الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
الفيلم السعودي «تشويش» يواصل حصد الجوائز عالميًّا
استقرار أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025
سعر الذهب اليوم بالصاغة.. ارتفاع كبير في عيار 21 والسبيكة ال50 جرام تقفز 8000 جنيه
تباين مؤشرات البورصة المصرية رغم صعود المؤشر الرئيسي وخسائر محدودة في رأس المال السوقي
نتنياهو فى حديث متوتر: تصريحات ترامب تعني عمليا أن الجحيم سينفجر
قمة «شرم الشيخ للسلام»
«قبّلها أمام الجمهور».. ترامب يمنح أرملة تشارلي كيرك قلادة رئاسية (فيديو)
أجواء خريفية منعشة وشبورة صباحية.. تفاصيل حالة الطقس اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 في مصر
«السكك الحديدية»: حركة القطارات لم تتأثر بحادث «قطار سوهاج»
باسم يوسف يكشف عن أسوأ غلطة في حياته !
إغلاق مؤقت للمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي في نوفمبر
كل ما تريد معرفته عن سكر الدم وطرق تشخيص مرض السكري
تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية
قرار عاجل في الأهلي بشأن تجديد عقد حسين الشحات
اتحاد الصناعات: الدولة تقدم دعمًا حقيقيًا لإنقاذ المصانع المتعثرة وجذب الاستثمارات الصناعية
في شهر الانتصارات.. رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال تطوير مستشفى سيد جلال
اليوم، غلق لجان تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب
الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر
مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان
داليا عبد الرحيم تهنئ القارئ أحمد نعينع لتعيينه شيخًا لعموم المقارئ المصرية
العكلوك: تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ 70 مليار دولار.. ومؤتمر دولي مرتقب في القاهرة خلال نوفمبر
هيئة الدواء: تصنيع المستحضرات المشعة محليًا خطوة متقدمة لعلاج الأورام بدقة وأمان
ترامب: بوتين لا يرغب بإنهاء النزاع الأوكراني
ترامب يهدد بفرض عقوبات على إسبانيا بسبب رفضها زيادة الإنفاق في «الناتو»
نجم الزمالك السابق يكشف عن «أزمة الرشاوي» في قطاع ناشئين الأبيض
هتكلفك غالي.. أخطاء شائعة تؤدي إلى تلف غسالة الأطباق
ظهور دم في البول.. متى يكون الأمر بسيطًا ومتى يكون خطرا على حياتك؟
بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا
حكومة غزة: شرعنا بتطبيق القانون ومستعدون لتسليم الحكم وفق قرار وطني فلسطيني
عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم
دماء في أم بيومي.. عجوز يقتل شابًا بطلق ناري في مشاجرة بقليوب
السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا
صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في العام الحالي
ارتفاع مفاجئ في الضاني وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق
تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم بعد صعود إنجلترا والسعودية
رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا
عمورة يوجه ضربة ل صلاح، ترتيب هدافي تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026
رونالدو يحقق رقما قياسيا جديدا في تصفيات كأس العالم
بالفوز على كينيا وبدون هزيمة، كوت ديفوار تحسم تأهلها رسميا إلى مونديال 2026
أحمد نبيل كوكا يطلب أكثر من 30 مليون جنيه لتجديد عقده مع الأهلي
لدورها الريادي في نشر المعرفة: مكتبة مصر العامة بقنا تحصد جائزة «مكتبة العام المتنقلة 2025»
«بتخرج من المشاكل زي الشعرة من العجين».. 3 أبراج محتالة ومكارة
معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا
رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 في المدارس والجامعات وإجازة نصف العام تبدأ هذا اليوم
للتعامل مع الحيوانات الضالة.. قنا تقرر إنشاء ملجأ للكلاب بعيدًا عن المناطق السكنية
مصرع شخصين في تصادم سيارتي نقل على الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا
«توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)
في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها
سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025
سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الأربعاء 15 أكتوبر 2025
متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط
هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح
الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام
ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية
دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة
مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية
تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر
إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
مصر الشاعرة
البهاء زهير.. وهو يغنِّي!
000;
نشر في
الأهرام اليومي
يوم 26 - 05 - 2017
إذا كان موضوع هذه المقالات هو مصر الشاعرة فأول من يجسد لنا هذا المعني في الشعر المصري المنظوم باللغة العربية هو البهاء زهير الذي كانت تجربته في الحياة وفي الشعر واللغة تمثيلا لتجربة مصر وتجسيدا لها.
البهاء زهير ولد في أواخر القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي في مرحلة من تاريخ مصر وتاريخ المنطقة كانت حافلة بالأحداث.
قبل أن يولد البهاء زهير بسنوات قليلة سقطت الخلافة الفاطمية واستولي الأيوبيون علي السلطة في مصر التي تصدت وحدها للصليبيين واستطاعت مع صلاح الدين وخلفائه أن توقع بهم الهزائم وأن تستأصل شأفتهم، كما استطاعت بعد الأيوبيين أن تتصدي للمغول الذين اجتاحوا بغداد وقضوا علي الخلافة العباسية حتي هزمهم المماليك في عين جالوت بعد أن قضوا علي الأيوبيين وأسسوا دولتهم التي ورثت الخلافتين وحكمت مصر والشام والحجاز واليمن وأرمينيا.
في تلك المرحلة الغنية بالأحداث والتطورات كانت روح جديدة تنبعث في مصر التي تعربت وأسلمت وأصبحت سلطنة مستقلة. وفيها ولد البهاء زهير في الحجاز، لكنه هاجر إلي مصر في سن مبكرة ليعيش في الصعيد في مدينة قوص التي كانت في ذلك الوقت ملتقي ثقافيا مهما ومحطة في الطريق الذي يسلكه الحجاج المصريون والمغاربة إلي الأراضي المقدسة. وهكذا اتصلت تجربة البهاء زهير بتجربة مصر كلها. فمصر تتعرب، والبهاء زهير يتمصر.
فرعي الله عهد مصر وحيا
ما مضي لي بمصر من أوقاتِ
حّبذا النيل والمراكب فيه
مصعدات بنا ومنحدرات
هات زدني من الحديث عن النيل
ودعني من دجلة وفرات
ولياليَّ في الجزيرة والجيزة
فيما اشتهيت من لذاتِ
بين روض حكي ظهور الطواويس
وجو حكي بطون البزاةِ
ونديم كما نحب ظريفٍ
وعلي كل ما نحب مؤاتي
يا زماني الذي مضي يا زماني
لك مني تواتر الزفراتِ!
وسوف نري أن البهاء زهير لا يمثل مصر بما قاله من شعر تغني فيه بها وتحدث عن معالمها كما فعل في هذه الأبيات فحسب وكما يمكن لشاعر أن يفعل دون أن تربطه بمصر رابطة، وإنما يمثلها بروحها التي تجسدت فيه فأصبح يشعر كما تشعر مصر وينطق كما تنطق سواء وهو يتحدث عنها أو وهو يتحدث في أي موضوع آخر. ولهذا اخترته لأتحدث من خلاله عن شاعرية مصر العربية وأشرح معني العبارة التي جعلتها عنوانا ثابتا لهذه المقالات. مصر الشاعرة.
ما هو المعني الذي أقصده عندما أتحدث عن مصر الشاعرة؟
المعني الذي أقصده هو شخصية مصر في فن الشعر وهو المكان الذي تحتله في شعر اللغات التي نظم بها الشعراء المصريون وخاصة في شعر اللغة العربية التي أصبحت بعد الفتح العربي لغة وطنية في مصر يتكلمها المصريون ويعبرون بها عن أنفسهم شعرا ونثرا كما يفعل غيرهم من الناطقين بها سواء أصحابها الأصليون الذين حملوها إلينا أو غيرهم ممن تلقوها مثلنا وتعربوا كما تعربنا في الشام والعراق وبلاد المغرب والأندلس.
ما الذي تتميز به لغة المصريين العربية؟ وما الذي أضافته مصر للشعر العربي؟
لقد كان علي اللغة العربية أن تخوض في مصر معركة طويلة لتتوطن أى لتتمصر وتحل محل اللغات التي كان يتكلمها المصريون وتصبح لغة الادارة والثقافة والحياة دون شريك، وهي معركة طالت كما شرحت في المقالات السابقة واستمرت عدة قرون حتي ظهر في نهايتها أوائل المصريين الذين انضموا لغيرهم من كتاب العربية وشعرائها من أمثال الأسعد بن مماتى الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي السادس الهجري وكان كاتبا وشاعرا وجغرافيا. ولد لأسرة قبطية واعتنق الاسلام وشغل عدة مناصب في دولة صلاح الدين الأيوبي، وله ديوان شعر فضلا عن مؤلفات نثرية يتحدث في بعضها عن مصر وأراضيها ومساحاتها. أما أشهر مؤلفاته فكتاب سماه «الفاشوش في أحكام قراقوش». والفاشوش هو الضعيف المتهالك الذي لا قيمة له. أما قراقوش فاسم أطلقه المصريون علي وزير أيوبى أصبح عندهم رمزا للطغيان فجعلوه هدفا لسخريتهم ونكاتهم التي تعودوا أن ينتقموا بها من الحكام الطغاة.
وفي العصر الذي ظهر فيه ابن مماتي ظهر من الشعراء ابن مطروح، وابن النبيه، والبهاء زهير، وابن سناء الملك. أما النثر فأهم ما قدمه المصريون فيه هو السير والقصص الشعبية التي شارك في ابداعها عامة المصريين وأضافوا بها للأدب العربي فنا لم يعرفه من قبل، كما فعلوا في هذا العصر الحديث الذي ولدت فيه الرواية العربية ووصلت إلي قمة نضجها علي أيدي الكتاب المصريين. فإذا لم تكن مساهمة المصريين في الفنون القصصية والمسرحية محل تساؤل أو خلاف فالسؤال مطروح حول مساهمتهم في فن الشعر، وهم أول من يطرحونه علي أنفسهم كما نفعل في هذه المقالات.
..............
السؤال مطروح لأن القصيدة العربية ظهرت في موطنها الأول وتشكلت ونضجت هي ولغتها وازدهرت في دمشق وبغداد والبصرة وغيرها من عواصم الخلافة، وأصبحت تراثا باذخا قبل أن يتعرب المصريون وقبل أن يبدأوا مشاركتهم في ابداع الشعر العربي الذي تتلمذوا فيه بالضرورة علي من سبقوهم من الشعراء الجاهليين والاسلاميين الذين أصبح شعرهم نموذجا يقيس عليه الناقد أو القارئ ما يقرأه أو يسمعه. وهو سلوك مفهوم في ثقافة انتقلت من موطنها الأصلي إلي مواطن أخري متفرقة وارتبطت فيها اللغة بالدين وأصبحت مرجعا من مراجعه ومن هذا الارتباط كانت النزعة المحافظة التي حالت دون تطور القصيدة العربية وجعلت شعر المحدثين اعادة صياغة لشعر القدماء لا يستطيعون أن يضيفوا إليه من عندهم إلا بعض المحسنات الشكلية. فإذا كنا نستطيع أن نفهم هذا السلوك ونقدره فلكي نعرف سلبياته ونتحرر منه ونحن ننظر في الشعر المصري الذي نشأ في ظروف مختلفة عن الظروف التي نشأ فيها شعر الشام والعراق. البيئة غير البيئة، والعصر غير العصر، والميراث الثقافي غير الميراث.
وأنا أتكلم هنا عن شعر الفصحي التي نعرف أنها لغة واحدة في كل الأمصار والبلاد التي فتحها العرب. لكننا نعرف من ناحية أخري أن اللغة التي تكون واحدة عند اللغويين لا تكون كذلك عند الشعراء والأدباء أو يجب ألا تكون كذلك. لأن لغة الابداع ابداع يتأثر فيه المبدع بما يحيط به، وبما يجده في ذاته، وبما يكتشفه بقدراته التي لا يملكها سواه ويضيفه إلي ما هو ملكية مشتركة من العناصر اللغوية والأدوات والخبرات التي يتلقاها من غيره ويصنع من هذا كله قصيدته التي يجتهد في أن تكون معبرة عن شخصيته التي شكلتها بيئته وظروفه وثقافته التي تلهم غيره كما تلهمه وتجعل شعر الجاهليين علي سبيل المثال قصيدة تكاد تكون واحدة يلتزم فيها الجميع شكلا واحدا ويستخدمون رموزا مشتركة وإن اختلفت لهجة كل منهم عن لهجات الآخرين. ونحن نري أن هذه الخصوصية ليست مقصورة علي الشعر في بيئة أو في عصر دون غيره وإنما هي متحققة في شعر كل بيئة وكل عصر. وعلي أساسها نتحدث عن شعر المصريين فنقول أنه مختلف عن شعر الشوام وعن شعر العراقيين وغيرهم رغم أن المعجم والنحو والتراكيب والأوزان واحدة كلها.
..............
هذه القضية، قضية البحث عن خصوصية الشعر المصري المنظوم بالعربية شغلت الكثيرين ولاتزال تشغلهم حتي الآن. لأن شخصية مصر تشغل الكثيرين الذين يتحدثون عن عبقريتها المكانية والزمانية وعن حضارتها وثقافتها وأدبها وفنها. وباستطاعة القارئ أن يراجع ما كتبه العقاد في هذه القضية في كتابيه «ساعات بين الكتب»، و«شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي»، وما كتبه أمين الخولي في محاضراته عن الأدب المصري، ومحمد كامل حسين في عدد من مؤلفاته، وأحمد سيد محمد في «الشخصية المصرية في الأدبين الفاطمي والأيوبي».
ولقد استند الكثيرون في تصورهم للشخصية المصرية علي البيئة الجغرافية وعلي الأحداث التاريخية التي تتأثر بها الشخصية القومية دون شك، لكني أستند في تصوري للشخصية المصرية علي اللغة قبل أي شيء آخر. لأن اللغة القومية ولغة الأدب والشعر بالذات ليست مجرد مفردات كما أشرت من قبل، ولكنها ثقافة جامعة. أحداث وتجارب وخبرات متراكمة، وحافظة تختزن ما اجتمعت عليه الأمة واتفقت علي حفظه وتذكره والرجوع إليه. وبهذا نستطيع أن نقول إن الأمة تتمثل في لغتها التي تجسد روحها وتعبر عن عبقريتها. والخطأ الفاحش الذي يقع فيه البعض هو أنهم يتخذون الشعر في بعض البلاد وبعض العصور نموذجا يقيسون عليه الشعر المصري فيجدونه مختلفا وبهذا لا يعطونه حقه لأنهم لا يجدون فيه البحتري وأبا تمام.
إذا أردنا أن نقرأ الشعر المصري وأن نعرفه ونقدره حق قدره فعلينا أن نسلم قبل كل شيء بخصوصيته واستقلاله وألا نشرك معه شعرا آخر يحول بيننا وبين اكتشافه وتذوقه. وقد بدأت هذه القراءة في مقالة الشهر الماضي التي تحدثت فيها عن لغته وعن حوار العامية والفصحي فيها، وهذه مسألة أتمني أن تفهم فهما صحيحا. فأنا لم أتحدث عن لغة هجين أو لغة اختلطت فيها الأدوات، وإنما قصدت بالعامية والفصحي روح الشعب من ناحية وثقافة النخبة من ناحية أخري. فالشعر المصري هو شعر المصريين حين يعبر المصريون عن أنفسهم باللغة الفصحي وحين تتمصر الفصحي وتتحرر مما تختزنه في خلاياها من بيئتها الأولي وتنطق بلسان المصريين وتعبر عن ذكائهم وبساطتهم وحبهم للحياة وقدرتهم علي الجمع في لمحة واحدة بين الجد والهزل وبين الضحك والبكاء.
فإذا كان لنا بعد هذا الحديث عن اللغة والشخصية القومية وعن شعر مصر وشاعريتها إذا كان لنا أن ننظر في ديوان البهاء زهير فماذا نجد؟
نحن نجد في الديوان قصيدتين ونجد لغتين: الأولي هي تلك القصائد التي يمدح فيها بعض رجال عصره ويستخدم فيها لغة لا عيب فيها إلا أنها لغة قديمة تقليدية طالما طالعناها وحفظناها وعرفنا ما فيها قبل أن نقرأها. فالممدوح بحر في الجود، وأسد في الهيجاء، وهو شمس ساطعة وقمر منير.. إلي آخره. أما القصيدة الأخري فهي قصيدة البهاء زهير حقا وصدقا، لأنها القصيدة التي يغني فيها لنفسه، يحب فيها ويكره، ويطرب ويشرب، ويحلم ويحن، ويتمني ويتذكر، ويهجو ويسخر، ويستخدم في ذلك كله لغته هو لا لغة غيره. لغة حية مأنوسة مألوفة نعرفها لكننا مع ذلك نفاجأ بها، لأنها اللغة التي نتكلمها ونتواصل بها، لكننا لم نتعود أن نقرأها في الشعر. وها نحن نقرأها فنجدها حية صادقة صريحة وفصيحة تكشف عن نفس الشاعر كما تكشف لنا عن نفوسنا.
ومن حسن الطالع أن تكون هذه القصيدة هي الغالبة في ديوان البهاء زهير الذي كان في ديوانه شاعرا مغنيا أكثر بكثير مما كان شاعرا مداحا. ولأنه كان شاعرا مغنيا ظل شاعرا إلي اليوم، لأن المشاعر والأحاسيس التي تغني بها قبل ثمانية قرون هي المشاعر والأحاسيس التي يتغني بها الشعراء اليوم وسوف يتغنون بها غدا وبعد غد.
أروح ولي في نشوة الحب هِزةٌ
ولست أبالي أن يقال طروبُ
محب خليع عاشق متهتك
يلذ لقلبي كل ذا ويطيبُ
خلعت عذاري، بل لبست خلاعتي
وصرحت حتي لا يقال مريبُ
وفي لي من أهوي وأنعم بالرضا
يموت بغيظ عاذلٌ ورقيبُ!
ويقول في شخص متطفل:
وأحمق قد شقيت به
بلا عقل ولا أدبِ
فلا ينفك يتبعنى
وإن أمعنت في الهربِ
كأني قد قتلت له
قتيلا فهو في طلبي!
ويقول في منقبة متصابية:
كم ذا التصاغر والتصابي
غالطت نفسك في الحسابِ
لم يبق فيك بقية
إلا التعلل بالخضاب
لا أقتضيك مودة
رفع الخراج عن الخراب
ولقد رأيتك في النقاب
وذاك عنوان الكتاب
وسألت عما تحته
قالوا عظام في جراب
ويقول في الأشرار الذين يتسترون وراء اللحي:
وأحمق ذي لحية
كثيرة منتشرة
طلبت فيها وجهه
بشدة فلم أره!
ويقول في السر الذي ذاع:
سمع الناس وقلنا
وافتضحنا واسترحنا
بت والبدر نديمي
ففعلنا وتركنا!
ويقول في وداع حبيبته:
جاءت تودعني والدمع يغلبها
يوم الرحيل وحادي البين منصلت
وأقبلت وهي في خوف وفي دهشي
مثل الغزال من الأشراك ينفلت
وقفت أبكي وراحت وهي باكية
تسير عني قليلا ثم تلتفت!
هكذا استطاع البهاء زهير أن «يجعل لغة الحياة الجارية فى بساطتها ومرونتها لغة للشعر» كما يقول مصطفى عبدالزازق فى كتابه البديع عن هذا الشاعر المبدع.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
مصر الشاعرة
لغة مصر الفصحى
الفصحى.. كيف ازدهرت؟ وكيف فسدت؟
مصر الشاعرة
حوار الفصحى والعامية
مصر والشعر
الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي: نظام «عبدالناصر» غير إنساني
أبلغ عن إشهار غير لائق