يبدأ الرئيس الأمريكى » دونالد ترامب » جولة تاريخية لمنطقة الشرق الأوسط اعتباراً من يوم 20/5/2107 بزيارة رسمية للمملكة العربية السعودية يعقد خلالها قمة مع الملك السعودى ، وأخرى فى اليوم التالى مع قادة دول مجلس التعاون الخليجى ، وثالثة مع بعض قادة وممثلى الدول العربية والإسلامية لمناقشة التحديات التى تواجه المنطقة فى ظل تشابك ملفاتها وسعى بعض القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافها وأطماعها على حساب مصالح واستقرار دولها، فى محاولة للدفع نحو إستراتيجية جديدة فى مواجهة التطرف والإرهاب، يعقبها زيارة رسمية لكل من إسرائيل والأراضى الفلسطينية يوم 23/5/2017 لبحث العديد من الملفات الأمنية والسياسية وعلى رأسها فرص استئناف عملية السلام فى الشرق الأوسط لتسوية النزاع الإسرائيلى / الفلسطينى ودور الدول العربية فى دعم جهود التسوية السياسية لمشاكل الشرق الأوسط. تكتسب هذه الجولة أهمية كبيرة كونها أول تحرك خارجى للرئيس الأمريكى والتى يسعى خلالها الجانبان الأمريكى والسعودى لتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار على مدى السنوات الأربع القادمة، والتى حرصت الخارجية الأمريكية على تنظيمها بصورة تحمل طابعاً دينياً، حيث تبدأ بالسعودية ثم إسرائيل وتختتم بزيارة الفاتيكان، فى محاولة لتحسين الصورة الذهنية لدى الرأى العام فى الدول العربية والإسلامية التى رسمتها شعارات حملته الانتخابية والتى أظهرت ميلاً كبيراً للعنصرية ومعاداة الإسلام، والتأكيد على عزم الولاياتالمتحدة على تعزيز حوار الثقافات والأديان، فى حين ستمثل ملفات مكافحة الإرهاب والتدخل السلبى لإيران فى د بعض الدول كالعراق وسوريا واليمن لزعزعة مناخ الاستقرار الإقليمى وتهديد ممرات الملاحة الدولية محوراً رئيسياً للمباحثات، خاصة مع قناعة «ترامب» بأن إيران الداعم الرئيسى للتنظيمات الإرهابية فى المنطقة، وتعبيره عن الحاجة للقضاء على التنظيمات الإرهابية وكبح جماح الدول الداعمة له، ومن ثم سيحاول الاستفادة من لقاءاته فى الرياض لإعادة هيكلة الشراكة الاستراتيجية مع دول المنطقة، وإنشاء إطار جديد للتعاون مع المحور العربى المعتدل من أجل مواجهة إيران، ومكافحة الإرهاب. ويهدف الرئيس الأمريكى من التحالف الجديد فى المنطقة لاستعادة الهيبة الأمريكية التى تأثرت أثناء حكم أوباما، وتحسين مناخ الثقة مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، وزيادة التعاون العسكرى والاقتصادى مع الحلف الجديد، لا سيما مع تطلعها لتزويد القوات المسلحة السعودية والخليجية بأسلحة ومعدات عسكرية متطورة تقدر قيمتها بحوالى 300 مليار دولار خلال السنوات القادمة، فى إطار الإعداد لقوات خفيفة قادرة على مكافحة الإرهاب وتأمين استقرار أنظمة الخليج ضد الاستفزازات العسكرية الإيرانية، فضلاً عن الضغط على إيران لإجبارها على إنهاء وجود قوات الحرس الثورى وباقى الميليشيات الشيعية من سوريا واليمن، وتقديم رسائل تطمينات وضمانات لوقوف الولاياتالمتحدة بجانب دول الخليج فى مواجهة التهديدات الإيرانية، وتقليص تدخلها السلبى لدعم بعض التنظيمات المدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية والتى تشكل تهديداً لكل من إسرائيل ودول المنطقة، والحيلولة دون المزايدة على مواقف الأطراف المعنية لزعزعة مناخ الاستقرار الإقليمى، لا سيما مع تبنى التنظيمات الإرهابية لأفكار تستند إلى الجهاد ضد إسرائيل، لكسب تعاطف ودعم الشعوب العربية والإسلامية، فقد حرصت التنظيمات الإرهابية التى تدعى أنها إسلامية على ربط اسمها ببيت المقدس (أكناف بيت المقدس أنصار بيت المقدس ...) لإستمالة الشباب وتجنيدهم للقيام بعمليات إرهابية فى العواصم العربية بدعوى أن تحرير بيت المقدس يبدأ من القاهرةوالرياض. ورغم ما سمعه الرئيس/ الأمريكى خلال الزيارات المكثفة للقادة والزعماء العرب من إلتزام الدول العربية بتحقيق السلام باعتباره خياراً استراتيجياً للجانب العربى، مبنياً على مبادرة السلام العربية، التى تربط تطبيع العلاقات بين العرب وإسرائيل بالتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، والتى تمثل مفتاح الأمن والسلام ومكافحة الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الإدارة الأمريكية تعمل حتى الآن على استكشاف فرص التقارب بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، حيث تشير ملامح الحركة الأمريكية إلى سعيها لإقناع الطرفين بقبول الدخول فى مفاوضات مباشرة على مسارين، الأول مسار ثنائى بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإنهاء النزاع ، حيث ينوى التعبير عن تأييده لمساعى الفلسطينيين للحصول على حق تقرير المصير، مقابل الاعتراف بالقدسالغربية عاصمة لإسرائيل مع استمرار المحادثات مع إسرائيل حول ترتيبات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فى مرحلة لاحقة، وهو ما عكسه رفض مسئولى القنصلية الأمريكيةبالقدسالشرقية التنسيق مع مسئولى مكتب «نيتنياهو» بخصوص ترتيب زيارة «ترامب» لحائط المبكى باعتبار أن هذا المكان يقع فى الضفة الغربية وتنعدم سلطة إسرائيل عليه، وبما أدى لحدوث أزمة دبلوماسية للسفير الأمريكى فى تل أبيب «ديفيد فريدمان» الداعم للاستيطان الإسرائيلى فى المناطق المحتلة الذى تسلم مهام عمله منذ أيام، والمسار الثانى متعدد الأطراف يضم بعض دول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن لتوفير مظلة عربية للمحادثات الرامية لإنهاء النزاع العربى الإسرائيلى، مع تركيز الصفقة الأمريكية على البعد الاقتصادى لتحسين الأوضاع الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية، مع تشجيع فكرة الحل المرحلى الذى يقبل بإقامة دولة فلسطينية مؤقتة على أجزاء من الضفة الغربية، واستثناء القدسالشرقية ووادى الأردن وفقاً للمرحلة الثانية من خطة خريطة الطريق، ودون الالتزام بسقف زمنى لنهاية المفاوضات أو مناقشة لقضايا الوضع النهائى للتسوية خلال المرحلة الأولى من المفاوضات. لمزيد من مقالات لواء. محمد عبد المقصود;