تراجع المسلسل الديني والتاريخي خلال الفترة الأخيرة، لأسباب عديدة، فلم يعد المنتجون يهتمون بهذه النوعية المهمة من الدراما التى كانت تتصدى لها قطاعات إنتاج الدولة، فقد قدم قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون أروع الأعمال الدينية والتاريخية على مدى سنوات طويلة، بينما توقفت هذه الدراما بتوقف إنتاج القطاع، ونحن نستعد لشهر رمضان الكريم وتمتلئ الاستوديوهات بتصوير كم كبير من الأعمال الاجتماعية والكوميدية لا يوجد عمل دينى أو تاريخى واحد بين هذه الأعمال التى يجرى تصويرها، فقد بدأ المسلسل الدينى يتلاشى من على الشاشة وفى خلال هذا التحقيق نرصد الآراء حول أسباب التراجع وكيفية إعادته.. فى البداية أشارت الفنانة سميرة عبد العزيز إلى أن غياب المسلسل الدينى والتاريخي يرجع إلى عدول الدولة عن إنتاج هذه النوعية من الدراما بسبب تكلفتها العالية، خاصة أن الشركات المنتجة همها الأول والأخير هو الكسب المادى، فتعتمد فى اختيار موضوعاتها الدرامية على التوليفة التجارية، وتضيف: بالإضافة إلى أن النص يحتاج إلى البحث عن الوقائع التاريخية والاستعانة بمراجع تاريخية, ويحتاج إلى جهد كبير لإتمام ذلك, وللأسف ليس هناك مؤلفين في الوقت الحالي يفعلون ذلك مما أدى إلى عدم وجود موضوعات جيدة وأصبح الاعتماد على ورش العمل في التأليف . و أكدت عبد العزيز انه من الضروري ان تعود الدولة إلى الإنتاج مرة أخرى حتى نستطيع إنتاج عمل تاريخي وديني جيد . وأوضح المخرج يسرى الجندى أنه من الضروري الآن طرح ومناقشة أسباب غياب المسلسل الدينى والتاريخي عن الشاشة لأننا نستعد لتشكيل اللجنة الوطنية العليا للإذاعة والتليفزيون، مشيرا إلى أن ذلك يعد بادرة أمل فى حل مشكلات التليفزيون خصوصا أن التليفزيون المصري كان هو المنتج الأول والأهم فى إنتاج هذه النوعيه من المسلسلات ولكن مع الوقت تم تهميش التليفزيون وأصبح من يقوم بالانتاج لا يهتم بالعمل التاريخي أو الدينى بل ينصب الاهتمام على عنصر الجذب السطحي وعنصر الإعلانات مما أدى إلى أنتاج درامى ضعيف . وأعرب الجندى عن أمله بعد تشكيل اللجنة الوطنية للإعلام فى إعادة الريادة للتليفزيون المصرى وإعادة المشاهد إليه مرة أخرى. وحول القضية نفسها يقول الفنان أشرف عبد الغفور: متابعه المشاهدين للدراما التاريخية مرجعها الرغبة في استعادة لحظة تاريخية ومشاهدتها مجسدة بشخوصها المفترضين وأصواتهم، فما نعرفه ويوثر فينا يجعلنا متلهفين لمشاهدته حيًّا أمامنا، على اعتبار أن ماضينا أنتج واقعنا. ويضيف: العمل الدرامي الديني يحظى بالقبول والمشاهدة لأنه يتناول مرحلة معينة من التاريخ أو يصور الأحداث التاريخية التي وقعت فيها أو في أكثر من مرحلة من مراحل التاريخ، أو يترجم لحياة علم من أعلام الإسلام، أو لرجل من الصالحين، أو يعرض سيرة وحياة بطل أو قائد إسلامي كانت له بصمته في تاريخ الأمة، وكل ذلك مطلوب تواجده بشدة على الشاشات. ويضيف: للأسف أصبحت الأعمال الدينية منعدمة وخاصه فى الشهر الكريم رغم احتياجنا لها بشدة خاصه فى هذه الفترة التى تمر بها مصر ، ولكن هناك مشكله كبيرة لدى المنتجيين وهى ارتفاع تكلفة الإنتاج، مما يجعل شركات الإنتاج تتخوف من الخوض في إنتاج مسلسل تعرف مقدمًا أن تكاليفه ستكون كبيرة وعملية التسويق قد تكون صعبة. وهو ما أكده المخرج حمدى النبوى قائلا إن الأعمال الدينية والتاريخيه لها جمهورها ومشاهديها ولكن أزمة تسويقها أصبحت سببا رئيساً فى اختفاءها، خاصة أن القنوات الخاصه لا ترحب بمثل هذة النوعية من الأعمال، بالإضافة إلى معاناة جهات إنتاج الدولة الدرامية من الأزمات المالية مثل قطاع الانتاج وصوت القاهرة، وللأسف فإن الإنتاج الخاص لا يهمه سوى الربح فقط، بالإضافة ألى أن هذه النوعية من الدراما سواء التاريخيه أو الدينية تحتاج إلى تكلفه كبيرة سواء فى الملابس أو الاكسسوارات أو أماكن التصوير. وتمنى المخرج حمدى النبوى وجود منتج شجاع يتبنى مثل هذة النوعية التى ينتظر الجمهور عودتها. وذكرت الفنانه عفاف شعيب أن الدراما التاريخية تعد أحد مراجع الجمهور العربي لتكوين ثقافته المتعلقة بالشأن التاريخي، لا سيما التاريخ الإسلامى، مشيرة إلى أن ما كان يعرض من مسلسلات خلال شهر رمضان الكريم يعد مادة أساسية لتشكيل الوعي، خاصة بالنسبة لقطاع الشباب، ولكن تزايد عدد القنوات والانفتاح الإعلامي بدلا من أن يؤديا إلى تزايد تلك الأعمال فقد دفعا المنتجين إلى اتجاه آخر، فصارت الأعمال الدرامية سواء التاريخي أو الدينيه خارج دائرة الاهتمام إلى أن اختفت مع مضى الزمن ولم يعد يذكرها أحد.