عرض أحد البرامج التليفزيونية فى الأول من يناير الماضي، تقريرا عن طفلة من محافظة شمال سيناء، تعانى قصورا فى الذراعين، وتحتاج إلى تركيب أطراف صناعية، والجميل فى التقرير أن الفتاة الصغيرة تحاول التغلب على إعاقتها؛ فهى تساعد فى أعمال المنزل، وتكمل تعليمها، وتكتب باستخدام قدميها أو فمها، لكننى توقفت أمام ما قاله مدرسها فى التقرير وهو أنه لا يستطيع أنا يراها وهى تكتب بفمها، فوجدتنى أسأل: لماذا نرى دائما الجانب المعتم من الصورة ونغفل الجوانب المشرقة والإعجاز الإلهى الكامن وراءها؟ وأظن أن تفسير ذلك يرجع إلى أننا عادةً ما نقيس كل شيء على أنفسنا، وننسى أن حكمة الله سبحانه وتعالى قد جعلت لكل هدف أكثر من وسيلة لتحقيقه، فإذا عجز الإنسان عن الوصول إلى غايته بالطريقة المعتادة، فإن هناك طرقا أخرى قد تكون أصعب أو أطول لكنها أفضل، لأنها تجعل الشخص يعتمد على نفسه. لذلك فلا تحزن إن رأيت أى شخص كفيف يستخدم بعض العلامات البارزة لتساعده فى تمييز ألوان ملابسه، ولا تشفق على أصم يحاول قراءة شفاه وإشارات مَن حوله ويجتهد للتواصل معهم، ولا تتألم إذا رأيت صاحب الإعاقة الحركية وهو يستند إلى عصاه أو كرسيه ليتحرك به إلى حيث يريد، بل شجعهم على الاعتماد على أنفسهم، وحاول أن تساعدهم فى الوصول إلى الطرق البديلة المناسبة لهم، وقدم لهم النصيحة فى حالة وقوعهم فى أى خطأ، ولا ننسى فى هذا السياق الدور المهم الذى تلعبه التكنولوجيا المساعدة لتسهيل حياة ذوى الإعاقة، وتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية والاعتماد على النفس. لذا فإننى أناشد مؤسسات الدولة المختلفة، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الأعمال، الاهتمام بمجال التكنولوجيا المساعدة، وأتمنى أن نكون جميعا مصدرا للطاقة الإيجابية، وأن نكف عن إحباط الآخرين بأى تصرف، أو كلمة، أو حتى نظرة الشفقة المؤلمة، ولنتذكر دائما قول الله تعالى فى الآية 191 من سورة آل عمران (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار).