تبدأ غدا الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرر لها تحديد مصير سياسة البلاد خلال الخمس سنوات القادمة،تتقارب المسافات بين المرشحين بكافة انتماءاتهم من حيث مقدار شعبيتهم،ويزداد الناخب حيرة وتتشتت اختياراته ما بين اليسار واليمين. ويرى المراقبون أن ثمة تغيرا فى الأهواء حيث نلمح ميلا واضحا للناخبين تجاه السياسات المتطرفة يسارا أو يمينا والدليل على ذلك الصعود المدوى في استطلاعات الرأى لمرشح اقصي اليسار جان لوك ميلنشون وزعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتطرف مارين لوبن. وهو ما تؤكده الاّراء ونرصده من كتابات المحللين،فضمن كتابات متعددة نشرت مجلة لوبون الفرنسية تحت عنوان» لوبن وميلانشون توأم الخراب «،أن زعيمة حركة اليمين المتطرف مارين لوبن ومرشح أقصي اليسار زعيم حركة فرنسا الأبية جان لوك ميلنشون متقاربان في بعض الأفكار .واعتبر كاتب المقال انه في حال اختيار احد من الزعيمين المتطرفين لرئاسة خامس أكبر قوة عالمية فانه يتوقع أن يحل الخراب علي الإقتصاد العالمي وذلك لتوقعه رد فعل عنيف من جانب المستثمرين الأمريكيين والآسيويين الذين يمتلكون أكثر من الف مليار يورو من الديون السيادية لفرنسا. فى حين يرى البعض الآخر من المراقبين أن الأحزاب الفرنسية أوشكت علي الانهيار. فاليسار لم يشهد تشتتا مثل مايعانيه حاليا نظرا للاختلافات الواضحة في برامج مرشحيه ويظهر ذلك جليا فى النماذج المختلفة التي يطرحها كل من مرشح اليسار الرديكالي جان لوك ميلنشون والوسطي ايمانويل ماكرون والاشتراكي بنوه امون .ويشير المحللون إلى أن استطلاعات الرأى تتوقع لليسار الحظ الأوفر بالفوز في الانتخابات الراهنة ذلك لأنهم اكثر حضورا وشعبية في هذا الانتخابات مقارنة بنظرائهم من حزب الجمهوريين اليمينيين. وفي نفس الوقت، سلطت مجلة إكسبريس الفرنسية الضوء علي الطريقة المعمول بها فى استطلاعات الرأى التي تعطي بعض المرشحين حظا اوفر من غيرهم معتبرة إياه جمودا تقليديا من منطلق انها لا تعتمد الا على عينات محدودة من الناخبين ولا تأخذ بعين الاعتبار من يمتنعون عن التصويت ولا هؤلاء الذين لم يقرروا بعد لمن سيصوتون.وفي هذا الصدد استشهدت المجلة بما حدث في الحملة الانتخابية الأمريكية التى كانت مغايرة تماما للنتائج النهائية.مشيرة إلى أن الحيرة لا تزال تسيطر على الفرنسيين قبيل الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرر لها غدا. ومع ذلك وعلي عكس التوقعات ترى المجلة ان هناك ثلاث عوامل ستدفع الناخبين الي التوجه الي صناديق الاقتراع وهى..الخوف والحماس والرغبة في القطيعة مع سياسات سئموها. اما باري ماتش فقد نقلت آراء لبعض المحللين السياسيين يَرَوْن فيها ان فرنسا تعيش عصر تحول واضح في النظام السياسي وأن السباق الرئاسى وما شهدته البلاد خلال الستة أشهر الاخيرة تجاوز كل التوقعات الرسمية .فتطورات الحملات الانتخابية الراهنة التي خرجت عن سياق كل التوقعات التقليدية قد تؤدي الي ازاحة كل من اليمين واليسار التقليديين في الجولة الانتخابية الثانية. ورغم هذا الغموض الذي يحيط بالانتخابات الرئاسية فلا يستبعد البعض فرضية ان ينحسر السباق في الجولة الثانية بين زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبن ومرشح حركة إلي الأمام ايمانويل ماكرون. وفي نظرة سريعة علي المرشحين نراهم يلهثون وراء مقعد الاليزيه ويبررون افكارهم وبرامجهم مستخدمين كل المتاح من الوسائل بغية ابهار الناخب وجذبه. فقد قرر مرشح اقصى اليسار وزعيم حركة فرنسا الابية جان لوك ميلنشون إبهار الناخب ليس فقط بالافكار والوعود انما عمد إلى استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية في اخر لقاء له مع الناخبين جيث أجرى لقاء مزدوجا في نفس اليوم والتوقيت في باريس ومرسيليا عن طريق تكنولوجيا نقل الفعاليات» نولوغرام»، التي تعتمد علي البعد الثالث في تجسيد الشخص كما لو كان موجودا أمام الجمهور. وخلال اللقاء أثنى ميلنشون على شجاعة المهاجرين الذين ماتوا غرقا في البحر المتوسط قبل بلوغ الشواطئ الأوروبية.وبعبارات مؤثرة جدا قال «ان البحر الأبيض المتوسط اصبح مقبرة للمهاجرين» والجدير بالذكر انها ليست المرة الأولي التى يدافع فيها ميلنشون عن المهاجرين ،فعلي عكس برامج المرشحين الآخرين الذين يهاجمون الهجرة ويضعون خططا وبنودا لمكافحتها سبق لميلنشون أن أبدى تعاطفه الكامل مع المهاجرين الذين يأتون إلى أوروبا قائلا:” يجب أن نعامل هؤلاء المهاجرين،عندما يصلون إلى اراضينا كما نحب أن يعاملونا في حال كنا نحن من يذهب إلى بلادهم إذا كنا نعاني نفس الظروف الصعبة التي يعيشونها هم،مؤكدا لو كنا نعاني ما يعانون لكنا فعلنا ما يفعلون”.كما دعا إلى تسوية أوضاع العمال من المهاجرين الذين يعملون بدون تراخيص الإقامة..في حين يرفض إلغاء «شينجن»لعدم تشجيع الهجرة الكثيفة. أما عن اخر نتائج متوقعة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية قبل الجولة الأولى غدا، فان مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن يتوقع حصولها على 23% من أصوات الناخبين يليها ايمانويل ماكرون 22% وفيون 20% وميلنشون 17% وآمون 9%. اما الجولة الثانية فتضع لها الاستطلاعات احتمالين الأول في حال ان تكون التصفية مابين ايمانويل ماكرون ومارين لوبن قد يفوز ماكرون بنسبة 62% امام مارين لوبن التى يتوقع خروجها ب 38% . اما السيناريو الثانى فيتوقع وصول فرانسوا فيون امام مارين لوبن، وفى هذا الحال سيحصل مرشح الجمهوريين فيون على 52% مقابل 42% لمرشحة الجبهة الوطنية لليمين المتطرف مارين لوبن. وبالرغم من انه لم يتبق على الانتخابات الرئاسية سوى ساعات معدودة إلا أن غالبية الفرنسيين لم يحددوا بعد من هو المرشح الذى سيمنحونه ثقتهم ويصوتون له.