أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، أن مؤتمر الأزهر الشريف (الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل) الذي عقد مؤخرا، كان محاولة جادة لوضع النقاط على الحروف، ومواجهة أعداء الحياة الذين يحاولون تحقيق مآربهم الخاصة، من خلال إشعال فتيل الحروب والصراعات بين البشر، ولا يتورعون عن استغلال الأديان السماوية واتخاذها منطلقًا ومبررًا لما يرتكبونه من جرائم من خلال التدليس على الناس والتلبيس عليهم بتحريف نصوصها أو تأويلها تأويلًا فاسدًا أو اجتزائها من سياقها. وأضاف أن تنظيم داعش المجرم يحاول أن يُظهر نفسه على أنه فصيل مسلم ينتمي إلى المذهب السني حتى إذا ما اعتدى على طائفة شيعية مثلًا أشعل نار الفتنة بينهم وبين السنة، على الرغم من أن السنة يتبرأون من داعش وأعوانه ومن على شاكلتهم جميعًا، ثم يلعبون على وتر اختلاف الدين خاصة بين المسلمين والمسيحيين، فتجدهم يعتدون بأبشع صور الاعتداء التي شهدها العصر الحاضر على المصريين المسيحيين العاملين في ليبيا على سبيل المثال، ومن قبل ذلك فجَّر متطرفون كنائس وحرقوها في الإسكندرية والجيزة والمنيا، وبعده فجروا الكنيسة البطرسية في القاهرة، وبالأمس القريب اعتدوا على الآمنين في بيوتهم بالعريش واضطروهم إلى تركها والانتقال إلى محافظات أخرى. وطالب بتضافر جهود المؤسسات المعنية جميعًا داخل مصر وخارجها للتصدي لهذه التنظيمات والجماعات الضالة على المستويات كافة؛ لأنهم إن استطاعوا إيقاع فتنة بين المسلمين والمسيحيين أو بين المسلمين السنة والشيعة، أو بين السنة الأشاعرة وأهل الحديث، كما حاولوا بعد مؤتمر أهل السنة الذي عقد بالشيشان في أغسطس 2016؛ فإن هذه الفتن ستساعدهم كثيرًا في تحقيق مبتغاهم كأدوات وأذرع لأجندات أجنبية تعمل جاهدة من أجل تفتيت المفتت أصلًا من بلاد العرب والمسلمين وزعزعة استقرار المجتمعات وتهديد أمنها وضياع مستقبل أجيالها. وقال: قيَّض الله عز وجل الأزهر الشريف بعلمائه الأجلاء لينفوا عن دين الله تحريف المغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وليقوموا بدورهم الوطني من خلال الوقوف سدا منيعًا أمام الأخطار التي تهدد أمن الأمة فكريًّا وثقافيًّا، . ومن أجل ذلك دعا الأزهر الشريف لإنشاء «بيت العائلة المصرية» بعد حرق عدة كنائس على أياد خبيثة، واستجابت الكنائس المصرية بسرعة، وتشكَّل هذا الكيان الفريد في قلب مشيخة الأزهر، وهو يجمع عددًا من رجال الكنائس المصرية مع علماء الأزهر الشريف، ويتناوب على رئاسته شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية، وانتشرت فروعه في العديد من محافظات الجمهورية، ويجري الآن بحث إنشاء فروع له في الخارج للعمل بشكل فاعل على وأد الفتن الطائفية التي يحاول بعض أصحاب المصالح والأهواء في الداخل والخارج إشعالها واستغلالها في تحقيق مآربهم الخبيثة. ولفت إلى أن المتطرفين المغالين، فوجئوا بلطمة شديدة وجهها إليهم الأزهر الشريف بإعلانه إلغاء مصطلح (الأقليات) الذي يحلو للبعض إطلاقه على الفئة ذات العدد الأقل في مجتمعها كالمسيحيين في بلادنا والمسلمين في بلاد الغرب، وإنما كره الأزهر استعمال مصطلح (الأقليات) لما يصاحبه من دلالات تحمل في مضامينها الشعور بالتهميش والدونية وهضم الحقوق والتأخر في الترتيب بعد الأغلبية، فضلًا عن أنه مصطلح وافد على ثقافتنا وليس في تراثنا الإسلامي ما يدل عليه، بل فيه ما يدل على بطلانه. وقال إنهم اخترعوا (غالبا) هذا المصطلح للإضرار بالمسلمين في بلادهم غير عابئين ببني أديانهم في بلاد المسلمين، أو أن ذلك يدخل في إطار سياسة الكيل بمكيالين التي يتقنونها خير إتقان. وبهذا الإعلان السامي عن النظر لاختلاف الدين، لم يعد المسيحيون في بلادنا أقلية ولا في مرتبة ثانية، وإنما هم مع إخوانهم المسلمين وبينهم، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وهم أمة من دون الناس.