أثار تسمم الطلاب ببعض المدارس جدلا واسعا دفعنا الى فتح ملف التغذية المدرسية والبحث عن الحقيقة الغائبة فى رحلة الوجبة المدرسية. فما بين التحرك الرسمى من قبل وزارة التربية والتعليم وما بين ردود الافعال الغاضبة من أولياء الأمور تظل القضية فى انتظار الحسم لاسيما أنها تتعلق بأبنائنا. ووسط الإجراءات التى تتخذها الجهات الرقاببية للوقوف على الحقيقة حاولنا أن نتلمس خيوط الأزمة. فى البداية طالب الدكتور عاصم أبو عرب أستاذ ورئيس قسم تلوث الأغذية بضرورة إعادة النظر فى التغذية المدرسية المقدمة للطلاب، خاصة بعد تكرار حالات التسمم نتيجة أخطاء متعددة فى النقل أو التخزين السيئ وغيرها، مما يكشف أن هناك إهمالا وفسادا فى منظومة التغذية المدرسية ، وتتطلب آليات جديدة، لتقديم الدعم الغذائى للطلاب، فإذا كانت التغذية المدرسية المقدمة للطلاب مغلفة، نجد بعضها يصيب بالتسمم هل لأن الوجبات منتهية الصلاحية، أم لأخطاء فى التخزين فليس معقولا أن ننفق مليار جنيه سنويا دون فائدة للطالب وبعد أن كشفت الرقابة أن 80% من الأموال تنفق فى نقل التغذية ورواتب الموظفين العاملين بمنظومة التغذية، ثم تكون مسممة فيما لايصل للطلاب سوى 20% من هذه الوجبات. فليس معقولا أنه على مدار السنوات الماضية يتكرر تسمم تلاميذ المدارس بسبب الوجبة المدرسية، ودائما نجد فشلا فى حل هذه الأزمة . من جانبها أكدت الدكتورة لمياء سليم أستاذة ورئيسة قسم تلوث الغذاء بالمركز القومى للبحوث أنه يجب ان تتوافر الوجبة المدرسية الصحية خاصة، فهناك طلاب تحت خط التغذية المتوازنة السليمة والتى تعد أهم نواة لتنشئة جيل سليم للمجتمع وأداة من أدوات بنائه وبرغم التكلفة العالية ، وهناك أخطاء تتسبب فى حدوث تلوث الاغذية المدرسية لعدة أسباب منها :عدم صلاحية خطوط الإنتاج والمعدات المستخدمة من حيث النظافة، وتولى الأشخاص غير المؤهلين لذلك وعدم الرقابة الصحية الكافية، وغياب المعامل الميكروبيولوجية المتخصصة لعمل الاختبارات اللازمة للأغذية من حيث خلوها من الممرضات والملوثات الاخري، حيث تورد الوجبات للمدارس فى صورة عبوات بسكويت، إضافة إلى الوجبات التى تورد على هيئة قطعة جبن وبيضة ورغيف خبز، وهى عرضة للتلوث بدءا من مراحل الانتاج والنقل والتخزين، وربما يحدث التلوث فى مخزن المورد حيث المخازن الملوثة حشريا أو كيميائيا. وتضيف أستاذة تلوث الأغذية أنه لابد من توريد عينات الأغذية لوزارة الصحة التى تقوم بتحليلها أولا، ثم وبعد الإفراج الصحى عنها تذهب للمدرسة. والاهتمام بدور الزائرة الصحية قبل تسليم الوجبات للطلاب، وتسلم بحضور مدرس التربية الزراعية، ومدير المدرسة، أو الاقتصاد المنزلي، حيث يقومون بفحصها جيدا ثم تسليمها للتلاميذ. ولكن مع انعدام وجود الزائرة الصحية الآن ولا تأتي سوى مرة كل أسبوع دون جدوى كما الاهتمام بوضع تاريح الانتاج وتاريخ الانتهاء للمنتج خاصة فى البسكويت المنتج والموزع بعد تاريخ الصلاحية، والتلوث يبدأ من التصنيع والتغليف والتعبئة مرورا بمراحل النقل والتخزين غير الآمن للغذاء عموما، ليصاب الغذاء بالسموم الفطرية. والبكتريا. والتزنخ التأكسدي، فضلا عن تعرضه للحشرات والقوارض والملوثات الكيميائية، كما أن هناك انواعا عديدة من الفطريات من بينها ما يسبب مشاكل للإنسان، وتفرز العديد من السموم الفطرية الضارة. يعتبر أشهرها على الإطلاق هى الأفلاتوكسينات والتى تسبب العديد من الأضرار وهى تأتى من تعرض الاغذية لدرجات حرارة ورطوبة فى جو تخزينى يسمح بنمو الفطر، والغذاء معرض للإصابة بالتلوث بالبكتيريا وهى مميتة للإنسان ،لقدرتها على التكاثر السريع وإنتاجها لأنواع خطيرة من السموم. هذا فى ظروف من سوء التصنيع والتداول والتخزين غير الآمن ميكروب السالمونيلا حيث إنه يعيش وينمو فى القناة الهضمية, وهذا المرض ينتشر بسهولة من الحيوان إلى الإنسان ومن إنسان إلى إنسان ومن الإنسان إلى الحيوان, وفى خلال أى مرحلة من مراحل تصنيع وتخزين الأغذية، تتعرض الأغذية التى تحتوى على نسبة عالية من الزيوت أو الشحوم الحيوانية إلى التأكسد سواء كانت الخامات نفسها أو بعد تصنيعها وتساعد الظروف البيئية من حرارة ورطوبة مرتفعة على تزنخ الاغذية بالأكسدة بفعل الميكروبات العضوية على الدهون.