مجزر الحبيل الآلي جاهز للافتتاح خلال احتفالات الأقصر بعيدها القومى    محافظ القليوبية: تحويل العكرشة الصناعية وأرض جمعية النصر بالخانكة لمنطقة خدمات    من 20 بندا، زيلينسكي يكشف نسخة معدلة لخطة ترامب لتسوية الأزمة الأوكرانية    هل تتأثر مصر بزلزال أنطاليا التركية ؟.. البحوث الفلكية توضح    موعد مباراة ليفربول والإنتر بعد استبعاد صلاح رسميًا من قائمة الريدز    فيفا يمنح لاعبى المونديال راحة 3 دقائق فى كل شوط بكأس العالم 2026    كبش فداء، أسطورة تشيلسي يدافع عن محمد صلاح    فيديو يدعي سرقة رفات الموتى من مقابر بالقليوبية.. الداخلية تكشف الحقيقة    ضبط 2 طن سكر معاد تعبئته ناقص الوزن و420 علبة سجائر مجهولة المصدر بالقليوبية    ستار بوست| إيمي سمير غانم تكشف سبب هجومها على منتقديها.. وحمو بيكا يرزق بمولدة    دراما بوكس| الكواليس مسلسل «على قد الحب» وانطلاق تصوير «بحجر واحد»    كارمن سليمان تقدم دويتو جميل مع متسابق ببرنامج كاستنج.. فيديو    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية في زمن قياسي    تدشين مبادرة «ازرع نخلة» بمدارس الخارجة لتعزيز الوعى البيئى للطلاب    ختام معسكر منتخب مصر الأول بمشروع الهدف استعدادا لأمم أفريقيا.. صور    التحقيق مع مسن تحرش بطفلة علي سلم عقار في أوسيم    وزير الزراعة: نقل الحيوانات أحد تحديات عملية تطوير حديقة الحيوان بالجيزة    افتتاح فيلم «الست» في الرياض بحضور نخبة من نجوم السينما| صور    المستشارة أمل عمار تشارك في فعاليات المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة أبو غالي موتورز خطط توطين صناعة الدراجات    إعلان أول نموذج قياسي للقرى الخضراء الذكية بجهود مشتركة بين جامعة طنطا ومحافظة الغربية    الصين تضخ 80 مليار دولار في استثمارات الطاقة النظيفة بالخارج لفتح أسواق جديدة    تضامن الإسماعيلية يشارك في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة    أسرة عبدالحليم حافظ تفجر مفاجأة سارة لجمهوره    54 فيلما و6 مسابقات رسمية.. تعرف على تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان القاهرة للفيلم القصير    رجعت الشتوية.. شاهد فيديوهات الأمطار فى شوارع القاهرة وأجواء الشتاء    الجمعية العمومية لاتحاد الدراجات تعتمد خطة تطوير شاملة    ارتفاع مؤشرات بورصة الدار البيضاء لدى إغلاق تعاملات اليوم    نيجيريا تتحرك عسكريا لدعم حكومة بنين بعد محاولة انقلاب فاشلة    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن وفاة ضابط شرطة بسبب مادة سامة    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    ظريف يتلاسن مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    سفير اليونان يشارك احتفالات عيد سانت كاترين بمدينة جنوب سيناء    محافظ الجيزة يتابع انتظام العمل داخل مستشفى الصف المركزي ووحدة طب أسرة الفهميين    23 طالبًا وطالبة بتعليم مكة يتأهلون للمعرض المركزي إبداع 2026    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    عضو مجلس الزمالك يتبرع ب400 ألف دولار لسداد مستحقات اللاعبين الأجانب    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    حدث في بريطانيا .. إغلاق مدارس لمنع انتشار سلالة متحولة من الإنفلونزا    تعرف على طاقم حكام مباراة برشلونة وفرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    «هجرة الماء» يحصد أفضل سينوغرافيا بمهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    أزمة سد النهضة.. السيسي فشل فى مواجهة إثيوبيا وضيع حقوق مصر التاريخية فى نهر النيل    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعر الفائدة وقضايا الاستثمار

يدور فى الآونة الحالية جدل شديد حول سعر الفائدة بعد قيام البنك المركزى برفعها بنحو نقطتين مئويتين، إذ يرى البعض ان هذا الإجراء سيؤدى الى الدخول فى حالة من الركود التضخمي.
وذلك انطلاقا من فرضية أساسية مفادها ان هناك علاقة سببية مباشرة بين أسعار الفائدة وحركة الاستثمارات فى المجتمع، وهو ما ينشئ صلة مباشرة بين السياسة النقدية وسلوك القطاع الخاص الاستثماري. وفى هذا السياق يرى هؤلاء أن أسعار الفائدة المرتفعة ماهى إلا دعم مستتر يقدمه المجتمع، للمدخرين على حساب تمويل النمو فى المستقبل. وبالتالى يجب إعادة النظر فيها فى ضوء استحالة تمويل أى معدل نمو معقول فى ضوء معدل الفائدة المرتفع.
وقبل التعرض لهذه المسألة، فاننا نلحظ ان هناك فزاعة تسمى هروب الاستثمار الخاص وهى تظهر دائما عند محاولة اتخاذ أى إجراءات اصلاحية فى السياسات الاقتصادية, سواء فى الضرائب او الجمارك او الاجور او غيرها ومع تسليمنا الكامل بان قضايا الإنتاج والإنتاجية هى القضايا الحاكمة للاقتصاد المصري.وهو ما يتطلب العمل على تسهيل بناء القواعد الإنتاجية وتعبئة الموارد المحلية واستخدامها افضل استخدام ممكن من خلال التوسع المنظم والفعال فى بناء القواعد الإنتاجية وتطبيق سياسات لتحفيز الاستثمار، الا ان المغالاة فى هذا الامر اصبحت تحتاج إلى وقفة موضوعية خاصة ان القطاع الخاص لم يؤد المهام المطلوبة منه حتى الان رغم جميع الاجراءات والسياسات التى قدمتها الحكومات المختلفة له، فعلى سبيل المثال نلحظ أن معظم العمالة التى لحقت به قد انضمت إلى القطاع غير الرسمي. والذى أصبح يستوعب نحو 47% من العمالة مقابل نحو 26% فقط فى القطاع الخاص المنظم. وذلك بسبب عزوف الأفراد عن العمل لدى القطاع الخاص فى ظل ظروف العمل لديه وعدم الشعور بالأمان المستقبلي، حيث إن العديد من المنشآت لا توفر للعامل البيئة المناسبة والتى تضمن له الاستقرار والتحوط نحو المستقبل، وهنا يشير بحث القوى العاملة الى ان نسبة المشتغلين بأجر وبعقد قانونى لدى القطاع الخاص المنظم تصل إلى 44.2% مقابل 99.2% لدى الحكومة والقطاع العام، كما تشير أيضا الى ان نسبة المشتركين فى التأمينات الاجتماعية لدى العاملين بأجر فى القطاع الخاص المنظم تصل الى 41.9% مقارنة بنحو 98% لدى القطاع الحكومى والعام، وتصل نسبة المشتركين فى التأمين الصحى لدى هذا القطاع الى 26.1% مقابل 97.5% لدى الحكومة والقطاع العام. وكلها مؤشرات تدل دلالة واضحة على ان بيئة الاعمال لدى القطاع الخاص المنظم مازالت دون المأمول.
عموما فاننا نتساءل هل يلعب سعر الفائدة دورا مؤثرا وأساسيا عند اتخاذ القرار الاستثمارى فى مصر؟ وما هو الثقل النسبى لهذا السعر مقارنة بجميع العوامل الأخرى المحددة للقرار الاستثماري؟
وهنا لابد لنا من العودة إلى التذكير ببعض الأساسيات التى لامناص منها عند الحديث فى هذا الموضوع الشائك، خاصة ان الأسس النظرية والموضوعية لأى قرار هى المعيار الأساسى للحكم على مدى نجاعته للاقتصاد القومي. فإذا كانت أسعار الفائدة تؤثر على جانب العرض لأنها تؤثر على حجم الاستثمار ونوعيته وبالتالى التأثير على حجم الاقتراض وتوزيعه بوصفه عنصرا من عناصر التكلفة، ومن ثم على نمو الإنتاج، فإنها تؤثر أيضا على حجم الطلب الكلى عن طريق التأثير فى حجم الاستهلاك الجارى ومن ثم الادخار. لذلك يعتبر سعر الفائدة ومستواه الملائم من الموضوعات والقضايا المهمة التى يجب البحث فيها بدقة وموضوعية.
وبالتالى فعند تناولنا لقضية سعر الفائدة يجب دراسة كل من هذين العنصرين معا، اى التأثير على معدلات الادخار، وتلك الخاصة بالاستثمار لمعرفة سعر الفائدة التوازنى الذى يجب أن يسود بالأسواق ويحقق الهدفين معا. وإذا كان تحقيق مستوى مرتفع للنمو الاقتصادى يتطلب إحداث زيادات منتظمة فى رأس المال وكذلك فى فاعلية استخدامه، فان ازدياد حجم الاستثمارات لن يكون قابلا للاستمرار إلا إذا تحقق بشكل ينسجم مع وجود وضع اقتصادى سليم وبيئة استثمارية مناسبة. وهو ما يتطلب أيضا، وبنفس القدر، الاهتمام بتعبئة المدخرات المحلية.وهكذا يعرف سعر الفائدة التوازني، والمصحح لاحتساب أثر معدل التضخم المتوقع، بانه يعادل كلا من المعدل الحدى الذى يكون الأفراد عنده مستعدين لاستبدال الاستهلاك الحاضر بالاستهلاك فى المستقبل. والمعدل الحدى الحقيقى للعائد المتوقع من الفرص الاستثمارية المتاحة للمقترضين. وبمعنى آخر فان إصلاح أسعار الفائدة يشير إلى تحريك السعر ليصبح اقرب إلى التوازن بالأسواق.
من هذا المنطلق يمكننا مناقشة الفرضية السابقة لمعرفة مدى انطباقها على الواقع المصرى من عدمه. وهو ما يتطلب دراسة الآثار الناجمة على كل من الاستثمار والادخار والموازنة العامة للدولة والجهاز المصرفى ومعدل التضخم وغيرها من الامور.
وهكذا، فعند دراسة الأثر على الاستثمار نرى ضرورة التفرقة بين (الاستثمار الفعلي) و(الاستثمار المرغوب فيه) إذ أنه وعلى الرغم من أهمية تراكم رأس المال فى حد ذاته ، إلا أن تحسين نوعية الموارد وفاعلية استخدامها له أهمية كبيرة أيضا. وثانيا لابد من معرفة طبيعة المناخ الاقتصادى السائد ومدى قدرته على جذب الاستثمارات. وبمعنى آخر هل القرار الاستثمارى من جانب القطاع الخاص يتوقف بالأساس على معدل الفائدة بالبنوك أم أن هناك العديد من المسائل المهمة والأكثر حيوية بالنسبة لهذا القرار؟
ونقصد بالمناخ الاستثمارى مجموعة الظروف والعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية التى تؤثر فى القرار الاستثماري، مثل مستويات الأجور ومدى توافر العمالة المدربة واستقرار سعر الصرف ومعدل التضخم، ناهيك عن الاستقرار السياسى وغيرها. اى ان جذب الاستثمارات المحلية أو الأجنبية ليس بالأمر الهين والبسيط، خاصة فى ظل الظروف الحالية السائدة بالمنطقة.
وعلى الرغم من أن الإجابة على التساؤل الذى طرحناه سابقا ليست بالسهولة التى يتصورها البعض إلا أننا نرى أن المناخ الاستثمارى اكثر تأثيرا من الاعتماد على آلية واحدة لضبط الأمور بالسوق. وخير دليل على ذلك الخبرة المصرية انه حينما ارتفعت أسعار الفائدة، ازداد أيضا حجم الائتمان المصرفى الموجه للقطاع الخاص بصورة كبيرة، بل وعلى العكس من ذلك فقد لوحظ انه حينما انخفض سعر الفائدة ،لم تصحبه زيادة فى حركة الائتمان الخاص بنفس الدرجة والوتيرة التى كانت سائدة فى ظل الأسعار المرتفعة. الأمر الذى يؤكد ان القرار الاستثمارى لا يتوقف على سعر الفائدة فقط كما سبق الإشارة، وان العلاقة بين الاستثمار والفائدة ليست بنفس درجة المرونة المطلوبة ( وهو ما سنتناوله فى المقال المقبل باذن الله).
لمزيد من مقالات عبدالفتاح الجبالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.