انتبهت الدولة أخيرا إلى ضرورة الاستثمار فى منطقة المثلث الذهبي، التى نرجو أن تكون بداية الطريق لاستثمارات أكبر فى قطاع التعدين، خاصة أن المنطقة تزخر بما يزيد على 120 موقعا للذهب لايستغل منها سوى منجم السكري، هذا بخلاف معادن الفوسفات والرخام والرمال البيضاء، والتى بإمكانها أن تدر ملايين الدولارات للاقتصاد، إذا تم استغلالها بدلا من تبديد هذه الثروات عبر تصديرها خاما للدول المستوردة بمبالغ زهيدة، أو تركها عرضة للنبش العشوائى من قبل أصحاب المحاجر.. نستعرض فى هذا التحقيق تقديرا حقيقيا للثروات التعدينية فى منطقة الصحراء الشرقية وأطروحات لاستغلالها. يؤكد الدكتور محمود حنفى الأستاذ بجامعة قناة السويس وأحد الذين قدموا دراسة اقتصادية وعلمية لمحافظة البحر الأحمر ومجلس الوزراء من قبل حول ضرورة توجه أجهزة الدولة لتنويع الانشطة الاقتصادية بدائرة محافظة البحر الأحمر من خلال استغلال المقومات الطبيعية الموجودة فى ممر التنمية الشاملة بمناطق الصعيد لإقامة عدة مراكز صناعية عملاقة، لأنها تحتوى على مخزون إستراتيجى هائل من الخامات المحجرية، وعلى رأسها الرخام من أجود نوعياته على مستوى العالم والذى يتركز بشكل كبير بمنطقة تسمى (خشم الرقبة) التى تعد عاصمة لخامات الرخام فى مصر، أضف إليها جبال الرمال البيضاء التى تدخل فى مختلف صناعات الزجاج والكريستال وخامات الجبس الأبيض الذى يدخل فى صناعات الأسمدة، وخامات الألمونيت والكوارتز والفلسيبارر واليورانيوم والذهب وحمض الفوسفوريك، ولكن هذه الثروات مازالت بعيدة عن الاهتمام الحقيقى المتمثل فى ضرورة إقامة صناعات تستغل خاماتها وتحولها لمنتجات جاهزة ذات عائد إقتصادى كبير بدلاً من نبشها بمعرفة أصحاب المحاجر بتلك المناطق وتصديرها كخامات أولية بما يهدر قيمتها الاقتصادية والاجتماعية، كما هو الحال بالنسبة لخامات الرخام التى تنقل ككتل ضخمة لتصدر للصين وغيرها بأسعار زهيدة وقد تعاد لنا مصنعة بأضعاف القيمة التى بيعت بها، كما يتم نقل جزء كبير منها لمنطقة شق الثعبان بحلوان لتصنيعها هناك بما يزيد من تكلفة النقل ويعوق الحركة المرورية. منطقة صناعية ويضيف حنفى، أنه من الضرورى إقامة منطقة صناعية فى مدينة رأس غارب صاحبة نصيب الأسد فى إنتاج مصر من البترول والغاز، حيث تتطلب تلك الصناعة إقامة ظهير تصنيعى حولها يستفيد من مشتقاتها مثل مصانع البتروكيماويات والزيوت، كما أن صناعة البترول تستورد جميع احتياجاتها، بما فيها ملابس العمال وغيرها من معدات العمل المطلوبة من الخارج، أو تجلبها من محافظات أخري، مما يتطلب إنشاء بعض المصانع التى توفر لها تلك الاحتياجات بالقرب من مواقع الإنتاج. ممر تنموي ويشير حنفى إلى أن دراسته تحدثت عن إقامة أكثر من مركز صناعى بنطاق مدينة القصير ومرسى علم وشلاتين وحلايب، والأخيرتان فى أشد الحاجة لإقامة تكامل تجارى يخدم حركة التجارة البينية مع دولة السودان الشaقيق وإقامة مركز تجارى وصناعى بالغردقة للتخديم على قطاع السياحة الموجود بها وتوفير احتياجاته. مضيفا أنه لتحقيق ممر التنمية المشار إليه لابد من تحقيق عدة مقومات أولها إنشاء طريق أوسط يخترق المنطقة الصحراوية من الشمال للجنوب، ليمر بمناطق تمركز الخامات وضرورة تطوير الطرق التى تقوم بمهمة ربط محافظات الصعيد بالساحل وإعادة تطوير واستغلال خط سكة حديد أبو طرطور المتوقف. أول خريطة تعدينية ويقول الدكتور جيولوجى أبو الحجاج نصير عضو اللجنة الفنية لمشروع المثلث الذهبى إن مشروع المثلث الذهبى الذى نال اهتمام الحكومة أخيراً تمهيداً لاستغلال ثرواته الطبيعية التى تقدر بالمليارات والذى يتربع على آلاف الأفدنة الممتدة مابين مدينة القصير وسفاجا بنطاق محافظة البحر الأحمر شمالاً وقنا وسوهاج جنوباً، يجب أن يكون النواة الأولى لممر التنمية الشاملة بالصحراء الشرقية، ويطالب الحكومة بإسراع الخطى لتنفيذ هذا المشروع وبضرورة توجه الدولة لإنشاء منطقة صناعية أخرى فى المنطقة المنحصرة بين برانيس وأسوان، حيث تتوافر أيضاً جميع أنواع الجرانيت الأحمر والأسود والرمادى إلى جانب خامات أكاسيد الحديد والحجر الرملى والتلك والقصدير والفليسبار وغيره. إحياء نشاط الفوسفات بينما يطالب محمد عبده حمدان عضو مجلس محلى محافظة البحر الأحمر سابقا بضرورة أن يشمل مشروع المثلث الذهبي إحياء نشاط الفوسفات مرة أخرى خاصة بمناجم أم الحويطات والبيضا والحمراوين وأم تندب، فهذه المناجم زاخرة بثرواتها الهائلة التى تمكنها من إنتاج ملايين الأطنان من خامات الفوسفات والخامات ومن ثم إقامة مصانع عديدة للأسمدة، كما أن بواطن تلك المناجم تحتوى على ملايين الأطنان من خامات الطفلة الزيتية التى يمكن استغلالها فى توليد الكهرباء. 120 موقعاً للذهب ونظراً لأن الصحراء الشرقية هى أغنى مناطق مصر من حيث خامات الذهب، يتساءل عصمت الراجحى مدير عام العلاقات العامة بمصنع الذهب بمنجم السكرى بمرسى علم: إلى متى سيظل منجم السكرى هو الوحيد الذى يعمل بالمنطقة فى الوقت الذى تحتوى فيه الصحراء الشرقية خاصة فى القطاع الجنوبى لها على 120 موقعاً للذهب معروفة وموثقة ومكتشفة بخلاف ما هو غير معروف ؟ فلماذا لا تقوم الأجهزة الحكومية المختصة بقطاع التعدين بإجراء دراسات لإعادة اكتشاف تلك المواقع وإضافة الجديد لها وتحديث احتياطياته، لكن هذا يتطلب وجود قانون تعدينى شفاف وواضح يضمن حق الدولة وحق المستثمر الذى يعمل فى هذا القطاع فى آن واحد. مزايدات كبري وأكد اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر، أن الدولة لاتفرط فى ثرواتها وهناك توجه كبير لإنشاء مدينة عالمية للذهب بين الشلاتين وحلايب تتضمن بورصة لتداول الإنتاج ومعرضا لمنتجاته، وبدأت الأجهزة المختصة فى إجراءات لتقنين أوضاع المنقبين عن الخامات بطرق غير شرعية لحمايتهم من جانب، ومن جانب آخر للحفاظ على هذه الثروة المهمة وحقوق الدولة، كما يجرى تفعيل آليات شركة الشلاتين للذهب والثروة المعدنية التى تتولى التعامل مع هؤلاء المنقبين، كما تم طرح مزايدات كبرى من قبل الأجهزة المختصة أمام الشركات المتخصصة فى التنقيب عن الذهب واستخراجه وخلال الفترة الأخيرة فقط خصصت الدولة مليارا و300 مليون جنيه لتنمية المرافق الخدمية بالشلاتين وحلايب والقرى التابعة لهما وهو ما لم يحدث منذ سنوات عديدة مضت وذلك من أجل تحقيق هدف رئيسى وهو تهيئة مثلث الجنوب لاستقبال الاستثمارات المختلفة التى يمكن توجيهها لإاستغلال ثروات هذه المنطقة السياحية والزراعية والتعدينية والحيوانية والسمكية.