يعتبر اختيار 16 مارس من كل عام الموافق غدا ليكون عيداً وطنياً للمرأة المصرية هو تتويج لمسيرة نضالها، باعتبارها مشاركة فى صناعة الحضارة والتاريخ، وتقديرا لدورها الرائد فى كل مجالات الحياة، ففى مثل هذا اليوم من عام 1919 كسرت المرأة المصرية القاعدة التى كانت سائدة فى ذاك الوقت بأن «صوتها عورة ومكانها فى البيت» وأثبتت أنها جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصرى ومن الحركة الوطنية المصرية، لأنه يحمل ذكرى ثورة المرأة المصرية ضد الاستعمار ونضالها من أجل الاستقلال، حيث نظمت النساء مظاهرة صاخبة تعرضن فيها لرصاص المحتلين، وسقطت فى ذلك الوقت العديد من الشهيدات. واختلفت الروايات التى تقول إن أول شهيدة فى ثورة 1919 هى شفيقة محمد، و أخرى تقول إنها حميدة خليل، ولكن الثابت أن كلهن شهيدات خرجن فى سبيل تحرير وطنهن من الاحتلال.. وتحكى روايات أخرى أن شفيقة محمد توجهت مع النساء فى مظاهرة إلى مقر المعتمد البريطانى آنذاك «ملن سيتهام» وعند اقترابهن من المقر، حاصرهن الإنجليز بالبنادق لردعهن وإجبارهن على الابتعاد، فى الوقت الذى وقف فيه المعتمد البريطانى يراقبهن مندهشاً من إصرارهن وجرأتهن، وعلى غير توقع اندفعت شفيقة محمد نحو المعتمد البريطانى القائم بأعمال المندوب السامى وهى تحمل العلم المصرى فى يد وبيان الاحتجاج فى اليد الأخرى، وقبل أن تعود لصفوف المتظاهرات مرة أخرى اخترقت جسدها الرصاصات من اتجاهات عدة أصابت صدرها وبطنها. وفى 16 مارس عام 1923 دعت السيدة هدى شعراوى لتأسيس أول اتحاد نسائى مصرى للمرأة وكان هدفها هو تحسين مستوى تعليم المرأة وضرورة حصولهن على حق التعليم العام الثانوى والجامعى وضمان المساواة الاجتماعية والسياسية، وإصلاح القوانين فيما يتعلق بالزواج ومحاربة الخرافات وكانت العادات والتقاليد تمنع كل ذلك آنذاك. وفى 16 مارس من عام 1956 حصلت المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشح، وهو أحد المطالب التى ناضلت المرأة المصرية من أجلها والتى تحققت بفعل دستور 1956 وتستمر المرأة المصرية فى المشاركة فى مختلف أوجه الحياة سواء سياسيا واجتماعيا، حتى أصبحت عضوا برلمانيا ولها الحق أيضا فى التصويت ومنهن من اختيرت لتشغل مناصب رفيعة كوزراء وقضاه وسفراء وأخيرا محافظة للبحيرة. يقول د. أحمد يحيى عبد الحميد أستاذ علم الاجتماع إن الرؤية المستنيرة لأهمية خروج المرأة ومشاركتها فى الثورة واستقرارها فى المشهد السياسى لم تكن تعبر عن تيار عام وقتى، ومنذ 16 مارس 1919 وحتى الآن اختلف المشهد كثيرا وأصبح للنساء كيانات ومؤسسات كثيرة تمثلها رسمية وأهلية وتزايدت نسب التعليم والمشاركة فى المواقع القيادية، وإن ظلت متواضعة قياسا الى أدوارها التاريخية فى بناء البشر وفى العمران والحضارة والثقافة ودورها فى تجاوز ما مر ببلادها من تحديات وتجلياتها بعد ثورة 25 يناير 2011 ودورها الأعظم فى ثورة 30 يونيو 2013 فى عطاء لم يتوقف ويمثل مدخرا من مدخرات القوة والصلابة. ويشير الى أن الأجيال من حفيدات المناضلات عبر حلقات التاريخ لن يرفعن رايات الاستسلام لأنهن يعرفن كم تحتاج إليهن بلدهن وأنهن يتقدمن أرصدة الأمان والتأمين والقوة لها فى مواجهة الأخطار، وأولها التزام الدولة بتنفيذ الاستحقاقات الدستورية للمرأة.