وسط تلاحق الأحداث والتضحيات الجسام لم يتوقف الكثيرون بالقدر الكافى لتحركات ومواقف ذات دلالات استفزازية صدرت فى ذات التوقيت من تل أبيب والدوحة فوسائل الإعلام العبرية التى تتحدث عن الإرهابيين المرتزقة التكفيريين المختفين بين المدنيين فى البؤرة الساخنة بين العريش ورفح فتصفهم على أنهم «نشطاء» تارة، و«مقاتلون» تارة! باتت قدوة ومثلا لشبكة الجزيرة القطرية فوصفتهم هى أيضا فى تقرير نشرته على مواقعها الرسمية بأنهم «مقاتلون»، والأنكى أن صاحب «العلم الأزرق» (إسرائيل) اختار أن يكشف عن تفاصيل غير مسبوقة بشأن سفينة حربية إسرائيلية تمر فى مضيق تيران قبل عودة السيادة على جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، وفى توقيت متزامن كشف صاحب «العلم العنابى» (قطر) عن خرائط تُظهر محافظة شمال سيناء خارج مصر، وهو مخطط صهيونى قديم جديد. فى البداية يجب أن نكرر مجددا أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية على الإعلام تأسست منذ قيام إسرائيل وتعمل بكل صرامة حتى يومنا هذا مما يعنى أن الرسائل التى مررها صاحب العلم الأزرق من خلال تقرير يديعوت أحرونوت عن السفينة الحربية متعمدة وليست زلة لسان، فالقطعة البحرية «إيلات» (على اسم المدمرة الشهيرة التى أغرقتها مصر قرب سواحل بورسعيد منذ نصف قرن) سمحت لمراسل عسكرى صاحب خبرة طويلة بمرافقة رحلة انطلقت من ميناء إيلات بهدف «الدوران حول أرض داعش» حسبما ورد فى التقرير!! وكأن التكفيريين المرتزقة الجبناء يختبئون كالجرذان فى مساحة كبيرة من شبه جزيرة سيناء. التقرير الإسرائيلى تم نشره مدعوما بفيديو بيّن وجود مروحية على سطح السفينة الحربية، وأظهر مرور السفينة على مقربة من الحدود الأردنية والسعودية أيضا، وأوضح أن مرور السفن الإسرائيلية يتم أربع مرات تقريبا كل عام. التقرير الأزرق الذى تحدث خلال مرور السفينة فى قناة السويس الجديدة بطول 72 كم عن إحباط من جراء توسعة القناة التى قضت على بقايا خط بارليف، تجاهل حقيقة وجود كتائب مدرعة ومقاتلات ومروحيات تحارب الإرهاب فى كل مكان فى سيناء، وتحدث عن «سور ومدينة جديدة يشيدها السيسى»، وتجاهل حقيقة أن المتطرفين لا توجد لهم فى جنوبسيناء أو حتى وسط سيناء بعد تطهير جبل الحلال وتحويله لمزار مفتوح أمام المحطات الفضائية المصرية.. ناهيك عن أن داعش فى الأساس لا تستهدف إسرائيل وقد أعلنت ذلك مرارا وتكرارا ووجود الدواعش والجيش الإسرائيلى فى نقاط تماس فى الجولان دون وقوع أى اشتباك ولو بالخطأ. فما الهدف من الترويج إعلاميا لأكذوبة أن سيناء تبدو خارج السيطرة سوى فتح المجال للسياحة فى إيلات وليس فى جنوبسيناء، وتخويف المستثمرين، وأخيرا وهذا هو الأخطر ويتم بالتنسيق مع الدوحة فتح المجال لحديث مجددا عن تبادل أراض! الدور العنابى فى اللوحة تجلى بنشر يديعوت أحرونوت لخريطة لسيناء بدون حدود دولية لا مع إسرائيل ولا غزة، ونشر الجزيرة فى نفس اليوم (الجمعة 7 يوليو) لخريطة تم تحديد شمال سيناء فيها بنفس لون الضفة الغربيةالمحتلة وليس بلون مصر، وقد كتب فوقها «سيناء»، بينما ظهرت محافظة جنوبسيناء بلون مختلف وقد كتب عليها «مصر» ثم تراجع قناة الجزيرة بعد ساعات وحذفت الخريطة والخبر الذى كان قد وصف الإرهابيين التكفيريين المرتزقة ب «المقاتلين» !! رهانات «الأزرق»، و«العنابى» الخاسرة سعت لإثارة البلبلة فى توقيت دقيق على أمل شق الصف المصرى وكسر إرادته، ولمساندة رشى قطرية لمسئولين فى الغرب بغية قتل الوقت، وترك القوات التركية فى قطر، واستمرار التعاون العلنى مع شركة الطيران الإسرائيلية «أرقيع»، والعبث فى أفريقيا، والتنسيق الإعلامى الكامل بين الجانبين والذى تجلى فى استضافة نيتانياهو مرتين مطولتين فى الجزيرة ودون مقاطعات، وكذلك استضافات دورية للمتحدثين باسمه وباسم المتطرفين وبالطبع استضافة المتحدثين الرسمين باسم جيش الاحتلال.. ورد نيتانياهو الجميل باستمرار عمل الجزيرة فى إسرائيل دون مضايقات رغم إغلاقها فى 10 دول عربية. سياسات العنابى العدائية لمصر تتضح كذلك من سلوك فلسطينيين يعملون فى قناة الجزيرة القطرية والذين يتحدثون بكل تهذب مع عتاة المتطرفين الصهاينة ويتيحون لهم الحديث من شاشة الجزيرة بأريحية بينما يتجاوزون فى حق مصر والدول العربية. الخلاصة هى أنه مقابل الحماقات والاستفزازات باتت جميع السيناريوهات مفتوحة، مما يستوجب الانتباه، والاحتجاج القانونى والرفض، مع تأكيد أن المطالب والشواغل إزاء قطر ومن يحركها ثابتة ترتكز على قاعدة «كف الأذى» وعدم دعم الإرهاب والتطرف وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لمصر وبقية الدول العربية، وبالتالى الكف عن محاولات ضرب استقرار المنطقة. لمزيد من مقالات د. أحمد فؤاد أنور;