ما معني قوامة الرجل علي المرأة في الإسلام؟ وهل تلك القوامة تفضيل من المولي عز وجل للرجل علي المرأة؟ وهل يمكن أن تكون الشراكة بديلا عن القوامة في الأسرة ؟ أسئلة مهمة تشغل بال القوارير نحاول الإجابة عليها. وبداية نوضح معني القوامةكما يشرحها د. محمد الشحات الجندي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية..فالقوامة هي ولاية شرعية تعتمد علي التوجيه والرعاية والمسئولية من جانب من له حق ممارسة هذه القوامة وهو الزوج علي الزوجة, ولا تتضمن الولاية التحكم أو التعسف من جانب الزوج علي الزوجة, وإنما تفسير القوامة في ضوء منظومة النصوص التي تحدد العلاقة بين الرجل والمرأة وتستهدف صالح الأسرة كوحدة أساسية في المجتمع. وعن طريق هذه الوحدة المتماسكة يتحقق صالح المجتمع ككل في اطار من التوازن بين الحقوق والواجبات بين الطرفين. لذلك فإن النص القرآني إنما قرر القوامة للرجل علي أساس قيامه بواجباته الأسرية من نفقة وكافة متطلبات الحياة. وهذا ما يلاحظ في قوله تعاليالرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم. فالمقصد اذن هو القدرة علي القيام بالمسئوليات والحرص علي تحقيق مقاصد الإسلام من تقرير نظام الزواج كنموذج للعلاقة الرشيدة والمشروعة بين الرجل والمرأة.وعلي ذلك فإن هذه القوامة ينبغي أن يمارسها الرجل لا باعتبارأنه السيد الذي ينبغي أن يطاع فلا يعصي, وأن تفهمها المرأة علي أنها يجب أن تذعن وتخضع للرجل في كل الأمور, فهذا ليس مقصودا من القوامة بدليل قوله تعالي لا تضار والدة بولدها ولا مولود بولده..إلي قوله تعالي: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما.(سورة البقرة), وفي ضوء قوله صلي الله عليه وسلم:خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله. ويعني ذلك أن دستور الأسرة الذي يخضع له كل من الرجل والمرأة يقوم علي التزام كل منهما بالواجبات المفروضة عليهما وألا يخل احدهما بهذه الواجبات والتي منشأها صلاحية الرجل وقدرته علي القيام بواجباته في الإنفاق والرعاية,وقدرة المرأة وأهليتها في رعاية الأبناء وحفظ كيان الأسرة في اطار من التشاور وتبادل الرأي بينهما دون ان يفرض أحدهما علي الآخر رأيه إلا ما كانت تقتضيه مصلحة الأسرة وينتظم بها شأنها وتستقر معها ا لحياة الأسرية والإجتماعية. ونظرا لوجود متغيرات طرات علي المجتمع المسلم وأهمها خروج المرأة للعمل ومشاركتها للرجل في القيام بالوظائف العامة-ولا مانع من ذلك شرعا- متي كانت المرأة غير مقصرة في حقوق ابنائها ولا تخل بمسئولياتها الأسريةإعمالا لقوله تعالي للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب ممن اكتسبن( سورة النساء)..فمن طبيعة تلك المتغيرات الجديدة والتي أفرزت وضعا جديدا للمرأة المسلمةبعد مشاركتها في الحياة العامة جنبا الي جنب مع الرجل وبرضاء منه بل وبسعيه ومباركته في أحيان كثيرة.. هنا ينبغي أن تفسر القوامة في ظل هذه المعطيات الجديدة, ويعني ذلك أنه إذا ما اراد الرجل ان تشاركه المرأة في القيام بالإنفاق علي المنزل فلا مانع من مشاركتها في صناعة القرار داخل الأسرة طالما أنها تتحمل المسئولية المالية عن هذا القرار, لكن ذلك لا يؤثر علي القاعدة الأصلية وهي أن القوامة تكون للرجل بمعني الحماية والمسئولية إلي جانب قيامه بواجب الإنفاق علي الزوجة والأبناء وحرصه علي القيام بمسئوليات هذه الأسرة تجاه المجتمع, وأن يعلم أن هذه القوامة لا تبرر له ان يأمر الزوجة بما لا تستطيعه ولا تلتزم به, أو يخالف نصوص الشريعة ومصلحة المجتمع لقوله صلي الله عليه وسلملا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقوله أيضا صلوات الله وسلامه عليهإنما الطاعة في المعروف. ولا ينبغي أن يفهم من إمكانية مشاركة المرأة في صنع القرار مع الرجل واعتبار رأيهما معا من أجل تحقيق صالح الأسرة أن تحل هذه الشراكة محل القوامة, فهذا لا يجوز لأنه سيفتح مجالا للمنازعة بين الرجل والمرأة ويهدد بانهيار الأسرة, ولأن القول باستبدال الشراكة بديلا عن القوامة يتنافي مع خصوصية القوامة التي وردت في القرآن الكريم مصدر الشريعة الأول بنص صريح بقوله الرجال قوامون علي النساء. والأولي والأوثق في ذلك أن تكون مرجعية القرار داخل الأسرة للرجل شريطة ان يكون قائما بكل اعباء الحياة الزوجية المادية والمعنوية, مع مراعاة أن يكون الهدف هو مصلحة الأسرة علي وجه الخصوص وصالح المجتمع علي وجه العموم.