عندما توقف المفسرون القدماء عند قول الله سبحانه وتعالى (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، توقفوا عند إرادة الله فى خلق الإنسان الكائن العاقل بقدرات تجعله يدرك، ويتحرك، ويعمل، وينفعل، ويشعر، ولم يكتمل التفسير إلا بعد التقدم العلمى الذى كشف جانبا من معجزات الخالق التى تتجلى فى الإنسان. ومن أمثلة الحقائق العلمية أن نقطة الدم الواحدة تحتوى على خمسة ملايين من كرات الدم الحمراء، وهذه الكرات تحمل الأوكسجين والهيموجلوبين، وتصل كرات الدم الحمراء الى كل خلية وكل نسيج وكل عضو فى الجسم لتمده بالحياة والحيوية، وكل كرة من هذه الكرات لها عمر يبلغ فى المتوسط 120 يوما، وتقطع مسافة 1150 كيلو مترا فى المتوسط. واكتشف العلماء أن الجلد هو جهاز استشعار للحرارة والبرودة فى الجو المحيط بالجسم لحماية الإنسان، وأنه مصدر الإحساس، وهذا ما جعل العلماء يدركون لماذا قال الله عن عذاب الكافرين فى نار جهنم (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ) “النساء 56” وذلك لأن احتراق الجلد يجعل الإنسان يفقد الإحساس بالعذاب بالنار. والأذن جهاز مذهل، لأن السمع هو الحاسة الوحيدة التى لا تنام أثناء نوم الإنسان، وذلك لحمايته من المخاطر وقت حدوثها، وقد أشار القرآن إلى هذه الحقيقة العلمية فى سورة الكهف الآية (11) بقول الله تعالى:” فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عددا”، وهكذا لم يسمع أهل الكهف أى صوت يمكن أن يوقظهم، والأذن هى التى تحفظ التوازن للإنسان أثناء وقوفه وأثناء سيره على الأرض وتمنع سقوطه، والأذن البشرية يمكنها التمييز بين مئات، بل آلاف الأصوات وبها آلاف الخلايا السمعية وآلاف الأوتار الصوتية. والقلب، ذلك الجزء الذى لا يزيد حجمه على حجم قبضة اليد هو الذى يتوقف عليه حياة الإنسان، فالقلب ينبض فى اليوم ما يزيد على مائة ألف مرة بدون كلل، ولو توقف يموت الإنسان، والقلب يضخ 8 آلاف لتر من الدم فى شبكة هائلة من الأوعية الدموية تمتد حوالى 150 كيلو مترا عبر كل أنسجة الجسم لتنقل الدم وما فيه من غذاء وأوكسجين لازمين للحياة. هذه مجرد أمثلة .. وقل مثل ذلك وأكثر عن العين والمخ والأنف والفم والآسنان واللسان والمعدة والأمعاء وحركة الطعام. ولو نظر الإنسان إلى نفسه لأدرك حجم المعجزات وتفهم معنى قول الله تعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ). لمزيد من مقالات رجب البنا;