تابعت التصريحات التى صدرت من وزير الأوقاف محمد مختار جمعة وكذا من المسئولين فى وزارته عن وضع قواعد لتنظيم عمليات الاعتكاف فى المساجد طوال شهر رمضان المقبل، والتى تشمل أن يكون الاعتكاف تحت إشراف أئمة ينتمون إلى الوزارة وأن يكون المعتكف من أهل المنطقة التى يقع بها الجامع وأن يكون المكان صالحا من حيث السلامة الصحية وخدمة المعتكفين والتهوية، فضلا عن منع الاعتكاف فى غير المساجد التى تحددها الوزارة، وأن يتولى المشرف على الاعتكاف تسجيل بيانات الراغبين فى الاعتكاف وفق سعة المكان وأن تتم عملية تسجيل البيانات قبل أسبوع من موعد الاعتكاف. ولا أظن أن هذه السيطرة الإجرائية الكاسحة تلائم الطابع الروحى أو الإيمانى لعملية الاعتكاف ذاتها، إذ لا يعقل أن يتقدم المعتكف بطلب إلى الوزارة للسماح له بهذا العمل وخاصة مع تحديد الوزارة موعدا نهائيا للتسجيل هو ما قبل الاعتكاف بأسبوع. هذا منطق يجافى التعبد الذى ينبغى ألا يكون باستئذان. أما إذا كان الغرض هو الحد من استخدام المساجد فى العمليات الإرهابية، وأظن أن ذلك السبب وراء إجراءات وزارة الأوقاف، فإن القاعدة الفقهية تقول: «الضرورات تبيح المحظورات» ولأن البلاد تقود حربا شاملة ضد الإرهاب وجماعات التكفيريين والإخوان، فمن المنطق تماما منع الاعتكاف بالمساجد لحين الفروغ من تلك الحرب التى تفرض علينا التحوط ضد أى احتمال يمكن أن يتسبب فى عمل إرهابي، وليكن ذلك لسنة أو لسنتين أياً ما كانت المدة. فليتخل أصحاب النفوس الهفهافة الشفافة الذين تعودوا الاعتكاف فى المساجد فى شهر رمضان عن تلك الممارسة لأن البلاد تواجه خطرا جسيما. أما مسألة اشتراط الوزارة أن يكون الاعتكاف تحت إشراف إمام من أئمة الوزارة أو خطيب حاصل على تصريح جديد من الوزارة لم يسبق إلغاؤه أو واعظ من الأزهر، تضامن لسلامة عملية الاعتكاف، فتلك مسألة محل نقاش، ونقاش صاخب أيضا، إذ ما الذى يدرينا أن بين أئمة الوزارة أو الخطباء أو الوعاظ من ليس على علاقة بالإرهاب كمتعاطف أو عنصر تنظيمى فيها.. هذه مسائل يكثر فيها الجدل، والصحيح أن يتم منع الاعتكاف حتى تتجاوز البلاد الظرف الاستثنائى الذى تمر به. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع