لا شك أن لجمعيات حقوق الإنسان دورا إنسانيا عندما تكون عادلة ومحايدة، ولكن المؤسف أنها غالبا ما تقصر مطالبها ودفاعها علي حقوق الإنسان المتهم، وتتغافل عن حقوق الإنسان المجني عليه حتي عندما تكون واضحة قاطعة، فلا تنادي بسرعة إعطائها المجني عليه والقصاص من الجاني إلا إذا كان الجاني من رجال السلطة، ويجب أن تكون القاعدة عامة ومحايدة فتطالب بالعدالة وسرعة القصاص دون تراخ بغض النظر عن شخص الجاني أو المجني عليه، وهناك حالات لا لبس فيها حيال إجرام الجاني وإدانته كحالة التلبس التي تنص عليها المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية: «تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة قصيرة، وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا تتبع المجني عليه مرتكبها أو تتبعه العامة مع الصياح إثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا معه آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخري يستدل منها علي أنه فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك»، والأمثلة الصارخة التي تنطبق عليها هذه المادة ما يلي: حادث البدرشين الذي استشهد فيه خمسة من رجال الشرطة وقد تم تصوير الجريمة بأكثر من كاميرا مراقبة بكل وضوح، ومن السهل مع التكبير والتجسيم علي مزيد من الملامح أن تتضح شخصياتهم، خصوصا مع وجود العديد من شهود الرؤية. جريمة الغردقة، حيث ضبط المتهم متلبسا بكل فُجر ووقاحة ومضافا إلي حالة التلبس عنصر العمد وسبق الإصرار، ويتمثل ذلك في أن الإرهابي القاتل اشتري السكين المستخدمة في الحادث قبل دخوله القرية السياحية، ثم اشتري تذكرة بمائة جنيه ثمنا لدخول القرية السياحية، ثم بعد أن انساب إلي جوار الضحيتين وتجاذب الحديث معهما انقض عليهما طعنا ليقضي عليهما دون أي ذنب أو جريرة غير الحقد والكراهية ليس للضحيتين، بل لمصر وشعبها واقتصادها وأمنها، فالطعنات كانت موجهة لهم وهم المقصودون بها أكثر من الضحيتين، ولا يستطيع هذا المجرم أن يدعي الجنون، فالأفعال السابقة علي القتل، ثم الأفعال التالية له من محاولة الهروب وإلقاء السكين، وحافظة نقوده وبها إثبات شخصيته، وكذا الموبايل الخاص به في ماء البحر دليل علي أنه بكامل قواه العقلية. حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، وحالة التلبس مسجلة بالصوت والصورة، وشهادة الشهود قاطعة علي حقارة هذا الإرهابي الذي جاء قاصدا حضانة ملائكة أبرياء، ولولا يقظة وشجاعة رجل أمن باب الكنيسة المواطن المصري مينا، لكنا أمام مأساة بشعة. في الحوادث الثلاث حالة التلبس قاطعة، وأدلة الإدانة مؤكدة، وفي الجريمتين الأخيرتين فإن المتهمين في قبضة السلطة، فلماذا لم تطالب جمعيات حقوق الإنسان دفاعا عن حقوق الضحايا بإحالتهما إلي محكمة عسكرية عاجلة لإعطاء العبرة لكل من في قلبه مرض، ولأن التراخي في الحساب وتوقيع العقاب يميت الإحساس ببشاعة الجريمة، ويفقد العقوبة قوتها الرادعة.. لابد من إجراء حاسم وكفي مدعي حقوق الإنسان كلاما!. لواء محمد مطر عبدالخالق مدير أمن شمال سيناء سابقا