أعانى مشكلة إسراف وتبذير زوجتى، وبحت بها لبعض أصدقائى, أملا فى أن أجد حلا لها, فاكتشفت أن الكثيرين منهم يعانون المشكلة نفسها, وإن اختلفت الأسباب, فصديقى المقرب تستنزف زوجته كل أمواله, وتخترع الحجج للإسراف، وأبرزها لوازم البيت حتى وإن كانت غير ضرورية لكى تأخذ النقود باستمرار, والسبب فى ذلك أنها غير واثقة فى نفسها، وتخشى دائما أن يتزوج عليها, وتظن أن استنزاف أمواله لن يبقى لديه من المال ما يكفيه للزواج بأخري, أما زوجتى فهى مصابة بمرض «المنظرة», وأهم شيء لديها أن تشترى أحدث ملابس «الموضة»، وأن تجدد مجوهراتها كل فترة, وتشترى أفخم أجهزة الهاتف المحمول, وكل شيء يمكن أن تتفاخر به أمام الناس, وعلى النقيض يسير حال البيت, فمقابل ذلك الإسراف غير المبرر فى الملبس والمظاهر الخادعة والكاذبة أصبح من الطبيعى ألا تتوافر مواد غذائية أو أطعمة تكفينا حتى نهاية الشهر لدرجة اننى أستدين أحيانا علب تونة من السوبر ماركت المجاور لمنزلنا، وقد حاولت كثيرا إصلاحها، ولكن دون فائدة, فالوسط الذى تختلط زوجتى به هو السبب فيما وصلت إليه, وقد اكتشفت بمحض الصدفة من أزواج صديقاتها ممن تربطنى بهم علاقة وثيقة أنهن جميعا يتظاهرن بالغني، ويصرفن مقابل ذلك آلاف الجنيهات فى أشياء لا طائل منها, والهدف هو المنظرة ولا شيء غيرها، ولا أدرى كيف أعالج زوجتى من هذا المرض الذى سيجعلنا فى وقت قريب على «البلاطة»؟ ولكاتب هذه الرسالة أقول: ليت كل المبذرين والمبذرات يدركون أن «الوسطية» فى كل شيء هى أعظم المناهج للنجاح فى الحياة، والتغلب على العقبات, ومواجهة الأعاصير والرياح, فالتبذير يؤدى بصاحبه إلى المهالك, والبخل يجعل الحياة ضنكا، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا» (الإسراء 29) وما أكثر الرسائل التى يروى فيها كاتبوها قصصهم مع التبذير, وكيف أنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام اختبار صعب, فتخبطوا ولم يعرفوا كيف يتصرفون، فلجأوا إلى الاستدانة، وكتابة ايصالات أمانة على أنفسهم، وكان مصيرهم السجن, مع أنهم لو اتبعوا منهج الوسطية لما تدهورت بهم الحال إلى ما وصلوا إليه. أيتها الزوجة المسرفة: اعملى حساب اليوم الذى سوف تحتاجين فيه إلى كل مليم تصرفينه فى غير محله, فليس بالمظاهر يحيا الإنسان، وإنما بالتفكير العقلانى وترتيب أمور البيت والمعيشة والله الموفق.