تزايدت المطالب السياسية والقانونية من أجل إبراز فلسفة القانون القائم علي العقاب والردع في آن واحد، لمواجهة العديد من الظواهر الاجتماعية الخطيرة وفي مقدمتها الاعتداء علي أراضي الدولة،فعقب انتهاء المدة التي منحها الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل حسم هذا الملف بنهاية الشهر الماضي، باتت الحاجة ملحة لغلق هذا الملف نهائيًا، للتفرغ لبقية ملفات الفساد. في سياق تأكيد تلك الفلسفة القانونية، دعا الفقيه الدستوري وعضو لجنة الإصلاح التشريعي الدكتور صلاح فوزي لضرورة تغليظ عقوبة الاعتداء علي أراضي الدولة من خلال تعديل المادة 372 مكرر بقانون العقوبات ، لكون نص تلك المادة يجمع ما بين عقوبتي الحبس والغرامة التي تصل إلي ألفي جنيه ، وهو مبلغ لا يذكر بالنسبة الجرائم التي تصل فيها أموال تلك الأراضي للملايين. وأضاف أن النص القديم لا يحقق مبدأي المحاسبة والردع، مطالبا باستحداث باب بقانون العقوبات خاص بالاعتداء علي أراضي الدولة، قائلا: لابد علي النص أنه حال وجود أي إنشاءات أو منقولات بالأراضي المعتدي عليها تصادر لصالح الدولة. لتأكيد مبدأ الردع هذا دعا عضو البرلمان رضا البلتاجي رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل إلي ضرورة الكشف عن أسماء وماهية مغتصبي أراضي الدولة وعدم ترك الأمر للشائعات. وأضاف أنه مع حق الدولة في استرداد الأراضي التابعة لها التي تم التعدي والاستيلاء عليها علي مدار السنوات الماضية، ومن حق الشعب في نفس الوقت أن يعرف أسماء مغتصبي وناهبي أراضي الدولة. دعا البلتاجي لسرعة إقرار مشروع القانون الذي تقدم به بشأن استفادة الدولة من الأراضي والمباني المقامة بالمخالفة لأحكام قانون البناء رقم 119 لسنة 2008، وقانون الزراعة وحماية الأراضي الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1996، وذلك للاستفادة منها دون إزالتها، وينص مشروع القانون علي أن تئول ملكية هذه الأراضي والمباني المخالفة للدولة دون إزالتها، وفرض غرامة تعادل قيمة الانتفاع عن كل يوم لكل وحدة من وقت التعدي إلي حين اتخاذ الإجراءات القانونية حيال ما أثبت بالمخالفة لقانون المباني والتعدي علي أراضي الدولة قبل العمل بهذا القانون. فيما أوضح أمين الشباب في حزب الجيل الديمقراطي إبراهيم الشهابي أن اراضي الدولة هي حق المصريين وهي رمز سيادة الدولة .. والتعدي علي اراضي الدولة كان احد مظاهر الفوضي والتجاوز في حق سيادة الدولة والمجتمع علي حقوقه الطبيعية في الاستفادة من أهم ثرواته ألا وهي الأرض .. ولا شك أن استعادة الدولة الأراضي المنهوبة هو دلالة علي عودة هيبة الدولة وقدرتها علي ضبط الفساد، وهي استكمال لما بدأته الأجهزة الرقابية من حرب منظمة علي الفساد داخل الجهاز الإداري للدولة وكذلك فيما يتعلق بالخروج عن القانون والمتحالف مع الفساد الاداري في أخطر أشكاله وهي التعدي علي حقوق المجتمع في استثمار أراضيه والاستفادة منها، وبالتأكيد فإن إزالة التعديات ومحاسبة المستولين علي الأراضي هو تأكيد علي عودة دولة القانون، واستعادة لحق المجتمع من ظواهر السطو علي حقوقه، وبالتأكيد فإن الدولة في حاجة لتحديث نظم الرقابة علي عمليات بيع وشراء الأراضي وتنظيمها بالشكل الذي يمنع الخروج عن العقود أو التعدي، وكذلك فإن تلك الحملات علي الفساد أو الاستيلاء علي الأراضي تحتاج إلي نظم رقابة صارمة عبر المحليات لكل أشكال التعدي والفساد والسطو علي حقوق الشعب . واتفق معهم نائب رئيس الحركة الوطنية المصرية المستشار يحيي قدري بقوله: لابد أن تأخذ فكرة تغليظ العقوبة بحذر حيث إن القاضي عندما يجد أن العقوبة لا تتساوي ولا تتناسب مع الفعل يكون من السهل عليه اختيار طريق البراءة ، ومن ثم فإن الدعوة التي تتطلب ويتم بها تغليظ العقوبات والتي تصدر من مجلس النواب، لا تراعي أن للعقوبة حدود وأن الفعل لابد أن يتناسب معها وإلا افلت الفاعل من هذا التغليظ بل من العقوبة كلها .