لأن الأسرة في الإسلام مؤسسة مهمة، بل هي الأهم في بناء المجتمع، وأي مؤسسة لابد لها من قيادة حكيمة وراشدة, وقد أوكل الله هذه المهمة للرجل على أن يكون جديرا بها, والقوامة رعاية ومسئولية واحتواء, فالرجل مسئول أن يقوم على رعاية زوجته وحمايتها من قسوة الحياة وتقلبات الظروف وطمع الطامعين, وهذا أمر تتطلبه الفطرة عند الرجل السوي وأيضا عند المرأة السوية. ويوضح الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن هناك خللا كبيرا في فهم الأزواج لمعنى القوامة , فالكثيرون ربما يعتبرونها نوعا من السيادة والتسلط والتحكم في المرأة, وبالتالي يتوقعون منها طاعة عمياء وخضوعا مطلقا لكل مايراه أو يريده الرجل, ويترتب على ذلك إلغاء شخصية المرأة وإرادتها وخياراتها ثم تحريكها كدمية أو استعمالها لتحقيق سعادة وراحة الرجل كما يرى هو دون اعتبار لاحتياجاتها ولكونها إنسانة مكتملة لها عقلها وإرادتها واختياراتها. وقد يقوم الرجل في هذه الحالة بانتقاء النصوص الدينية (حتى ولو كانت ضعيفة) لكي يضمن بها خضوع الزوجة واستسلامها لإرادته على أن ذلك واجب ديني عليها, ويخفي النصوص الصحيحة التي تؤكد احترام المرأة ومشاركتها الرأي والمشورة وإعطاءها كافة حقوقها المادية والمعنوية, ومن هذه الحقوق حقها في الرأي والوجود بجانب الرجل. وعلى الجانب الآخر قد نرى تمردا من بعض النساء على مفهوم القوامة فتأخذ موقفا تنافسيا تجاه زوجها وتدخل معه في حرب إرادات وفي صراع, وهنا تختفي معاني السكن والمودة والرحمة وتسود مشاعر الغضب والحنق والشحناء, وللأسف هذا ما تتنادى به الكثيرات من المطالبات بتحرير المرأة وتمكينها فيخلطن بين المساواة بين الجنسين (وهو أمر مرغوب ومشروع) وبين التساوي بينهما (على الرغم من الاختلافات في الطبيعة والدور). والقوامة وردت في القرآن الكريم مشروطة: “ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم”, فلابد أن يكون الرجل جديرا بشروط القوامة كما وصف القرآن الكريم، فلا يتصور رجل أن تكون زوجته أكثر نضجا وذكاء, وأنها هي التي تعمل وتنفق على البيت والأولاد وتعطيه مصروفه الشخصي ثم يطلب القوامة عليها, لأنه في هذه الحالة قد فقد مقومات وحيثيات القوامة. ومنح القوامة للرجل لا يعني سلب المرأة بعضا من حقوقها المادية أو المعنوية، فالقوامة تكليف للرجل وليست تشريفا أو تفضيلا. فالرجل قيم علي بيته وأولاده، مسئول عن توجيههم وتقويمهم، والوفاء باحتياجاتهم ومطالبهم بحسب طاقته. وأن يكون قدوة حسنة لهم بسلوكه وتصرفاته، لا أن يصدر تعليمات وأوامر فوقية يتناقض معها سلوكه.