سألت ابن شقيقتى مداعبا (هو الضمير موجود فين فى جسم الإنسان؟)، كنت أعتقد نفسى بسؤالى هذا «صايع»، لكن ابن أختى فاجئنى بالإجابة «الأصيع» عندما قال (الضمير موجود فى الجسم كله). لا أجد وصفا للضمير إلا نسخة الفنان محمود مرسى فى مسلسل « أبو العلا البشرى»، فنان كبير يؤدى دورا عظيما من المؤكد أنه كان بديعا على الورق، لكن الحياة لا تسير بهذة الطريقة، تقول الحكمة الأجنبية « الضمير لا يمنعك من ارتكاب الخطأ لكنه يمنعك من الاستمتاع به»، كان مرسى الذى يلعب دور الضمير فى المسلسل بلازوجة أو أولاد، تبدو الحياة ثقيلة بالفعل فى صحبة الضمير، العادى فيها هو التأنيب وجلد الذات وان تجد نفسك تغنى له «ماتفوتنيش أنا وحدى أفضل أحايل فيك .. خلى شوية عليا و خلى شوية عليك»، لكنه مالوش فى « الغنا»، و راحته شروطها صعبة، لكن الحياة بدونها مستحيلة، و عذابه مؤلم مثل نظرة الأم عندما ترتكب خطئا فى حضور الضيوف، و المسكنات فى حضرته عمرها قصير، و الألم يزداد بزوال أثرها. موضوع سطوة نظرة الأم يذكرنى دائما بأننا سنموت قبل أن نعرف كيف استطاعوا أهالينا أن يربونا، الواحد يعتبر نفسه مازال فى طور التربية حتى يومنا هذا، و يتعلم كل يوم شيئا جديدا، ومثلما تعلم الواحد أنه فى الكوكب كله ليس هناك عمل أنبل من مساعدة شخص فى عبور الطريق، تعلم أيضا أن أكبر دليل على أن (ربنا مايرضاش بالظلم) هو أن الجودزيلات انقرضت بينما بقيت الفراشات. تقول الأسطورة الهندية مات رجل وذهب إلى الجنة التقى بملاك فسأله لماذا خلق الله المرأة جميلة؟ فقال له «علشان تعجبك»، فسأله ولماذا خلقها ساذجة؟ فقال له «علشان ترضى تحب واحد زيك»، يكون الضمير فى أكسل حالاته فقط فى العلاقات العاطفية، الحقيقة كل ما أراد أن يفكر تعرض للعطل على هامش العلاقات العاطفية مثل الضمير أو العقل، وتقول حكمة أجنبية « مشكلة الزواج ليست فى العثور على الشخص المناسب و لكن فى أن تكون الشخص المناسب»، أؤمن أنه إذا صلح الضمير صلح الغرام، حتى لو كان نهايته الفراق، أصحاب الضمير فقط هم من يجيدون كتابة نهاية يصبح الوجع فيها ضيف شرف. تقول الحكمة الإيطالية «الفرق بين الشجاع والجبان أقل من 3 ثوان»، اعتقد أنها المدة التى ينتصر فيها صوت الضمير على أية أصوات أخرى، ويقول سيد مكاوى «وأرجع تانى أقول لك ريحنى الله يهديك .. علشان المركب تقدر تمشى بيا وبيك»، لكن الضمير ربان أعالى بحار مغرور لا يقبل شراكة فى قيادة المركب، إما أن تشاركه الرحلة بشروطه أو فلتبق وحيدا على شاطىء الندم، والندم قاس ويظهر لك من تحت الأرض، وهو محير أو كما قال صلاح جاهين « أندم على الفرص اللى سبتهم .. ولا على اللى الفرص اللى ماسبتهمش»، و الندم من وجهة نظرى إعاقة، لن يشفى منها الواحد إلا بترك القيادة للضمير ليقرر ما يجب فعله، ربما كان الاعتراف بالخطأ علاجا، وهو أمر أكثر رومانسية من الاعتراف بالحب. وهناك قصة كتبها جاليانو فى كتابه «صياد القصص» عن ملك اصطاد حيوانا وطلب من الطباخ أن يطهور له أفضل عضو فيه فطهى اللسان، بعدها بأيام أصطاد الملك حيوانا آخر وطلب من الطباخ أن يطهو له أسوأ عضو فيه فطهى اللسان أيضا، وقالت إحدى الدراسات إن 70 % من حالات الندم فى دراسة ميدانية كان لها علاقة ب «اللسان»، ويقول مثل إنجليزى شهير «اسمع كثيرا ستعرف الحكمة، تكلم كثيرا ستعرف الندم». هناك أفكار كثيرة ندم الواحد على التخلص منها ليفسح مكانا لأفكار جديدة، مثل حكمة مارك توين التى تقول « عندما تجد كل الأشياء تقف فى صفك أعرف فورا أنك تقف فى المكان الخطأ»، أو الحكمة الإنجليزية التى تقول « الحرية تقاس بكم الأشياء التى تخاف أن تفقدها،والعظمة تقاس بعظمة الأشياء التى تجلب لك التعاسة»، لكننى لم اتخلص أبدا من مقولة فيكتور هوجو «الضمير هو أحد الطرق التى يقدم بها الله نفسه للإنسان». علمتنى إجابة ابن شقيقتى مالم أكن أتوقعه، ذكرتنى الواقعة بالأستاذ ميخائيل أستاذ التاريخ فى المدرسة الإعدادية عندما قال لنا « فى مدرسة الوزارة تتعلم ثم تخوض الاختبار ..فى مدرسة الحياة تخوض الاختبار ثم تتعلم»، يحاول الواحد أن يتعلم ما يجعل ضميره مستريحا، يقول المثل الإنجليزى» هناك نوعان من الناس نوع يعطى و نوع يأخذ، من يأخذ يأكل جيدا، و من يعطى ينام جيدا»، و يحاول أيضا أن يتعلم كيف ينظر للجانب المضىء فى تأنيب الضمير، يقول جاكوب ديلان « وخز الضمير أمر جيد فهو على الأقل يعنى أنك تمتلك واحدا». [email protected]