أدلي المستشار ماهر سامي، نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق، بحديث مهم إلي صحيفة الأهرام أجرته الزميلة كريمة عبدالغني، تناول فيه العديد من الموضوعات المهمة، والتي أصبحت ومازالت مثار جدل وحوار علي الساحةالمصرية. أبرز ما تضمنه الحوار تبرئة ساحة المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة الأسبق، من الاتهامات التي ظلت تلاحقه وتحمله المسئولية عن وصول جماعة الإخوان إلي السلطة في مصر، وتمكين محمد مرسي من الفوز بمقعد رئاسة الجمهورية. قال المستشار ماهر سامي حرفيًا »يمكنني القول وفق ما توافر لي من معلومات دون ادعاء أنني أملك يقينًا بها بأن نتائج الانتخابات الرئاسية لم يعرفها المشير طنطاوي إلا لحظة إذاعة بيان المستشار فاروق سلطان عبروسائل الإعلام«. لم يكن كلام المستشار ماهر سامي من فراغ، لأنه كان واحدًا من المعنيين والمتابعين للانتخابات الرئاسية في ذلك الوقت، وكان وثيق الصلة باللجنةالعليا المشرفة علي الانتخابات، والتي كان يترأسها المستشار فؤاد سلطان، رئيس المحكمة الدستورية العليا. إن وقائع التاريخ والأحداث التي شهدتها تلك الفترة تؤكد بالفعل مصداقيةهذا القول، وتكشف زيف الادعاءات التي روج لها البعض من أن المشير حسين طنطاوي تدخل في تعديل نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح محمد مرسي، حرصا علي أمن البلاد وخوفا من تفجر الأوضاع في ضوء المعلومات التي أكدت استعداد الإخوان لإشعال الحرب في طول البلاد وعرضها في حال فوز أحمد شفيق. بالقطع لم يكن هذا الكلام صحيحًا جملة وتفصيلًا، والقارئ لأحداث الجولة الانتخابية الثانية وما شهدته في تلك الفترة، يدرك عن يقين إن المشير طنطاوي وأعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة، علموا بالنتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية مع جميع المواطنين عند إعلانها. لقد مضي اليوم الأول (السبت 16 يونيو 2012) ولم تسجل سوي بعض التجاوزاتالبسيطة، ولكن في صباح اليوم التالي، وصلت معلومات إلي اللجنة الانتخابيةالرئاسية تفيد بوجود تجاوزات صارخة في بعض اللجان في عدد من المحافظات، وأدلي المستشار حاتم بجاتو، الأمين العام للجنة الانتخابية، بتصريحات حول هذه المخالفات. في الوقت نفسه كانت قد تسربت إلي المجلس العسكري معلومات تفيدبطباعة نحو مليون و800 ألف بطاقة انتخابية جري تزويدها لصالح المرشحمحمد مرسي، كما وصلت إلي المجلس معلومات تفيد بمنع الناخبين الأقباط في محافظتي المنيا وقنا من التصويت، بعد أن تلقوا تهديدات من عناصر تنتمي إلي جماعة الإخوان، إضافة إلي دخول شحنات حبر سري. وأمام هذه التقارير وتصريحات المستشار حاتم بجاتو تدارس أعضاء المجلس العسكري المصغر هذه المعلومات، فطلب المشير طنطاوي من الفريق سامي عنان الاتصال بالمستشارين فاروق سلطان وحاتم بجاتو لمعرفة حقيقة ما يحدث، وقام الفريق عنان بفتح »اسبيكر« التليفون الأرضي الموجود في القاعة، وأبلغ الفريق سامي عنان المستشار فاروق سلطان بالمعلومات المتوافرة لدي المجلس العسكري، وقال له هناك توافق في المعلومات التي لدينا، والمعلومات التي صرح بها المستشار بجاتو عن التزوير، وأنا أبلغك باسم المشير طنطاوي وأعضاء المجلس العسكري »إذا قررتم إلغاء جولة الانتخابات الرئاسية وإعادتها مرة أخري وفق شروط جديدةتضمن نزاهتها، فنحن ليس لدينا مانع«. هنا قال المستشار فاروق سلطان: »إن كل ما لدينا من معلومات لا يتجاوز ماذكره المستشار بجاتو، وأن البطاقات الانتخابية التي تم ضبطها لا تزيد عليألفي بطاقة، وهو أمر لن يؤثر علي نتيجة الانتخابات ونحن من جانبنا سنرصدبقية التجاوزات ونرسلها إلي الجهات الأمنية والرقابية للتحقيق، وسنلغي أيلجنة انتخابية تثبت فيها هذه التجاوزات«. استمع المشير طنطاوي إلي المكالمة في حضور الجميع، وأشار بيده للفريقعنان معتبرًا أن الأمر قد انتهي عند هذا الحد، وارتضي بتفسير رئيس اللجنةللأمور وأغلق الملف. إنني لن أسرد وقائع ما جري داخل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، فقدتحدث المستشار ماهر سامي عن بعض هذه الحقائق، ولكن الأمر المهم بالقطع هوموقف المشير طنطاوي والمجلس العسكري، وهل كانوا فعلًا سببًا في وصولالإخوان للحكم؟ وبعد ثلاثة أيام من إعلان فوز مرسي بمنصب الرئيس، وتحديدا يوم 27 يونيو 2012 التقيت بالفريق سامي عنان، كان سؤالي ماذا جري؟ وكيف وصل محمد مرسي إلي الحكم؟ هنا أكد الفريق سامي أنه لم يكن يعلم إطلاقًا لا هو ولا المشير ولا آى من أعضاء المجلس الأعلي بنتيجة الانتخابات الرئاسية حتي تم إعلانها». قلت للفريق: ولكن هناك من يقول «إن مسئولًا كبيرًا أبلغ الفريق أحمد شفيق بفوزه في الانتخابات، وهنأه في وقت مبكر من صباح الأحد، أي يوم إعلانالنتيجة«، فقال الفريق «لا تصدق ذلك لا أحد كان يعلم شيئًا، ولا أحدتجرأ وسأل لجنة الانتخابات لأنهم ببساطة كانوا سيرفضون أي تدخل من كائن مهما كان». لقد كان المشير صادقًا في كل كلمة أدلي بها حول هذا الموضوع، وأكد خلالها أنه لم يكن يعلم شيئًا، وأنه حتي لم يسع لمعرفة نتيجة الانتخابات، ليس فقط وفاء بالعهدالذي قطعه علي نفسه، ولكن أيضًا لأنه كان يعلم أن الاتصال بالقضاة يعدتدخلًا لا يمكن السكوت عليه أو الصمت أمامه. إذن هذا هو المشير طنطاوي، الرجل الذي وعد فأوفي.. لقد كان صادقًا، عندما أجري الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد، وكان ملتزمًا بالموعد الذي قطعه علي نفسه، بتسليم السلطة إلي رئيس منتخب في الثلاثين من يونيو، ورفض بكل قوة المحاولات التي سعت إلي دفعه هو أو اى من أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة للترشح في الانتخابات الرئاسية، وتحمل كما قال الرئيس السيسي »ما تنوء عن حمله الجبال«. لقد رفض المشير الرد علي هذه الاتهامات الكاذبة، ظل ملتزمًا الصمت، وها هي الأيام تمضي، وتكتشف الحقائق، الواحدة تلو الأخري، وبالقطع سيأتي يوم يعرف فيه الجميع، كيف استطاع المشير دحر المؤامرة وإنقاذ مصر من شرورها. لمزيد من مقالات مصطفى بكرى;