الفوضى تضرب السوق المصري، وخير دليل على ذلك الارتفاع الجنوني للأسعار، وأنين المواطنين من جشع التجار، وأحلام البسطاء ببقايا طعام أو فتات، في ظل رقابة غائبة ومسئولين يتشدقون بتصريحات وردية ليل نهار. مع بزوغ شمس كل يوم جديد، تسمع حكايات من دفتر المعيشة للمواطن البسيط، عن الارتفاع المتواصل للأسعار دون رقيب أو حسيب، وقضايا فساد بملايين الجنيهات التي تنهب وترهق خزينة الدولة. بقايا الأطعمة التي لجأ إليها مواطنين بسطاء كوجبات لهم عوضًا عن الأطعمة الأساسية لم تعد موجودة لأن الأغنياء لم يسلموا من ارتفاع الأسعار مما أدى إلى شرائهم ما يحتجون من أطعمة فقط، وحتى هياكل الفراخ التي يشتريها البسطاء عوضًا عن اللحوم، وبقايا الخضراوات، لم تسلم من جنون الأسعار. كان ارتفاع سعر الدولار الشماعة التي علّق عليها المسئولين تبريراتهم للزيادات المتتالية خلال الأشهر الماضية، ولما تراجع سعره هلل المواطنون البسطاء لهذا الأمر أملاً في انخفاض أسعار السلع الأساسية في الأسواق، إلا أنهم اكتشفوا أن تراجع سعر الدولار لم يبدد مخاوفهم من استمرار الغلاء. استغل التجار عدم وجود رقابة حكومية على الأسعار وتحكموا في السعر، وفي المقابل اكتفى المسئولون بالتصريحات الوردية لملاحقة جشع التجار دون امتلاك أدوات حقيقية للسيطرة على السوق، وتضيق الخناق على التجار. ما يدهش في هذا التوقيت ويستفز المواطن البسيط هو مشروع القانون المقدم من الحكومة لمجلس النواب لزيادة رواتب ومعاشات الوزراء والمحافظين، ونوابهم، دون مراعاة للظروف الاقتصادية والمأساة التي يعيشها المواطنين يومياً للحصول على أبسط حقوقهم من المأكل والمشرب والعلاج. المواطنون أصبح لديهم قناعة الآن أن ما ارتفع ثمنه لا يمكن أن ينخفض، فهل تستطيع الحكومة أن تغير هذه القناعة؟ .. وإلى متى ستكون تصريحات المسئولين للاستهلاك والشو الإعلامي؟.. ولماذا لم يؤد تراجع الدولار إلى تراجع الأسعار؟ .. ومن المسئول عن الزيادة الجنونية في الأسعار؟.. ولماذا لا توجد آلية تحدد للتجار الربح؟.. وهل الحكومة تفتقر إلى الحل؟. لن تنخفض الأسعار مع تراجع سعر الدولار إلا إذا نجحت الحكومة في نشر سلسلة منافذ توزيع في انحاء الجمهورية تكون بشكل دائم وليس مؤقت كما حدث في الشهور الماضية. [email protected] لمزيد من مقالات عماد الدين صابر;