ها هو نفس السيناريو يكاد يتكرر، عندما نجح الشيوخ المتصدرون للمشهد على مدى السنوات الماضية فى التسويف، آملين فى أن تخمد موجة دعوة الرئيس السيسى لتطوير الخطاب الدينى وللإقدام على ثورة دينية، وعملوا على مجاراة الأجواء بل وبالغوا فى حماسهم، ولم يبرروا للرأى العام كيف يقبلون بثورة فى وقت كانوا لا يرحمون من يطالبهم بمجرد إصلاحات فى بعض التفاصيل، حتى تمكنوا من إبقاء الوضع على ما هو عليه، ولم تتغير المناهج الدراسية كما وعدوا، ولم يتخلوا عن إعطائهم التراخيص الاستثنائية لدعاة الفتنة من اعتلاء المنابر. وها هم هذه الأيام يأتون بصورة طبق الأصل لما فات، بإشادتهم بقرار الرئيس السيسى بتشكيل مجلس أعلى لمواجهة التطرف والإرهاب! أنظر إلى هذا البيان الرسمى الصادر قبل يومين من إحدى المؤسسات الدينية المعتمدة يتحدث بالمناسبة عن أن هيئة كبار العلماء تبحث الآن عدة قضايا مهمة تتضمن بيان الحكم الشرعى فى إقدام إنسان على العمليات الانتحارية واستهداف الكنائس..إلخ!! وهو ما يثير الدهشة: هل حتى يومنا هذا لم يكونوا قد حسموا هذه الأساسيات؟! والحقيقة التى تضغط بشدة على الضمائر المهمومة بجدّ هى أن المخاطر التى نعيشها لم تعد تحتمل أن نبدد وقتا آخر أو أن نهدر طاقة أخري، فى وقت تنزل فيه ضربات الإرهاب الموجعة على الرءوس والقلوب، بينما يجرى على الملأ شحن النفوس بخطاب الكراهية من فوق المنابر، وتدهورت الأحوال إلى حد تجييش الصبية فى تظاهرات ضد مشروعات الكنائس، بل واعتراضا على أن يُصلِّى المواطنون المسيحيون فى منازلهم فى القرى الخالية من كنائس، ولا يزال بعض المتطرفين المعروفين بالاسم على رأس عملهم بكل الصلاحيات فى بعض المؤسسات الدينية الرسمية..إلخ. لا فكاك من أن يضم المجلس الأعلى رموز الاستنارة فى هذا البلد، وأن يكون له القرار الفصل فى تسيير أمور التعليم الدينى وآليات عمل المؤسسات الدينية. وهو ما يتطلب إعادة النظر فى النصوص الدستورية التى حصرت هذه المهام وما يزيد عليها للأزهر. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;