تحت عنوان «التدوين والنقد التاريخى حتى نهاية القرن التاسع عشر»عقدت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية مؤتمرها السنوى السابع عشر تحت رعاية وزير الثقافة حلمى النمنم والمهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة وبحضور د. أيمن فؤاد رئيس الجمعية وعدد من المؤرخين والمتخصصين . وفى تصريح خاص لصفحة «دنيا الثقافة» حول المؤتمر قال د.أيمن: حرصنا على تناول موضوع غير تقليدي، يعنى بطرق النقد والمدارس التاريخية الحديثة والأدوات البحثية، وكلها قضايا لم تتوافر عليها دراسات شرقية متخصصة، خاصة التدوين فى عصور: العربى القديم والإسلامى والحديث. وعن أهمية المؤتمر قال د. أيمن: دفع الباحثين للاهتمام بهذه النوعية من الدراسات لتحقيق التنوع البحثي، لنتعرف كيف دُوّن التاريخ وجُمع، وما مدى الذاتية أو الموضوعية فى كتابته، وما إذا كانت الوثائق المتاحة متنوعة أم محدودة، وكيف يمكن الحصول عليها؛ لأنه إذا لم توجد وثائق فلا تاريخ .. والهدف تقييم الوثائق أو المواد التاريخية وإخضاعها للنقد؛ ولذلك جعلنا عنوان المؤتمر «التدوين والنقد التاريخي». وقد كرم المؤتمر عددا من رواد المؤرخين تقديرا لمكانتهم العلمية الرائدة وهم د.فاروق أباظة، د.محمود إسماعيل، د.وسام فرج، د.محمد بديوي، كما تم توزيع الجوائز على الفائزين بالجوائز العلمية للجمعية لهذا العام، وعلى مدى يومين عقدت عشر جلسات بحثية لمناقشة نحو أربعين بحثا، وشهدت الجلسة الافتتاحية محاضرة تذكارية باسم «رؤوف عباس» ألقاها د.خلف الميرى عن إشكالية إنتاج الإنسان للتاريخ فالحضارة عبر ثلاثة محاور:التطورات السريعة فى حركة الأحداث التاريخية، المنجزات التاريخية غير التقليدية فى آليات منهجيات البحث، كينونة المؤرخ فى التاريخ وكيفية إعداده، منوها برؤية د. رؤوف فى وجوب مواجهة الأهداف الظاهرة والخفية لتفكيك تاريخنا وتشويهه تزييفه. وفى كلمته سعى د. محمد عبد الغنى إلى صياغة رؤية موضوعية فى تناول مصادر التاريخ اليونانى والرومانى بطريقة نقدية تطرح كيفية المزج بين المصادر الأدبية والوثائقية للوصول للحقيقة التاريخية. وتناول د. نادر فتحى «النقد التاريخى عند الإغريق» اعتمادا على الوثائق المكتوبة. وأجاب د.عماد أبوغازى فى بحثه عن بعض الأسئلة منها:هل إنشاء معهد الوثائق والمكتبات فى مطلع خمسينيات القرن العشرين يعد نقطة البداية لدراسات الوثائق العربية وبحوثها بمصر، وهل تأخر ظهور الدراسات الوثائقية فيها أم كان مواكبا للبدايات الأولى للنهوض القومى فى القرن 19؟، أما د. فاطمة حسب فتناولت منهجَ ابن عبد الحكم التاريخى المتميز بدقة التحليل والعقلية المرتبة والبصيرة النافذة، وعرض د. أسامة السعدونى لملامح الكتابة التاريخية عند الحمدانى المؤرخ (ت 700ه) من كتابه «الأنساب»،وتناول د.صلاح عاشور قضية «الإخباريون والقصاصون والتدوين التاريخي» مفرقا بين الإخبارى والمؤرخ،على حين تناول د.عبد الناصر عبد الحكم كتاب «تاريخ البيهقي»، وقدمت د.وفاء غزالى دراسة عن رحلات البطريرك ديونيسيوس التلمحرى نموذجا مؤكدة تفردها لأنها رواية شاهد عيان عاصر هارون الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم. أما د.خليفة حمد الله فتناول دلالة الحروب فى الكتابة التاريخية منذ نشأة تدوينها عند المسلمين،وعن «منهجية البحث التاريخى عند ابن خلدون» تحدثت د.أمل مهدي، وعرض د. بدر إبراهيم لمعركة بلاط الشهداء (تور – بواتيه) بين المصادر العربية والمصادر الغربية مؤكدا أهمية تأمل طرق ومناهج تناول الأحداث التاريخية. وفى ختام المؤتمر عقدت جلسة التوصيات وطالب فيها المؤتمرون بضرورة استخدام المنهج العلمى فى تناول التدوين فى إطار فلسفة التاريخ ، والجمع بين المصادر التاريخية والآثارية وكل ما يفيد فى فهم الحدث التاريخي، والعمل على نشر وتحقيق المصادر القديمة والوثائق وحجج الأوقاف التى لم تنشر، مع التوصية باستخدام الآليات الحديثة فى دراستها وفهمها علميا، وتشجيع العمل المشترك بين المتخصصين من سائر أفرع علم التاريخ والآثار، وعدم الاقتصار على تناول الماضى بل دراسته واستقراؤه لفهم الحاضر والمستقبل، وترجمة أحدث الإصدارات العلمية فى المنهج التاريخي، وأخيرا إصدار بحوث تصحح ما علق بغير الحقيقة العلمية بالتاريخ الإسلامى والحديث.