تولت مالطا رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الاوروبى بدءا من شهر يناير الحالى ولمدة ستة أشهر، فى وقت تزيد فيه التحديات ليس أمام الاتحاد الاوروبى وحده بل امام العالم بكامله. ويقول تشارلز سلطانة سفير مالطا بالقاهرة، ان التحديات فى المرحلة المقبلة تشمل التعامل مع تدفق اللاجئيين ومواجهة الإرهاب وتحقيق الاندماج الاجتماعى لجميع المواطنين الاوروبيين مع العمل على تحقيق السوق الموحدة. وقال فى حوار للاهرام، إن بلاده تولى اهتماما كبيرا لتوطيد العلاقات مع دول الجوار خاصة دول جنوب المتوسط. وفيما يلى نص الحوار: ما تقييمك لمستوى العلاقات الحالى بين مصر ومالطا وسبل تعزيز العلاقات فى المستقبل؟ إن أهمية العلاقات بين مصر ومالطا قد تم وضعه ضمن اهداف السياسة الخارجية الخاصة بمالطا، و بوصفها عضوا فى الاتحاد الأوروبي، يمكن لمالطا إضافة مزيد من القيمة كشريك لمصر خاصة، ولكن ليس على سبيل الحصر، وذلك فى إطار سياسة الجوار الأوروبية وخطط العمل. فنحن نتشارك مع دول البحر المتوسط ومنها مصر فى العديد من القيم والهوية مثل اللغة والجذور التاريخية. وانعكست الطبيعة القوية للعلاقات بين البلدين من خلال تصريحات وزراء خارجية البلدين خلال زيارة وزير خارجية مالطا فيلا لمصر فى الشهر الماضى ولقائه ايضا الرئيس عبدالفتاح السيسي. وانا على ثقة بأن العلاقات بين البلدين حتما ستنمو من أقوى لأقوي، ولا يسع مالطا إلا العمل بناء على التزام مصر فيما يتعلق ببعض قضايا المنطقة مثل ليبيا والصراع الفلسطينى الإسرائيلي. ماهى الخطوط العريضة للسياسة العامة التى تنتهجها مالطا خلال رئاستها الحالية للاتحاد الاوروبي؟ يمر الاتحاد الاوروبى حاليا بأكثر الأوقات الحرجة، بدءا من مشكلة الهجرة مرورا بالمشكلات الامنية والإرهاب وصولا لخروج المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد. هناك أيضا حالة من عدم الاستقرار فى المناطق المجاورة للاتحاد وحالة من عدم التأكد من علاقاتنا بالشركاء على المستوى الدولي. وفى الفترة المقبلة ستؤثر نتيجة الانتخابات الامريكية والانتخابات المرتقبة فى فرنسا وهولندا والمانيا على أولويات ومستقبل الاتحاد الأوروبي. ومع هذا فكل ذلك يجب ألا يلهينا عن اجندة الاتحاد الأوروبي، بل يجب أن تمثل جميع تلك التحديات فرصة لبناء أوروبا أقوى واكثر قدرة على المنافسة.فنحن يجب علينا ان نواجه التحديات والمخاوف والشعور بعدم المساواة لدى المواطنين الاوروبيين. وتؤمن مالطا بأن الاتحاد الأوروبى يجب أن يركز خلال الفترة المقبلة على بعض المجالات التى من شأنها تحقيق المنفعة للمواطن، وسنتحلى خلال رئاستنا للاتحاد الأوروبى بالواقعية والعمل على تحقيق النجاح فى ستة مجالات مهمة وهى: الهجرة، السوق الموحدة، الامن، الاندماج الاجتماعى ودول الجوار و والسياسة البحرية للاتحاد الأوروبى . كيف ترى مالطا مدى جدوى سياسة الجوار، والعلاقات بين شمال وجنوب المتوسط؟ ستولى مالطا اهمية كبيرة لسياسة الجوار الأوروبية خلال رئاستها فى عام 2017، وسوف نعمل على التأكد من أن تظل جزءا أساسيا من السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. وهى أداة علينا أن نستثمرها لتحقيق الاستقرار فى منطقتنا. وقلما كان الوضع فى دول الجوار لأوروبا هادئا او مثيرا للتحدى كما هو الحال الآن ، ومع ذلك، فإن هذا يقدم للاتحاد الأوروبى وشركائه فى المنطقة فرصة لمواجهة التهديدات والتحديات المشتركة من خلال اتباع نهج شامل داخل إطار سياسة الجوار. وتولى مالطا اهتماما خاصا للجوارالجنوبى للاتحاد الأوروبي، حيث استقرار ليبيا من خلال الانتقال السلمى سيكون له أولوية رئيسية. وهناك التزام مماثل لضمان الانتقال الديمقراطى فى تونس ، وفى هذا الصدد ستكون مالطا فى طليعة الدول الداعمة لتونس فى مساعيها نحو الاستقرار. وتواجه الدول المطلة على شواطئ جنوب البحر الأبيض المتوسط تحديات خطيرة تتراوح بين الصراع مع الإرهاب والتطرف. يجب على السياسة الخارجية الأوروبية مواجهة هذه التهديدات لتحقيق السلام فى المنطقة، وخاصة فى ليبيا وسوريا. كما ان تعزيز آليات مثل 5 + 5 والاتحاد من أجل المتوسط، ومؤسسة آنا ليند فى مصر سيسهم فى هذه العملية. إن التحديات الأمنية الكبيرة فى الشرق الأوسط الكبير تبقى أولوية. وتولى الرئاسة المالطية أهمية خاصة للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وسوف تدعم كل الجهود الرامية إلى إعادة إطلاق عملية سياسية ذات مغزى من شأنها كسر الجمود الحالي. وفى السياق نفسه، فإن الرئاسة المالطية ستعمل على تشجيع وتعميق وتوسيع العلاقات مع جامعة الدول العربية بناء على زيادة المشاركة فى مجموعة من القضايا المهمة للطرفين مثل إدارة الأزمات ومكافحة الإرهاب والهجرة. وستسعى مالطا لتنشيط العلاقات سواء من خلال مجلس التعاون الخليجى والدول الأعضاء فيه، والذى سيكون بمثابة فرصة أخرى لتعزيز التعاون متعدد مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبى ودول مجلس التعاون الخليجي. كيف ترى تعامل اوروبا مع مشكلة تدفق اللاجئيين؟ إن الهجرة غير الشرعية واللجوء ستكون على رأس جدول الأعمال خلال رئاسة مالطا، والتى سوف تسعى إلى المضى قدما فى تنفيذ جدول أعمال الاجندة الأوروبية للهجرة التى تم تقديمها فى مايو 2015 وحزم التدابير المرتبطة بها و التى قدمتها اللجنة. فإن رئاسة مالطا تعتزم المضى قدما، على سبيل الأولوية، والعمل على مقترحات تعديل نظام اللجوء الأوروبى المشترك بهدف تحقيق توافق فى الآراء بشأن سياسة اللجوء فى الاتحاد الأوروبى وذلك تماشيا مع استنتاجات المجلس الأوروبى فى ديسمبر. وسوف يتم التركيز بوجه خاص على التدابير الرامية إلى التطبيق الفعال لمبادئ التضامن والمسؤولية وتنظيم دبلن، واقتراح بشأن إنشاء الوكالة الأوروبية للجوء. وستعطى مالطا اولوية للعمل على تنفيذ مقترحات تعديل نظام اللجوء الأوروبى المشترك. وسوف تعطى أهمية بسبب البعد الخارجى للهجرة واللجوء فى إطار النهج العالمى إلى الهجرة والتنقل. كما سيتم الأخذ فى الاعتبار المناقشات على المواثيق العالمية للهجرة واللاجئين عقب نتائج مؤتمر قمة الأممالمتحدة فى سبتمبر 2016. والجدير بالذكر أن اجتماع كبار المسئولين سيعقد أيضا فى مالطا فى فبراير عام 2017 لمتابعة قمة فاليتا 2015 للهجرة. ونحن نتطلع إلى مشاركة مصر والمساهمة فى هذا الاجتماع. هل الإطار الحالى للتعاون بين مصر والاتحاد الاوروبى لمواجهة الإرهاب كاف ؟ عقب الهجمات الإرهابية المروعة فى السنوات الأخيرة فى جميع أنحاء العالم، أصبح الأمن هو الشغل الشاغل لمواطنى كل دولة. ونحن مدينون لهم لمكافحة هذا الخطر الخبيث. وستعمل الرئاسة المالطية لوضع مقترحات ملموسة لمعالجة التحديات الإقليمية والعالمية مع المحافظة على القيم التى تعزز وجود الاتحاد. وتبقى الفكرة الأساسية من العمل فى هذا المجال هى الدبلوماسية الفعالة، وفى هذا الصدد سنعمل بشكل وثيق مع دائرة العمل الخارجي، لإدارة التحديات المعقدة لتهديدات الهجرة والإرهاب. وسوف يتم التركيز على تحقيق الاستقرار فى منطقتنا، مع التركيز بشكل خاص على ليبيا والتى تكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لمصر أيضا. كيف ترى سبل التصدى للفكرة الخاطئة عن الإسلام فى الغرب وربطه بالإرهاب؟ إن ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبى يركز على «القيم العالمية التى لا تتجزأ، للكرامة الإنسانية والحرية والمساواة والتضامن»، ويحظر التمييز استنادا إلى أى أساس مثل الجنس أو العرق أو اللون أو الأصل الإثنى أو الاجتماعي، والسمات الوراثية، اللغة أو الدين أو المعتقد أو سياسية أو أى رأى آخر، أو الانتماء إلى أقلية قومية أو الثروة أو الميلاد أو الإعاقة أو السن أو التوجه الجنسى «. وفى هذا الإطار، فنحن نسعى إلى تحقيق حقوق الإنسان قوية فى أوروبا متنوعة ومتسامحة ومتعددة الثقافات. و من جوهر هذه القيم، تشجيع الأوروبيين على النظر إلى الأشياء لضمان جوهر التماسك الاجتماعى والديمقراطية السليمة. يجب علينا أن نأخذ فى الاعتبار أن دول وثقافات أوروبا كانت دائما متنوعة فى تكوينها العرقى والدينى والاجتماعي، فهى قارة مكونة من بلدان مختلفة ، لغات وثقافات متنوعة. ويعتمد مستقبل أوروبا ليس فقط على الاعتراف بالتنوع ولكن أيضا على نوعية دمج الجماعات المختلفة. فى أكتوبر الماضى نظمت مؤسسة آنا ليند مؤتمرها السنوى فى مالطا ويعتبر أكبر تجمع للشباب وممثلى المجتمع المدنى وذلك بهدف تعزيز الحوار بين الثقافات فى المنطقة الأورو-متوسطية. وشاركت نحو 50 من منظمات المجتمع المدنى إلى جانب المنظمات الرائدة الدولية فى قمة فاليتا، وذلك لفتح جميع القنوات لتعميق الشراكات مع المجتمع المدنى والذى يعد أمرا ضروريا لتعزيز الصمود الاجتماعى والتعددية والتعايش والاحترام فى جميع أنحاء الفضاء الأورو - متوسطي، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، وخصوصا أصغر أجيال، أمرا بالغ الأهمية. ويمكن لهذه القنوات ان تنطوى على المنظمات الدينية التى يجب أن تشارك بشكل مثالى فى التجربة لتحقيق التفاعل بين الثقافات.