حذر كبار المسئولين الأوروبيين من خطورة انقسام المجتمع التركى عقب فوز معسكر «نعم» لتوسيع صلاحيات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وذلك فى الوقت الذى طالبت فيه المعارضة التركية بإلغاء نتائج الاستفتاء. وحصل أردوغان على فوز صعب لتمرير تعديلات دستورية توسع صلاحياته، وتحول نظام الحكم فى تركيا من برلمانى إلى رئاسي، حيث أظهرت النتائج حصول معس كر «نعم» على تأييد 51٫2٪ مقابل رفض 48٫8٪. وفى غضون ذلك، طالب بولنت تزكان نائب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، اللجنة الانتخابية العليا بإلغاء الاستفتاء الذى جرى أمس الأول بسبب وجود مخالفات جسيمة شابت عملية التصويت. وأضاف تزكان أن «الطريقة الوحيدة لإنهاء المناقشات حول قانونية الاستفتاء ولتهدئة الناس، أن تقوم اللجنة الانتخابية بإلغاء التصويت». جاء ذلك فى الوقت الذى قال مصطفى ألطاش زعيم الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، فى تصريحات نقلتها قناة «إن تى في» الخاصة، إننا «سنقترح على أردوغان العودة إلى الحزب أواخر إبريل الحالى». ومن المنتظر أن تدخل ثلاث مواد من المواد المعدلة فى الدستور من مجموع 18 مادة إلى حيز التنفيذ فورا، وهى انضمام الرئيس لحزب العدالة والتنمية الحاكم، وإعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين بعد تغيير الاسم إلى مجلس القضاة والمدعين العامين بتخفيض عدد أعضائه من 23 إلى 13 عضوا وتمنح الصلاحية للرئيس لاختيار 4 أسماء بجانب تعيين وزير العدل ومستشاره ليصل إلى 6 أشخاص مع منح الصلاحية لمجلس البرلمان لاختيار 7 أسماء أخري، على أن يتم تحديد الأسماء الجديدة خلال 30 يوما، وإنهاء مهام القضاة العسكريين فى المحكمة العسكرية، وبالتالى انخفاض عضوية المحكمة الدستورية من 17إلى 15 عضوا. وفى تطور آخر، ذكر تقرير إعلامى أنه من المقرر مد حالة الطوارئ مجددا، وذكرت قناة «سى إن إن تورك» التركية أنه من المقرر أن يجتمع مجلس الأمن القومى فى البداية، ثم يعقد مجلس الوزراء اجتماعا آخر، ويتولى أردوغان رئاسة المجلسين لتمديد الطوارئ. ومن المقرر أن يعقد البرلمان جلسة اليوم الثلاثاء، حيث من المؤكد أن يتم خلالها الموافقة على تمديد العمل بحالة الطوارئ، من منظور أن حزب العدالة والتنمية يمثل الأغلبية فى المجلس. جاء ذلك فى الوقت الذى توالت فيه ردود الفعل الدولية على نتائج الاستفتاء، فقد كانت قطر أول المهنئين لأردوغان، حيث تلقى الرئيس التركى التهانى من أمير قطر تميم بن حمد، كما سارع وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى بالاتصال هاتفيا بنظيره التركى مولود تشاويش أوغلو. وقدمت حركة النهضة، الجناح التونسى لجماعة الإخوان، التهنئة لأردوغان على الفوز فى الاستفتاء وتمرير التعديلات الدستورية، وقال راشد الغنوشي، زعيم الحركة، إنه اتصل بالرئيس التركى وأبلغه تهانيه على هذا «النجاح». وفى برلين، ذكّرت المستشارة أنجيلا ميركل ووزير خارجيتها زيجمار جابريل الحكومة التركية بأنه يتعين عليها بصفتها عضوة فى مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبى ومرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى أخذ مخاوف مجلس أوروبا تجاه التعديلات الدستورية الجديدة فى الاعتبار، مطالبين فى الوقت نفسه أنقرة بمواجهة الانقسام فى المجتمع التركي. وقالت ميركل وجابريل فى بيان : «النتيجة الضئيلة للاستفتاء تظهر مدى انقسام المجتمع التركي، الحكومة الألمانية تنتظر أن تبحث الحكومة التركية الآن عقب معركة استفتاء قاسية عن حوار مفعم بالاحترام مع كل القوى السياسية والمجتمعية للبلاد». كما دعا ساسة بارزون فى الأحزاب الألمانية إلى وقف مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.وقال مانفريد فيبر نائب رئيس الحزب المسيحى الاجتماعى البافارى إن حصول تركيا على عضوية كاملة فى الاتحاد الأوروبى لم يعد هدفا ممكنا. ووصف فيبر فرص انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى بأنها «وهم كبير» يتعين الاستفاقة منه، مطالبا قادة دول الاتحاد بإعادة تقييم علاقتهم مع تركيا خلال قمتهم المقرر عقدها فى غضون أسبوعين. ومن جانبه، اعتبر أندرياس شوير الأمين العام للحزب المسيحى الاجتماعى البافاري، الذى يكوّن مع حزب ميركل المسيحى الديمقراطى ما يعرف باسم التحالف المسيحي، أن تركيا قطعت بنفسها مفاوضات انضمامها للاتحاد الأوروبى عبر هذا الاستفتاء. وأضاف أن «أردوغان قسم الأتراك فى تركيا وأوروبا، مستبد البوسفور يريد نظام متقادم ورجعى للدولة». وفى بروكسل، قال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية وفيديريكا موجيرينى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى ويوهانس هان المفوض الأوروبى لشئون التوسيع، فى بيان مشترك، «انطلاقا من النتيجة المتقاربة للاستفتاء والتداعيات البعيدة المدى للتعديلات الدستورية، ندعو السلطات التركية إلى السعى لأوسع توافق وطنى ممكن». وتابع «نشجع تركيا على ان تأخذ قلق مجلس اوروبا وتوصياته فى الاعتبار، ويشمل ذلك ما يتعلق بحالة الطوارئ» السارية فى تركيا منذ محاولة الانقلاب فى منتصف يوليو 2016. وذكر البيان بأن الاتحاد الأوروبى «ينتظر تقييم المراقبين الدوليين لمجريات الاستفتاء وما يتصل أيضا باتهامات المعارضة التركية بوقوع تجاوزات».من جانبه، اعتبر لارس لوك راسموسن رئيس الوزراء الدنماركى على تويتر أنه «من الغريب أن تُستخدم الديمقراطية للحد من الديمقراطية». وفى باريس، حذرت فرنسا بأنه إذا نظمت تركيا استفتاء حول معاودة العمل بعقوبة الإعدام، فإن ذلك سيكون «ابتعادا» عن «القيم» الأوروبية، وذلك بعدما أعلن أردوغان أنه قد يدعو إلى مثل هذا الاستفتاء.