ما زال 1555 مخطوطا من مخطوطات رائد التنوير فى العصر الحديث الشيخ العلامة رفاعة رافع الطهطاوى بمكتبته بمجلس مدينة سوهاج وقصر ثقافة طهطا ومن أقدمها مخطوط «فصيح ثعلب» الذى يشرح تاريخ اللغة العربية القديم، تنتظر التصوير والترميم منذ 5 سنوات قبل فوات الأوان وإصابة هذا التراث الإنسانى العظيم بالتلف والاندثار . كان المركز الثقافى الالمانى بالقاهرة قد نظم ندوة ثقافية بمكتبة رفاعة الطهطاوى بمجلس مدينة سوهاج فى ديسمبر 2010- اى منذ 5 سنوات بعنوان « رفاعة الطهطاوى .. نموذج التنوع الحضارى « أكد خلالها اللواء محسن النعمانى محافظ سوهاج فى ذلك الوقت ووزير التنمية المحلية الأسبق ان هناك مشروعا مشتركا تسعى المحافظة لتنفيذه لمعالجة والحفاظ على مخطوطات الطهطاوى بمكتبته بمجلس المدينة وقصر ثقافة طهطا وإنقاذ هذا التراث العظيم من التلف والاندثار وعدم نقله خارج سوهاج بتكلفة 20 مليون جنيه وأضاف انه سبق للمجلس المحلى للمحافظة فى مارس 2009 رفض طلب فاروق حسنى وزير الثقافة حينذاك ضم مخطوطات الطهطاوى لدار الكتب والوثائق القومية على ان يتم تسليم نسخة ميكروفيلم من هذه المخطوطات للمكتبة فور الانتهاء من ترميمها . وأشار الدكتور بهاء الدين حسنين أستاذ ترميم الآثار بجامعة سوهاج خلال الندوة الى انه قام بعمل 3 أبحاث عن المكتبة على مدى 10 سنوات أولها عن التلوث داخل المكتبة وكانت من أخطر نتائج البحث وجود بعض الفطريات التى لها القدرة على تحليل وتآكل مادة السليولوز أساس تركيب الورق، والثانى عن نوعية الهواء وكان من نتائجه وجود مادة ثانى أكسيد الكبريت بنسبة 23 ضعف القياسات المسموح بها داخل المكتبات والمتاحف تؤدى الى تلف المخطوطات، والثالث عن الحشرات الضارة بالمخطوطات ومنها « قمل الكتب» والصرصور الامريكى وخنفساء الملابس التى تسبب إفرازاتها فى تحلل ورق المخطوطات الى جانب ضيق مساحة المكتبة . وقال الدكتور عبد السلام العسيلى أستاذ ترميم المخطوطات توفى الى رحمة الله فى ذات الندوة إن المخطوطات تتلف ذاتها بسبب الحبر الحديدى وانه يزعم ان 30 % منها ستتحول الى تراب لهذا السبب خلال سنوات بجانب تلف المخطوطات لأسباب خارجية من الغازات والحشرات . . إلا ان هذه الندوة انفضت وراح حضورها كل الى حال سبيله ومنهم من غادر دنيانا ومرت الأيام والشهور والسنون وترك النعمانى المحافظة والوزارة وما زالت مخطوطات الطهطاوى تنعى حظها الغابر وانتظار من ينقذ هذا التراث من الضياع قبل فوات الأوان . وقال الدكتور ناصر ابوزيد رئيس قسم المكتبات والمعلومات بجامعة سوهاج: يرجع تاريخ إنشاء مكتبة رفاعة الطهطاوى لعام 1932 اى قبل ثورة 1952 عندما أهدى محمد بدوى رفاعة الطهطاوى الى بلدية سوهاج مكتبة جده العلامة رفاعة الطهطاوى وبدأت تؤدى رسالتها فى ذلك الوقت وكانت تسمى فى العهد السابق باسم « مكتبة سمو الأمير فاروق « ثم سميت « مكتبة البلدية « وفى أواخر 1958 سميت « مكتبة رفاعة الطهطاوى « وتعد من أهم المكتبات فى مصر لما تحويه من مخطوطات نادرة وأوائل المطبوعات وتنقسم المخطوطات بها الى 3 مجموعات وهى النسخ الفريدة والنسخ القديمة والنسخ الخاصة بكتابات الطهطاوى ومعاصريه والتى تعكس فى جوهرها ذاتية مصر فى مطلع العصر الحديث وخصوصيتها وتحتوى على 1437 مخطوطا فى مختلف ميادين المعرفة وبالرغم من أهمية هذه المخطوطات إلا انها معرضة للهلاك بسبب الحفظ السيئ وعدم الترميم وعدم التعريف بها لذا يجب الحفاظ عليها عن طريق تطبيقات تكنولوجيا المعلومات لحمايتها من التلف والضياع، حيث يمكن رقمنتها ونقلها الى وسيط الكترونى ومساعدة المستفيد من الاطلاع على المخطوط دون الحاجة للرجوع للمخطوط الاصلى وهذا يقلل من إمكانية تعرض تلك المخطوطات للتلف خاصة القديمة منها يضاف الى ذلك عمل موقع لها على الويب يساعد الباحثين فى الوصول اليها من اى مكان . وأشار ابوزيد الى ان مكتبة قصر ثقافة طهطا والبالغ عدد المخطوطات بها 118 مخطوطا تكونت عندما أهدى على بن محمد على الانصارى خال رفاعة الطهطاوى هذه المخطوطات الى مجلس مدينة طهطا وانتقالها الى بيت ثقافة طهطا عام 1978 والذى تحول الى قصر ثقافة عام 2008 وتمثل جزءا من مخطوطات الطهطاوى وعلى الرغم من وضعها حاليا بشكل آمن فى دولابين زجاجيين مغلقين فان عدم تعرضها للتهوية وتكدسها أدى الى تمزق بعضها وتلف البعض الآخر إضافة الى عوامل الجو والرطوبة والتلف الناتج عن الاستخدام من قبل المستفيدين وعدم القيام باى عمليات ترميم وصيانة لها منذ نقلها لقصر الثقافة مما يلزم سرعة ترميمها وإصلاح ما لحق بها وإعادتها لحالتها وشكلها الاصلى للمحافظة على أثرية المخطوطات . وفى إطار السعى لإنقاذ هذا التراث مرة أخرى قام معهد المخطوطات العربية بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فى سبتمبر 2014 اى بعد 4 سنوات من الندوة الثقافية سالفة الذكر وتناوب 3 محافظين دون جديد بمخاطبة مدير قصر ثقافة سوهاج بأن المعهد يفتح باب التعاون معكم من خلال القيام بتصوير نسخة رقمية (ديجيتال ) من المخطوطات التى لديكم فى مكتبة قصر ثقافة طهطا مع توفير نسخة منها لديكم لإتاحتها للمترددين على المكتبة إتماما للدور الذى يقوم به المعهد بالحفاظ على التراث العربى المخطوط وصيانته وتيسير الإفادة منه وانه لا يمانع بعد موافقتكم قيام الدكتور ناصر ابوزيد بإعداد فهرس وصفى لهذه المخطوطات ينشره المعهد ضمن إصداراته بعد الانتهاء منه ومراجعته علميا وإهدائكم نسخة مجانية . وبعد حوالى عام وبالتحديد فى 23 أغسطس 2015 قام الدكتور أيمن عبد المنعم محافظ سوهاج بمخاطبة الدكتور فيصل الحفيان مدير المعهد بجامعة الدول العربية قائلا .. ايماء الى كتابكم لرئيس جامعة سوهاج برغبة المعهد القيام بتصوير وترميم مخطوطات رفاعة الطهطاوى مع تقديم الدعم اللازم لذلك نود الإحاطة بأننا نوافق على قيام المعهد بذلك وقيام الدكتور ناصر ابوزيد رئيس قسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب بإعداد فهرس وصفى لهذه المخطوطات ومتابعة ذلك وأصدر المحافظ قرارا بضمه لمشروع ترميم المخطوطات ورقمنتها إلا ان الروتين الحكومى عطل المشروع وتوقف الحديث عنة . وتظل مشكلة ترميم مخطوطات الطهطاوى قائمة وتراثه مهددا بالتلف والضياع والاندثار حتى إشعار آخر .. اللهم بلغت اللهم فاشهد ؟ !