فى خطوة مهمة ومحسوبة أقدمت مصر بقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسى على إنشاء بعثة - لها لدى منظمة حلف شمال الأطلنطى (الناتو)، تحت رئاسة سفير مصر لدى مملكة بلجيكا السفير إيهاب فوزي، ممايعزز من مكانة مصر الدولية والإقليمية، ويرسم إستراتيجية جديدة فى التعاون فى المجالين السياسى والعسكري، انطلاقاً من دورها الريادى فى المنطقة العربية وموقعها الجيواستراتيجى والبولوتيكي، لاسيما أن هناك تعاونا قائما بين مصر والحلف منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، إلا وأنه بموجب هذا القرار يحق لمصر التوسع فى المشاركة والحضور فى أغلب الاجتماعات والقمم التى يعقدها الحلف على مختلف المستويات حيث يقوم الحلف باستعراض عملياته التى يقوم بها بشكل دورى وتأخذ شقين الأول سياسى والثانى عسكري. يعتبر (الناتو) الأداة العسكرية للاتحاد الأوروبي، وكانت نشأته بعد أن انقسم المنتصرون فى الحرب العالمية الثانية نتيجةً لاسباب عقائدية وسياسية إلى معسكرين، المعسكر الشيوعى بقيادة الاتحاد السوفيتي، والمعسكر الغربى بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وسعى كل معسكر لحماية أعضائه من التهديدات المحتملة من المعسكر الآخر. وتم الإعلان عن معاهدة واشنطن لإنشاء الناتو 1949 للمعسكر الغربي، تبعه إنشاء حلف وارسو 1955 للمعسكر الشيوعي، ومع اشتداد الحرب الباردة بين الكتلتين العظميين آنذاك التزم الحلف بمهمة الدفاع عن أراضى دول التحالف فى مواجهة حلف وارسو، وامتلاك القدرة على الردع بالقوات التقليدية والتوازن النووي، ومع فشل تطبيق النظرية الشيوعية، انهيار سور برلين فى 9 نوفمبر 1989، ثم انفراط عقد حلف وارسو وسقوطه فى نوفمبر عام 1991، وأعقبه انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتى فى ديسمبر من نفس العام، وإعلان نهاية الحرب الباردة، أفرز هذا الانهيار المفاجئ للكتلة الشرقية أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية اجتاحت شرق أوروبا، والبلقان، ودول الإتحاد السوفيتى السابق، وأصبحت دول أوروبا الغربية مهددةً تحت ضغط الهجرة غير الشرعية، وعصابات الجريمة المنظمة، مما كان له تأثير مباشر فى تعديل إستراتيجية حلف الناتو. ويعتبر حلف شمال الأطلنطى حالياً أحد أبرز الفواعل العسكرية فى العالم، وذلك بعدما تغيرت إستراتيجياته الأمنية والقتالية لأكثر من مرة، وبدأ فى عمل برامج تعاون وشركات مع الدول غير الأوروبية ومن ضمنها مصر، حيث استضاف مطلع الشهر الجارى وفداً من الخبراء الاستراتيجيين والسفراء السابقين وكان «الأهرام» من ضمنهم لاطلاعهم على توجهاته نحو المنطقة العربية، خاصة أن الحديث كثر حول إمكانية تدخله مرةً ثانية فى الدولة الليبية لتثبيت الاستقرار ومحاربة الإرهاب. ورغم أن مدة الزيارة يومان، إلا أن جلسات النقاش كانت مليئة بالمعلومات، ومتسعة للاستفسارات حيث استعرض وقتها المسئولون الدوليون فى (الناتو) العديد من المهام التى قام بها الحلف سواء فى المنطقة العربية أو غيرها بالإضافة الى الشراكات وبرامج التعاون مع الدول وبطبيعة الحال كان لمصر الجزء الأكبر من الاهتمام، «لأهرام» استفسرت حول عدد من النقاط وكان من أبرزها ما مدى طبيعة العلاقة التى تربط الحلف بالولاياتالمتحدةالأمريكية فى الوقت الحالى وكان الجواب من المسئولين أنه من الصعب التنبؤ بشكل العلاقة، فالوقت لايزال مبكراً، ولكن سمعنا الناتو- أن هناك التزاما من الادارة الأمريكية الحالية تجاه الحلف وأيضاً مطالبة بتقسيم التكلفة المالية بين الحلفاء، حيث توزع ميزانية الحلف بين الدول الأعضاء، وهى عملية معقدة لأن هناك عدة ميزانيات الأولى هى عسكرية وهى التى تمول الإنفاق على العمليات التى يقوم بها الحلف ومقاره والأسلحة والطائرات وخلافه والثانية مدنية ويدفع منها مرتبات الموظفين فى الحلف، وأضاف المسئول بالحلف أن الدول الأعضاء تتقاسم تلك الأعباء حيث يقومون بدفع 2% من الناتج المحلى لبلادهم على الدفاع وتأتى التكلفة بحسب الاحتياجات أى أن الدولة التى تريد الدخول فى العمليات عليها أن تمول؛ ورغم العلاقات الطيبة التى بدت على شكل العلاقات بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا خلال المعركة الانتخابية الأمريكية الأخيرة إلا أن هناك من يرى أن الحرب الباردة لا تزال قائمة بين القوتين العظميين، ولم تتوقف الحروب بالوكالة فى أماكن متفرقة من العالم، لاسيما والصراعات المسلحة الحالية فى المنطقة العربية، فكان سؤال «الأهرام» عن طبيعة علاقة الحلف بروسيا فقال أحد المسئولين إنه ليس هناك تعاون ملموس، حيث تم تعليقه فى ضوء الضم غير القانونى التى قامت به روسيا لشبه جزيرة القرم ولكن مازالت القنوات الدبلوماسية مفتوحة. وحول المفهوم الإستراتيجى الحالى للحلف أوضح المسئولون أنه يجرى تغييره كل عشر سنوات، ويذكر أنه، عقب الهجمات الإرهابية على برجى التجارة بالولاياتالمتحدةالأمريكية فى العام 2001 نشأت بيئة أمنية جديدة للولايات المتحدةالأمريكية، مما أدى الى تغيير إستراتيجيات حلف الناتو للدفاع عن مصالح الدول الأعضاء وتنفيذ عمليات خارج القارة الأوروبية للمرة الأولى للدفاع عن مصالح الدول الأعضاء.