شهدت العاصمة السعودية الرياض انعقاد 3 قمم اجتمع فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع قادة الدول الإسلامية والعربية يومى 20 و 21 من مايو الجارى لصياغة رؤية مشتركة بين الولاياتالمتحدة وشركائها. وقد التقى فى الرياض زعماء وقادة من الدول العربية والإسلامية، لعقد قمة سعودية أمريكية، وقمة خليجية أمريكية، إضافة إلى قمة إسلامية أمريكية. وقد وصف السعوديون الحدث الكبير الذى تكون من عدة مناسبات وأحداث بأنه بمثابة :"منصة الاطلاق لجميع شركائنا الأمريكيين والعرب والمسلمين لاتخاذ خطوات جريئة جديدة لتعزيز السلام ومواجهة أولئك الذين يسعون الى إشاعة الفوضى والعنف فى جميع أنحاء العالم الاسلامي وما ورائه." وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسى فى افتتاح المركز العالمى لمكافحة الفكر المتطرف إلى جانب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورؤساء الدول والوفود المشاركين فى القمة، وذلك عقب انتهاء الجلسة الختامية للقمة العربية الإسلامية الأمريكية فى الرياض. ويهدف المركز إلى رصد وتحليل الفكر المتطرف بغرض التصدى له ومواجهته والوقاية منه. كما يهدف الى تعزيز ثقافة الاعتدال وتفنيد الخطاب المتطرف والحد من آثاره من خلال تعزيز التعاون الدولى. وتم عرض فيلم تعريفي عن مبادرة إنشاء المركز من السعودية فى سبيل مكافحة التطرف وتعزيز الاعتدال وما يضمه من إمكانيات تقنية وبشرية ومرتكزاته الفكرية والرقمية والإعلامية ومهامه في رصد وتحليل نشاطات الفكر المتطرف وأهداف المركز الاستراتيجية القائمة على الوقاية والتوعية والمشاركة ومواجهة الفكر المتطرف. ووفق ما قاله الأمين العام للمركز العالمى لمكافحة الفكر المتطرف الدكتور ناصر البقمى فى كلمته؛ فإن لحظة تدشين المركز كانت دليلا على المزيد من التعاون والمشاركة الإنسانية بإطلاق المركز العالمى لمكافحة الفكر المتطرف الذى يعد خطوة حازمة، تستند إلى إرادة صلبة تجمع دول العالم، للوقوف أمام التطرف ومكافحته على كافة المستويات. وجاء تأسيس هذا المركز العالمي استكمالاً للجهد الكبير الذى بذلته الدول الإسلامية طيلة العقود الماضية فى حربها على الإرهاب والفكر المتطرف، بعد انكشاف خطورة هذا الفكر على الإسلام والمسلمين فى المقام الأول واستشعارا من الدول الإسلامية لما تمثله محاربة هذا الفكر الدخيل من أولوية قصوى للمسلمين والعالم بأسره. أسست السعودية هذا المركز ليكون تكتلا عالميا رفيع المستوى، يستهدف مكافحة الفكر المتطرف بشتى وسائله وطرقه، وعبر بؤره والأماكن والأفكار الحاضنة له، وذلك انطلاقا من إدراك أن التطرف هو جذر رئيسى لكل سلوك إجرامى يسعى إلى تدمير الحضارة البشرية، وتفكيك روابطها الإنسانية، ونشر الفوضى والدمار. والمركز الجديد الذى يضم قسم للقيادة والسيطرة، لديه امكانيات بشرية وتقنية وصفتها السعودية بغير المسبوقة، تم إعدادها وبناؤها بالكامل بأيد سعودية محترفة فى مركز الدراسات والشؤون الإعلامية فى الديوان الملكى السعودى، وذلك بإشراف مباشر من صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولى ولى العهد النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع منذ عامين. وقد تم توظيف التقنيات الحديثة التى يضمها المركز فى رصد وتحليل الفكر المتطرف. فوفقا لما أعلنه الدكتور ناصر البقمى" فإن من مقومات نجاح هذا المركز ما يتمتع به من تفوق تقنى غير مسبوق فى مجال مكافحة الفكر المتطرف وأنشطته، عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى والإعلام بوجه عام، فلقد قام المركز بتطوير برمجيات مبتكرة وعالمية المستوى قادرة على رصد وتحليل وتصنيف أى محتوى متطرف، وبدرجة غير مسبوقة من الدقة، مما يتيح آفاقا جديدة فى مجال مكافحة هذا الفكر". وتعمل هذه التقنيات عالية المستوى بجميع اللغات واللهجات، الشائع استخدامها فى أطروحات هذا الفكر المتطرف. ويجرى العمل حاليا على تطوير نظم ذكاء اصطناعية متقدمة لتحديد المواقع الجغرافية، التى تحتضن بؤر وحواضن الفكر المتطرف. وأوضح البقمى أن هذه المقومات تمنح المركز قدرة عالمية واسعة للوصول إلى منابت الفكر المتطرف والتعامل معها، مع صناعة إعلام ومحتوى محترف ينشر التسامح والاعتدال، ويواجه بكفاءة أى أطروحات متطرفة، وذلك تحت إشراف " لجنة الفكر العليا" التى تضم نخبة من كبار المفكرين والعلماء المسلمين من العالم أجمع، والقادرين على مواجهة هذا الفكر الذى لا يمت للدين الإسلامي بأى صلة. وهذا المركز العالمى ثمرة مشاركة واعية وريادية بين عدد من الدول الإسلامية والصديقة، آمنت بضرورة مكافحة الفكر المتطرف والقضاء عليه كليا، ليس فقط من أجل الحاضر ولكن صيانة للأجيال القادمة وليكون حصانة للجميع وللحضارة الإنسانية فى مواجهة عوامل التهديد. وتجدر الإشارة إلى أن السعودية ليست الدولة الأولى التى سارت فى طريق العلم وتكنولوجيا الإتصال الحديثة لمواجهة موجات التطرف الفكرى المفضى إلى الإرهاب فى العالم خلال الأعوام الأخيرة. فقد سبقتها إلى تلك الخطوة الصين وروسيا، وإن كانت جهودهما ذات طابع دفاعى تعلق بتأمين قواتهما المسلحة فى المقام الأول من تسرب الفكر الهدام إليها. وهناك مصر عبر مؤسسة الأزهر العريقة التى قامت بتدشين مرصد لمواجهة الفكر المتطرف فى أنحاء العالم والرد على ما يتم بثه من أفكار لتضليل الشعوب الإسلامية تحديدا والتعريف بصحيح الدين. وفى ذلك قال فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الطيب :"هناك موجة عاتية من ثقافة الكراهية غزت عقول بعض من شبابنا المغرر بهم، وهيأتهم لتنفيذ خطة خبيث أحكم نسجها فيما وراء البحار"، وأضاف "الفئة الضالة استغلت التقدم التقنى الهائل فى ترويج أفكارهم المسمومة بين الشباب". وهكذا لم يكن تدشين مرصد الأزهر بمصر عام 2015 أو مركز مكافحة الفكر المتطرف فى السعودية إلا تدشينا لدخول الدول العربية إلى ميدان الحرب الحديثة لمواجهة أعداء الأمة فى ميدان حروب العقول والقلوب. لمزيد من مقالات طارق الشيخ;