطليموس وكتاب (المخروطات) لأبولونيوس وآلت إليها زعامة مدرسة الأفلاطونية المحدثة .
يحدثنا المؤرخ الكنسي سقراط – فيما نقله عنه الدكتور رأفت عبد الحميد- أنها (فاقت كل فلاسفة عصرها وكانت تقدم شروحها وتفسيراتها الفلسفية لمريديها الذين قاموا من مختلف المناطق التى بلغتها شهرة الفيلسوفة السكندرية. وقد بلغ من رباطة جأشها ودماثة خلقها الناشئتين من عقليتها وثقافتها الواسعة أنها كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد وهى بحضرتهم مسلكها المتواضع المهيب الذى كان يميزها عن غيرها، والذى أكسبها احترامهم وتقدير الناس جميعا وإعجابهم وكان والى المدينة أورستوس فى مقدمة هؤلاء الذين يكنون لها كل الاحترام).
ومع تزايد أعداد معجبيها – ومنهم والى المدينة كما ذكرنا- أصبحت تمثل خطرا على جماعة المسيحيين لا سيما مع صراع الأسقف كيرلس – عمود الكنيسة- مع الوالي.
كان صراع المسيحية والوثنية فى أعلى مراحله، ودمر معبد السرابيوم، وتكونت جمعية تعرف ب (محبى الآلام) Philoponai التى كانت مهمتها تبليغ الإدارة الحكومية عن العناصر الوثنية التى تمارس نشاطا فكريا ملحوظا يمكن أن يكون عقبة فى سبيل إقرار سلطان الكنيسة وسيادتها أو انتشار المسيحية بين جماعة المثقفين .
ثم ساءت علاقة الأسقف كيرلس مع اليهود الموجودين بالإسكندرية وسعى لإخراجهم بمساعدة جيش من الرهبان التابعين للكنيسة، بل وتعرض الوالى نفسه للتطاول والإهانات من جانبهم وقذف بالحجارة من جراء تقرير أعده للإمبراطور يصف الفوضى التى عمت المدينة من جراء اشتباك الرهبان مع اليهود، وساد الاعتقاد أن السبب فى العداء بين الوالى والكنيسة هى الفيلسوفة هيباتيا وتأثيرها على الوالى فكان القرار هو التخلص منها.
ترصدت مجموعة من ( محبى اللآلام) لهيباتيا وانتزعوها من عربتها وسحبوها لكنيسة ( قيصرون) وجردوها من ملابسها ورجموها بالحجارة ومثلوا بجثتها وقطعوها إربا وأشعلوا فى جثتها النيران.
يعلق المؤرخ سقراط على هذه الحادثة (ليس هناك شئ أبعد عن الروح المسيحية أكثر من السماح بالمذابح أو الحروب أو أى وحشية من مثل ذاك، وإن هذا العمل لم يلحق الخزى والعار بالأسقف كيرلس فقط بل بالكنيسة السكندرية كلها).
ويضيف المؤرخ جيبون إن أسقف الاسكندرية تمكن من إيقاف سير التحقيقات عن طريق هدايا ومنح واكتفى الامبراطور ثيودوسيوس بقرار يقضى بعدم تواجد الرهبان فى الأماكن العامة.
حادثة هيباتيا لم تكن الأولى ولم تكن الأخيرة كذلك، فالتاريخ مليئ بالحوادث التى استقوى فيها المتعصبين على المفكرين الأحرار، ولعلها ضريبة الحرية لزاما على الأحرار أن يدفعوها عن طيب خاطر..
عندما أفكر مليا فى كتابتك
وفيك أنت
يا هيباتيا المبجلة
عندئذ
أركع لمرأى وطن العذراء المزدان بالنجوم
وهناك فى السماوات أتعرف الى أعمالك
وكلماتك الحقة كنجم ساطع…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.