يقول ابن عطاء الله السكندرى، إن البصر يرى الكون، والبصائر تشهد الحقائق، فالله سبحانه «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ* قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ»، ويوضح الشيخ خالد عمران امين الفتوى بدار الافتاء، ذلك قائلا:لو أبصرت لانكشفت لك الحقائق، فارفع الحجب وسر إليه، وارتق، وترق، فالحق ليس بمحجوب عنك،وإنما المحجوب أنت عن النظر إليه، القرآن جعل سر النور في التقوى، والمغفرة في التقوى، يقول تعالى«يأيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ»، وأبو حامد الغزالى - رحمه الله- شرح طريق التقوى في كتابه اللطيف الظريف «بداية الهداية»، الإيمان يورث الفراسة، والفراسة تورث النظر بالنور. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللهِ»، ثُمَّ قَرَأَ «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ»، من أنكر الواقع يعيش في الوهم، ومن انغرس في المادة لن يشهد إلا المادة، ومن آمن بالغيب والشهادة فقد فاز بالحسنيين، تذكر أن كشف الحجاب ليس المطلب، وأن المأمول أن توفق للأدب، يومئذ يعرف أهل المعرفة النعيم الأعظم، روى الإمام مسلم مرفوعا من حديث صهيب رضي الله عنه «إذا دخل أهل الجنة الجنة»، يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزَّ وجلَّ.