الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية توقع بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب    إلغاء القيود على دخول قطع غيار السيارات الأمريكية لمصر واعتماد معايير FMVSS    اتحاد التأمين يطالب بتحقيق التغطية التأمينية لصغار المزارعين    الأونروا: 600 شاحنة مساعدات يوميا حد أدنى لتفادي الكارثة بغزة    ماذا قالت باكستان عن قرار الهند بتعليق معاهدة مياه نهر السند؟    تموين القاهرة تضبط 3 أطنان دواجن فاسدة    جولات ميدانية مفاجئة للإطمئنان على سير امتحانات النقل ببني سويف    النائبة منى عمر: بعض بيوت الثقافة لا تؤدي دورا فعالا.. وأخرى تقدم رسالة يجب دعمها لا غلقها    بيسيرو يكشف عن لاعب لا ينصح إدارة الزمالك بتجديد عقده    كرة اليد، خريطة اللاعبين المصريين في الدوريات الأوروبية    ضياء الدين داوود يرفض تعديلات قوانين الانتخابات.. والمستشار فوزي يرد    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    رئيس اللجنة المنظمة لكأس العرب: نتشاور مع المغرب حول موعد افتتاح أمم أفريقيا    فريق فيلم "أسد" يحتفل بعيد ميلاد محمد رمضان.. (فيديو)    كوارث وصدامات وخسارة فلوس.. تحذر من حدث فلكي يغير في حياة 4 أبراج للأسوأ    تفاصيل إطلاق المرحلة الجديدة من اختبار "الجين الرياضي" وتسليم عينات "جينوم الرياضيين"    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    ميرور: إيزي وميتوما ولياو على رادار بايرن لتعويض فشل صفقة فيرتز    مصطفى يونس: محمد صلاح لم يحصل على الكرة الذهبية بسبب «العنصرية»    إصابة فالفيردي بعرق النسا.. وتقارير توضح موقفه من كأس العالم للأندية    ماليزيا تدعو إلى تمديد الهدنة في ميانمار    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال يفرض سيطرته على 77% من القطاع عبر التطهير العرقي    تأييد حكم المؤبد لموظف قتل شخصا بسلاح ناري بالعبور    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    رئيس البرلمان العربى يهنئ قادة مجلس التعاون الخليجى بذكرى التأسيس    وزير الشؤون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات مازال قائمًا ولم يلغى    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    بالدموع تحرك جثمان سلطان القراء إلى المسجد استعدادا لتشيع جثمانه بالدقهلية.. صور    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    تمهيداً لانضمامه لمنظومة التأمين الصحي.. «جميعة» يتسلم شهادة الاعتماد الدولية لمركز «سعود» بالحسينية    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    منافس الأهلي - ميسي يسجل هدفا رائعا في تعثر جديد ل إنتر ميامي بالدوري الأمريكي    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 25 مايو 2025    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعر الفائدة وقضايا الاستثمار

يدور فى الآونة الحالية جدل شديد حول سعر الفائدة بعد قيام البنك المركزى برفعها بنحو نقطتين مئويتين، إذ يرى البعض ان هذا الإجراء سيؤدى الى الدخول فى حالة من الركود التضخمي.
وذلك انطلاقا من فرضية أساسية مفادها ان هناك علاقة سببية مباشرة بين أسعار الفائدة وحركة الاستثمارات فى المجتمع، وهو ما ينشئ صلة مباشرة بين السياسة النقدية وسلوك القطاع الخاص الاستثماري. وفى هذا السياق يرى هؤلاء أن أسعار الفائدة المرتفعة ماهى إلا دعم مستتر يقدمه المجتمع، للمدخرين على حساب تمويل النمو فى المستقبل. وبالتالى يجب إعادة النظر فيها فى ضوء استحالة تمويل أى معدل نمو معقول فى ضوء معدل الفائدة المرتفع.
وقبل التعرض لهذه المسألة، فاننا نلحظ ان هناك فزاعة تسمى هروب الاستثمار الخاص وهى تظهر دائما عند محاولة اتخاذ أى إجراءات اصلاحية فى السياسات الاقتصادية, سواء فى الضرائب او الجمارك او الاجور او غيرها ومع تسليمنا الكامل بان قضايا الإنتاج والإنتاجية هى القضايا الحاكمة للاقتصاد المصري.وهو ما يتطلب العمل على تسهيل بناء القواعد الإنتاجية وتعبئة الموارد المحلية واستخدامها افضل استخدام ممكن من خلال التوسع المنظم والفعال فى بناء القواعد الإنتاجية وتطبيق سياسات لتحفيز الاستثمار، الا ان المغالاة فى هذا الامر اصبحت تحتاج إلى وقفة موضوعية خاصة ان القطاع الخاص لم يؤد المهام المطلوبة منه حتى الان رغم جميع الاجراءات والسياسات التى قدمتها الحكومات المختلفة له، فعلى سبيل المثال نلحظ أن معظم العمالة التى لحقت به قد انضمت إلى القطاع غير الرسمي. والذى أصبح يستوعب نحو 47% من العمالة مقابل نحو 26% فقط فى القطاع الخاص المنظم. وذلك بسبب عزوف الأفراد عن العمل لدى القطاع الخاص فى ظل ظروف العمل لديه وعدم الشعور بالأمان المستقبلي، حيث إن العديد من المنشآت لا توفر للعامل البيئة المناسبة والتى تضمن له الاستقرار والتحوط نحو المستقبل، وهنا يشير بحث القوى العاملة الى ان نسبة المشتغلين بأجر وبعقد قانونى لدى القطاع الخاص المنظم تصل إلى 44.2% مقابل 99.2% لدى الحكومة والقطاع العام، كما تشير أيضا الى ان نسبة المشتركين فى التأمينات الاجتماعية لدى العاملين بأجر فى القطاع الخاص المنظم تصل الى 41.9% مقارنة بنحو 98% لدى القطاع الحكومى والعام، وتصل نسبة المشتركين فى التأمين الصحى لدى هذا القطاع الى 26.1% مقابل 97.5% لدى الحكومة والقطاع العام. وكلها مؤشرات تدل دلالة واضحة على ان بيئة الاعمال لدى القطاع الخاص المنظم مازالت دون المأمول.
عموما فاننا نتساءل هل يلعب سعر الفائدة دورا مؤثرا وأساسيا عند اتخاذ القرار الاستثمارى فى مصر؟ وما هو الثقل النسبى لهذا السعر مقارنة بجميع العوامل الأخرى المحددة للقرار الاستثماري؟
وهنا لابد لنا من العودة إلى التذكير ببعض الأساسيات التى لامناص منها عند الحديث فى هذا الموضوع الشائك، خاصة ان الأسس النظرية والموضوعية لأى قرار هى المعيار الأساسى للحكم على مدى نجاعته للاقتصاد القومي. فإذا كانت أسعار الفائدة تؤثر على جانب العرض لأنها تؤثر على حجم الاستثمار ونوعيته وبالتالى التأثير على حجم الاقتراض وتوزيعه بوصفه عنصرا من عناصر التكلفة، ومن ثم على نمو الإنتاج، فإنها تؤثر أيضا على حجم الطلب الكلى عن طريق التأثير فى حجم الاستهلاك الجارى ومن ثم الادخار. لذلك يعتبر سعر الفائدة ومستواه الملائم من الموضوعات والقضايا المهمة التى يجب البحث فيها بدقة وموضوعية.
وبالتالى فعند تناولنا لقضية سعر الفائدة يجب دراسة كل من هذين العنصرين معا، اى التأثير على معدلات الادخار، وتلك الخاصة بالاستثمار لمعرفة سعر الفائدة التوازنى الذى يجب أن يسود بالأسواق ويحقق الهدفين معا. وإذا كان تحقيق مستوى مرتفع للنمو الاقتصادى يتطلب إحداث زيادات منتظمة فى رأس المال وكذلك فى فاعلية استخدامه، فان ازدياد حجم الاستثمارات لن يكون قابلا للاستمرار إلا إذا تحقق بشكل ينسجم مع وجود وضع اقتصادى سليم وبيئة استثمارية مناسبة. وهو ما يتطلب أيضا، وبنفس القدر، الاهتمام بتعبئة المدخرات المحلية.وهكذا يعرف سعر الفائدة التوازني، والمصحح لاحتساب أثر معدل التضخم المتوقع، بانه يعادل كلا من المعدل الحدى الذى يكون الأفراد عنده مستعدين لاستبدال الاستهلاك الحاضر بالاستهلاك فى المستقبل. والمعدل الحدى الحقيقى للعائد المتوقع من الفرص الاستثمارية المتاحة للمقترضين. وبمعنى آخر فان إصلاح أسعار الفائدة يشير إلى تحريك السعر ليصبح اقرب إلى التوازن بالأسواق.
من هذا المنطلق يمكننا مناقشة الفرضية السابقة لمعرفة مدى انطباقها على الواقع المصرى من عدمه. وهو ما يتطلب دراسة الآثار الناجمة على كل من الاستثمار والادخار والموازنة العامة للدولة والجهاز المصرفى ومعدل التضخم وغيرها من الامور.
وهكذا، فعند دراسة الأثر على الاستثمار نرى ضرورة التفرقة بين (الاستثمار الفعلي) و(الاستثمار المرغوب فيه) إذ أنه وعلى الرغم من أهمية تراكم رأس المال فى حد ذاته ، إلا أن تحسين نوعية الموارد وفاعلية استخدامها له أهمية كبيرة أيضا. وثانيا لابد من معرفة طبيعة المناخ الاقتصادى السائد ومدى قدرته على جذب الاستثمارات. وبمعنى آخر هل القرار الاستثمارى من جانب القطاع الخاص يتوقف بالأساس على معدل الفائدة بالبنوك أم أن هناك العديد من المسائل المهمة والأكثر حيوية بالنسبة لهذا القرار؟
ونقصد بالمناخ الاستثمارى مجموعة الظروف والعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية التى تؤثر فى القرار الاستثماري، مثل مستويات الأجور ومدى توافر العمالة المدربة واستقرار سعر الصرف ومعدل التضخم، ناهيك عن الاستقرار السياسى وغيرها. اى ان جذب الاستثمارات المحلية أو الأجنبية ليس بالأمر الهين والبسيط، خاصة فى ظل الظروف الحالية السائدة بالمنطقة.
وعلى الرغم من أن الإجابة على التساؤل الذى طرحناه سابقا ليست بالسهولة التى يتصورها البعض إلا أننا نرى أن المناخ الاستثمارى اكثر تأثيرا من الاعتماد على آلية واحدة لضبط الأمور بالسوق. وخير دليل على ذلك الخبرة المصرية انه حينما ارتفعت أسعار الفائدة، ازداد أيضا حجم الائتمان المصرفى الموجه للقطاع الخاص بصورة كبيرة، بل وعلى العكس من ذلك فقد لوحظ انه حينما انخفض سعر الفائدة ،لم تصحبه زيادة فى حركة الائتمان الخاص بنفس الدرجة والوتيرة التى كانت سائدة فى ظل الأسعار المرتفعة. الأمر الذى يؤكد ان القرار الاستثمارى لا يتوقف على سعر الفائدة فقط كما سبق الإشارة، وان العلاقة بين الاستثمار والفائدة ليست بنفس درجة المرونة المطلوبة ( وهو ما سنتناوله فى المقال المقبل باذن الله).
لمزيد من مقالات عبدالفتاح الجبالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.