أود فى هذا المقال أن القى الضوء على جانب مهم فى النشاط الفكرى للفيلسوف المعاصر ، الدكتور مراد وهبه . فهو بجانب كونه أكبر وأبرز أساتذة الفلسفة فى مصر، فإنه فى نفس الوقت، أستاذ متعمق فى العلوم السياسية، وأفضل قارئ للأحداث السياسية ، فى الماضى والحاضر، كما أنه يحاول بأفكاره التنويرية، أن يوجه الأحداث السياسية فى المستقبل، نحو الأفضل . وأنا أتابع المقالات التى ينشرها وأحتفظ بها كلها فى ملف خاص. ويكفى أن أشير هنا، إلى مقالين فى غاية الأهمية، الأول عن عصابة الإخوان الأصولية، التى كانت تعيش فى البيت الأبيض، حول الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، وربما تحت قيادته، والتى كانت تخطط لنشر الفوضى فى الشرق الأوسط ، تمهيداً لتمكين الإخوان من حكم هذه المنطقة كلها. وقد كادت تنجح فى ذلك، كما نعلم جميعا. أما المقال الثانى المهم، فهو عن الرئيس عبد الفتاح السيسى. وقد وصفه الدكتور مراد وهبه بأنه بطل قومى، لأنه نجح فى إفشال هذا المخطط الشرير، اعتماداً على ثورة شعبية لم يسبق لها مثيل فى تاريخ البشرية، حيث خرج أكثر من ثلاثين مليون مصرى يطالبون باسقاط حكم المرشد. وقام الجيش بالاستجابة لمطالب الشعب فى ثورته الهائلة فى 30 يونيو. وأنا أضيف إلى ذلك، أن البطولة الحقيقية للرئيس عبد الفتاح السيسى، ظهرت وتجلت فى الأشهر الستة السابقة على 30 يونيو عندما كان وزيراً للدفاع. وبعد ثورة 30 يونيو، فقد أصبح الأمر أسهل بكثير، بعد أن ثار الشعب كله ضد حكم المرشد. وقد يسأل أحد البسطاء لماذا ينزل الدكتور مراد وهبه من برجه العاجى الذى يعيش فيه الفلاسفة، إلى أرض الواقع ليتحدث عن أوباما والسيسى، والإخوان .. إلخ ؟ وللرد على هذا السؤال نقول، إن الدكتور مراد وهبه مثل كل الفلاسفة، لا يعيش فى برج عاجى، بل يعيش فى الواقع بعقلية الفيلسوف، ولا يوجد فيلسوف يستحق هذا الاسم، لا يعيش فى الواقع. ولا يوجد فيلسوف يستحق هذا الاسم، لم يكتب فى السياسية والقانون. وبجانب التحليل السياسى المتعمق للدكتور مراد وهبة، فهو يحاول أيضا تحريك الأحداث، وصنع التاريخ، عن طريق الدفاع عن الإنسان العاقل المفكر، وعن طريق نشر ثقافة التنوير، من أجل مجتمع أفضل، يحكمه العقل المستقيم. وهو وإن كان يرجع كثيراً إلى الفيلسوف العربى المسلم، ابن رشد فى دفاعه عن تأويل النصوص، بما يتفق مع العقل، إلا أنه يستشهد أيضاً بالفيلسوف الألمانى كانت الذى يرى أن الإنسان الذى يعيش فى العالم الحسى، يخضع لنفس الإنسان الذى يعيش فى العالم العقلى، فيما يصدره من أوامر أخلاقية مطلقة ، تحقق سلطان إرادة الإنسان وتحفظ له كرامته، فى أن تكون مبادئ الأخلاق علمانية، حسب تعبير كانت نفسه دون حاجة إلى الرجوع إلى النصوص الدينية وتأويلها بما يتفق مع العقل، حسب ابن رشد . والرجوع إلى ابن رشد هو رجوع إلى شاهد من أهلنا، أما الرجوع إلى العقل الخالص عند كانت، فهو الهدف الأسمى، وهو كلمة السر فى تقدم الدول الغربية، ومن سار على نهجها من الدول الأسيوية. والدكتور مراد وهبة الفيلسوف والسياسى يتابع مسيرة الفلاسفة العظام أنصار العقل: أرسطو وكانت وديكارت وجون لوك وغيرهم، فى فهم الواقع وصنع التاريخ وتحريك المجتمع نحو الأفضل. لمزيد من مقالات د.سميرتناغو;