زوجتى مصابة بمرض «المنظرة», وأهم شيء لديها أن تلبس على الموضة وأن تجدد مجوهراتها كل فترة, وأن تشترى أحدث أجهزة التليفون المحمول, وكل شيء يمكن أن تتفاخر به امام الناس وتدّعى به الثراء, وعلى النقيض يسير حال البيت, فمقابل ذلك الاسراف غير المبرر فى الملبس والمظاهر الخادعة والكاذبة أصبح من الطبيعى ألا تتوافر مواد غذائية أو أطعمة تكفينا حتى نهاية الشهر لدرجة اننى أستدين أحيانا من زملائى حتى نشترى احتياجاتنا الضرورية, والعجيب أن راتبى يتجاوز أربعة آلاف جنيه شهريا, وأقيم فى شقة تمليك وجميع الأموال تذهب إلى أشياء عديمة الفائدة وفى غير محلها, وقد حاولت كثيرا أن أصلح حالها ولكن دون فائدة, فالوسط الذى تختلط زوجتى به هو السبب فيما وصلت إليه, وقد اكتشفت بمحض الصدفة من ازواج صديقاتها ممن تربطنى بهم علاقة وثيقة أن جميعهن يتظاهرن بالغنى ويصرفن آلاف الجنيهات فى أشياء لا طائل منها, لهدف واحد هو المنظرة ولا شيء غيرها ولا أدرى كيف أعالج زوجتى من هذا المرض؟! ولكاتب هذه الرسالة أقول: ما أكثر الرسائل التى يروى كاتبوها لى فيها قصصهم مع التبذير, وكيف أنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام اختبار من اختبارات الحياة, فإذا هم يتخبطون ولا يعرفون كيف يتصرفون فلجأوا إلى الاستدانة وكتابة ايصالات أمانة على أنفسهم وكان مصيرهم السجن, مع أنهم لو اتبعوا منهج الوسطية لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه. وليت كل المبذرين والمبذرات يدركون أن الوسطية فى كل شيء هى أعظم المناهج للنجاح فى الحياة والتغلب على العقبات, ومواجهة الأعاصير والرياح, فالتبذير يؤدى بصاحبه إلى المهالك, والبخل يجعل الحياة ضنكا، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك, ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا». أيتها الزوجة المسرفة.. اعملى حساب اليوم الذى سوف تحتاجين فيه إلى كل مليم تصرفينه فى غير محله, فليس بالمظاهر يحيا الإنسان وإنما بالتفكير العقلانى وبترتيب أمور البيت والمعيشة، ويا كل المسرفين: اعتدلوا فى مصاريفكم, ولاتكونوا إخوان الشياطين، إذ يقول الحق تبارك وتعالى «إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين، وكان الشيطان لربه كفورا».