تتسم الأديان بخصوصية لدى الكافة لما تتمتع به من قدسية؛ لذا وجب وضعها فى إطار من الحماية الجنائية ، يمنع المساس بها بشتى الصور التى تشكل انتهاكا لها ، وقد نظم المشرع المصرى ذلك فى قانون العقوبات ، ووضع عقوبات مختلفة لكل صور النيل من الاديان أو دور العبادة ، أو التحريض على الكراهية وأثارة الفتنة، والدعوة للتطرف كبداية للإرهاب ، أو التعريض بعقائد الآخرين والطعن فى إيمانهم ، وتحريف النصوص الدينية عمدا..الخ ، فقط مطلوب تفعيل وتطبيق هذه العقوبات حفاظا على الاديان السماوية من التشوية وتوقيرها جميعا ، لنشر ثقافة التسامح واحترام الآخر ، رغم ضعف هذه العقوبات وقصورها عن الردع !! الدكتور أحمد الشيشى الباحث فى القانون الجنائى والحاصل على درجة الدكتوراه فى الحماية الجنائية للاديان ، يقول: تنص المادة 98 من قانون العقوبات على أنه: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تتجاوز خمس سنوات؛ أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين فى الترويج؛ بالقول؛ أو بالكتابة؛ أو بأيه وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة؛ أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية؛ أو الطوائف المنتمية إليها؛ أو الإضرار بالوحدة الوطنية» كما تنص المادة -160- من قانون العقوبات المصرى على أنه: «يعاقب بالحبس، وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه، ولا تزيد على خمسمائة جنيه؛ أو بإحدى هاتين العقوبتين: أولا: كل من شوش على إقامة شعائر ملة؛ أو احتفال دينى خاص بها؛ أو عطلها بالعنف؛ أو التهديد، ثانيا: كل من خرب؛ أو كسر؛ أو أتلف؛ أو دنس مبانى معدة لإقامة شعائر دين؛ أو رموزاً ؛ أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة؛ أو فريق من الناس، ثالثا: كل من انتهك حرمة القبور؛ أو الجبانات؛ أو دنسها، وتكون العقوبة الحبس الذى لا تزيد مدته على خمس سنوات إذا ارتكبت أى منها تنفيذاً لغرض إرهابي» ، كما تنص المادة -161 - من قانون العقوبات المصرى على أنه: «يعاقب بتلك العقوبات كل تعد يقع بإحدى الطرق المبينة بالمادة- 171- على أحد الأديان التى تؤدى شعائرها علنا، ويقع تحت أحكام هذه المادة: أولا: كل من طبع؛ أو نشر كتابا مقدسا فى نظر دين من الأديان التى تؤدى شعائرها علنا إذا حرف عمدا نص هذا الكتاب تحريفا يغير من معناه ، ثانيا: تقليد أحتفال دينى فى مكان عمومي؛ أو مجتمع عمومى بقصد السخرية؛ أو ليتفرج عليه الحضور». تجريم المساس بالمسجد أو الكنيسة ويضيف الدكتور أحمد الشيشى قائلا مما سبق نجد أن قانون العقوبات المصرى قد تناول بالتجريم بعض الصور التى تشكل مساسا بالاديان دون البعض الآخر، فقد تناول بالتجريم استغلال الدين فى الترويج بالقول؛ أو بالكتابة؛ أو بأيه وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة؛ أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية؛ أو الطوائف المنتمية إليها؛ أو الإضرار بالوحدة الوطنية، أوالتشويش على إقامة شعيرة من الشعائر؛ أو احتفال دينى خاص بملة من الملل؛ أو تعطيل ذلك بالعنف؛ أو التهديد، كذلك، تخريب؛ أو كسر؛ أو إتلاف؛ أو تدنيس مبانى العبادة؛ أو أى رموز؛ أو أشياء لها حرمة خاصة عند معتنقى دين من الأديان، وكذلك كل تعد يقع بإحدى الطرق المبينة بالمادة -171 - من قانون العقوبات على أحد الأديان التى تؤدى شعائرها علنا ، وايضا طبع؛ أو نشر كتاب من الكتب المقدسة فى نظر دين من الأديان التى تؤدى شعائرها علنا، وتحريف أى نص فيه عمدا بصورة تغير من معناه، وتقليد احتفال دينى فى مكان عمومى بقصد السخرية، كما توجد بعض التشريعات الخاصة التى نظمت تلك الحماية كقانون الحفاظ على حرمة أماكن العبادة رقم - 113 لسنة 2008- حيث جرم أى تظاهر يتم داخل أماكن العبادة؛ أو فى ساحاتها؛ أو ملحقاتها وذلك للحفاظ عليها، وحمايتها من أى عبث، والحفاظ على الوقار المطلوب لها ويستوى فى ذلك إذا ما كان محل العبادة مسجدا؛ أو كنيسة. القوانيين كثيرة .. ولكن الحماية ضعيفة! ويشير الدكتور الشيشى الى أن هناك قوانين أخرى لحماية الاديان منها، القانون رقم- 102 لسنة 1985- بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف، والأحاديث النبوية الشريفة، حيث تقررت الحماية للمصحف الشريف، وكتب الأحاديث النبوية، وقد يكون ظاهر القانون هو تنظيم الطبع، والنشر، والتوزيع، والعرض، والتداول؛ إلا أن الهدف من هذه الحماية هو الحفاظ عليهما من أى تحريف يلحق بهما، ونسبة ما ليس فيهما إليهما، ولعل ذلك يلتقى مع النص الوارد فى المادة -161 - من قانون العقوبات، والخاص بطبع؛ أو نشر كتاب مقدس فى نظر دين من الأديان التى تؤدى شعائرها علنا إذا حرف عمداً نص هذا الكتاب تحريفاً يغير من معناه، والتى قرر لها عقوبة الحبس؛ إلا أن هذا القانون قد بين أن العقوبة هنا السجن المشدد، والغرامة التى لا تقل عن عشرة الآف جنيه، ولا تزيد عن عشرين ألف جنيه؛ وبذلك نجد أن المشرع المصرى قد غلظ العقوبة من خلال الجمع بين السجن، والغرامة ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، وإنما شدد العقوبة بجعلها السجن المؤبد، ومثلى الغرامة، وذلك فى حالة العود، وإيمانا من المشرع بخطورة هذا النوع من الجرائم فقد نص على عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ هذه العقوبات. القانون رقم- 96 لسنة 1996- بشأن تنظيم الصحافة حيث جرم الدعوات التى تنطوى على امتهان للأديان؛ أو الدعوة إلى كراهيتها؛ أو الطعن فى إيمان الآخرين؛ بالتالى فإنه يمتنع على الصحفى أثناء أداء عمله أن ينحاز إلى الدعوات الرامية الى امتهان؛ أو احتقار؛ أو الإساءة إلى الأديان؛ أو كراهيتها، وقرر المشرع عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة، وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه؛ أو بإحدى هاتين العقوبتين. قرار وزير الإعلام والثقافة المصرية رقم 220 لسنة 1976 والذى منع ظهور صورة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أو رمز له؛ أو صور الخلفاء الراشدين؛ أو أهل البيت، وكذا العشرة المبشرين بالجنة؛ أو محاكاة أصواتهم، ومنع ظهور السيد المسيح بصورته؛ أو صورة أى من الأنبياء ؛ على أن يتم الرجوع فى كل ما سبق ذكره للجهات الدينية المختصة لاستحالة الوصول إلى تصويرهم تصويراً صادقاً مما يشكل افتراءً على التاريخ، كما منع التصريح بعرض اى مصنف يتضمن الدعوات الإلحادية، والتعريض بالأديان السماوية، والعقائد الدينية ؛ او أداء الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وجميع ما تتضمنه الكتب السماوية أداء غير سليم؛ أو عدم مراعاة أصول التلاوة؛ أو عدم مراعاة تقديم الشعائر الدينية على وجهها الصحيح. قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة، والمواكب، والتظاهرات السلمية، حيث حظر الاجتماع العام لأغراض سياسية فى أماكن العبادة؛ أو فى ساحاتها؛ أو فى ملحقاتها، وبالتالى فإن أى اجتماع يكون لغرض ديني؛ خارجا عن إطار الحظر سالف الذكر؛ كما تناول بالحظر أيضا تسيير المواكب منها؛ أو اليها؛ أو التظاهر فيها، وقرر عقوبة الحبس التى لا تزيد على سنة والغرامة التى لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين الف جنيه او باحدى هاتين العقوبتين ؛ ولعل السبب فى ذلك ما تتمتع به أماكن العبادة من حرمة خاصة لا يجوز المساس بها؛ أو التعرض لها. المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات، حيث تناول بالتجريم تداول المطبوعات التى من شأنها التعرض للأديان بصورة من شأنها تكدير السلم العام، وقرر لها عقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، والغرامة التى لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على مائتى جنيه؛ أو إحدى هاتين العقوبتين فقط، ولعل العلة فى ذلك ما تثيره تلك المطبوعات من أمور من شأنها الإخلال بالنظام العام ؛ مع أنه كان ينبغى أن توجه الحماية إلى الأديان ذاتها؛ دونما النظر إلى الإخلال بالنظام العام من عدمه بالرغم مما تم ذكره من تشريعات إلا أنها فى مجملها قد جاءت قاصرة عن توفير حماية كاملة للأديان. الامر الذى يجب معه ضرورة الوصول إلى تشريع يتلاءم مع هذا النوع من الجرائم؛ من خلال الموازنة بينها، وبين الأضرار الناتجة عنها، واختيار العقوبة المناسبة لردع مرتكبيها؛ فضلا عن تشديد العقوبات السارية، حيث اثبت الواقع العملى عدم كفايتها لتحقيق الردع المنشود من العقوبة.