الذين يتحدثون عن مبادرات للمصالحة بين الحين والحين يغيب عنهم أن تجارة المصالحة قد بارت بعد أن تباعدت المسافات وتغيرت المعطيات ولم يعد بالإمكان الرهان على أى شكل من أشكال المصالحة بحوار العقل والمنطق ومن ثم يحلمون بإعادة أطروحات المساومة التى هى بالقطع وعلى وجه اليقين ليست فى أجندة دولة تحترم نفسها وتاريخها مثل مصر. أحاديث المصالحة باتت سلعة راكدة فى سوق الرأى العام المصرى الذى أصبح مدركا لطبيعة الصراع بين استقرار تنشده الدولة وإرهاب تمارسه الجماعة التى مازالت تراودها أحلام استعادة السلطة ولو على مراحل بينما يرى الشعب الذى دفع أثمانا باهظة فى الحرب ضد الإرهاب أنه مصمم على مواصلة هذه الحرب حتى تنهزم هذه الفلول وتندحر تماما فكريا وميدانيا. لهؤلاء الذين احترفوا فى معظم العصور تجارة المبادرات والدق على أوتار المصالحات رسالة تتردد على الشفاة بأننا لن نستطيع بحال من الأحوال أن نتوقف وأن نوقف معركة مصيرية فرضت علينا من أجل استعادة الهوية الوطنية ونشر الأفكار المستنيرة وصيانة كل الشواهد الحضارية التى تزين أرض مصر وتمثل تراثا للإنسانية كلها. المصالحة ممكنة فى حالة واحدة إذا ارتضى هؤلاء المتمردون على سلطة الدولة المصرية رفع رايات الاستسلام ووقف عمليات الإرهاب والمجاهرة بالاعتذار لأسر الضحايا والشهداء... وما عدا ذلك سوف يعيدنا مجددا للوقوع أسرى فى أغلال الشكوك والريب المترسبة من تجارب الماضى المريرة مع هذه الأفكار الشريرة. والحديث عن فتح صفحة جديدة دون التأكيد على شطب ومحو كل الصفحات القديمة يعتبر نوعا من الاستهبال والعبث بحاضر ومستقبل وطن لا يحلم ناسه بأكثر من الأمن والاستقرار والكفاية والعدل والحرية والكرامة.. واختبار النوايا يبدأ برفع المسلحين الإرهابيين رايات الاستسلام وأن يجاهر المحرضون باعتذار صريح عما ارتكبوه من جرائم فى حق مصر وشعبها.. وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث! خير الكلام: كن بحيلتك أوثق منك بشدتك وبحذرك أفرح منك بنجدتك ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله