المؤشر الذي له أولويته, والذي يجعل رئيس مصر له درجة عالية من القبول والشعبية, يتمثل في قدرته علي تحقيق العدالة والمساواة, والطريق المختصر لتحقيق هذه العدالة هو تحطيم هذا الفارق المنبوذ بين الدخول العليا والدنيا. وربما نقول هنا إن نظام مبارك قد أصاب التصدع بنيانه ليس بسبب التوريث وحده, وإنما غياب العدالة حيث نجد في المجتمع من يكد ويبذل الجهد المتواصل, ولا يحصل سوي علي الفتات حيث الأجر لا يغني ولا يثمن من جوع, بينما علي الجانب الآخر نجد من لا يعمل ويحصل علي دخول بأرقام فلكية, ومن هنا يتعين ومع مولد رئيس جديد للبلاد أن تكون هناك وقفة لمعالجة هذا الخلل والعبث, ولابد من تضييق هذه الفجوة اللعينة التي اتسعت إلي حدود يصعب استيعابها. ليس معقولا أن نجد رؤساء بنوك يحصلون علي دخول مليونية تقارب بالفعل رقم المليون شهريا, وكذلك هذا الكم من المستشارين داخل الوزارات ومؤسسات الدولة يتقاضون تلك الأجور الخيالية, فماذا يفعلون؟ وهل هم جهابذة؟ إذن يتعين ألا يتجاوز الحد الأقصي هناك الثلاثين مثلا ليصبح في حدود ثلاثين أو خمسة وثلاثين ألف جنيه شهريا, ولا نجد أي قيادة في الدولة تتخطي هذا الرقم ويمكنهم الاستغناء عن الكافيار والسيمون فيميه ماداموا يعشون في بلد فقير خزانته خاوية, وشعبه معدم. ولم يعد مقبولا خارج الجهاز الحكومي أن نجد مذيعا يتقاضي سنويا تسعة ملايين, أو فنانا كوميديا يحصل في الفيلم الواحد علي ثلاثين مليونا, أو مطربا يتقاضي ستمائة ألف جنيه لإحياء حفل زفاف, أو لاعب كرة عقده يتجاوز العشرة ملايين, ونبرر هذا كله بأنه إبداع هؤلاء المبدعين والمبدعات, آن الأوان بعد الثورة أن يسددوا ضرائبهم, فالدولة لها حق لديهم في تلك الظروف القاسية, ولتكن الضريبة متصاعدة لتصل إلي80% وفقا لشرائح الدخل. إنها العدالة بعينها أن يتحمل كل فرد وفقا لقدراته, فلنأخذ من القادرين لنساعد الكادحين, ودون ذلك فلا ثورة ولا عدالة, إنه المطلب العاجل بعد انتخابات الرئاسة. [email protected] المزيد من أعمدة شريف العبد