2 أتمنى ألا أصدم أحدا برأيى عندما أقول: إن رايات وشعارات وصرخات واعتصامات 25 يناير لم تزهق أرواحا بريئة فحسب، وإنما أزهقت أحد أهم ما كانوا يتنادون عليه وأعنى به الديمقراطية التى استبيحت دماؤها نتيجة العجز عن بناء المعادلة الضرورية بين استحقاقات الممارسة الديمقراطية، وبين ثوابت وجذور الخصوصية الذاتية للمجتمع التى يندرج ضمن بنودها التطور السياسى والموروث الثقافى والبعد الاجتماعى والقدرة الاقتصادية. كان التنادى على الديمقراطية علامة صحية وتعبيرا عن الرغبة فى الإحساس بحرية حقيقية تمنح المرء حق صياغة موقفه بناء على الفكر الذى يعتنقه والمنهج الذى يؤمن به وفقا لحسابات العقل والمنطق وليس للأهواء والعواطف ولكن معطيات وممارسات 25 يناير كشفت عن فهم خاطيء للديمقراطية يراد به اختصارها فى حرية التعبير التى توفر حق الصراخ والتطاول وتشويه المخالفين فى الرأى. كل ما نجم عن 25 يناير جاء انعكاسا لطفولة ومراهقة ثورية اكتفت بأن تأخذ من الديمقراطية شكلها الخارجى فقط، بينما بقى المضمون خاويا وكأشبه بوعاء فارغ حيث لم نسمع عن حوار موضوعى يساعد على تقريب المسافات، وإنما رأينا إصرارا على تضخيم التناقضات وترجيح كفة تغييب العقل وهو ما أدى إلى عجز مجتمعى عن رؤية الطريق السليم لمرحلة ما بعد أيام الغضب والاحتجاج! لقد جرى ذبح الديمقراطية الموعودة بشعارات 25 يناير قبل أن تولد أو ترى النور نتيجة تعظيم سياسات المزايدة وطرح المستحيلات وعدم مراعاة متطلبات المواءمة الضرورية بين قدرات الدولة وطموحات المواطنين.. ولنا فى استنزاف وتراجع احتياطى النقد الأجنبى من 36 مليار دولار إلى 15 مليار دولار فى أقل من عام خير دليل على الكارثة التى لم تضرب فقط الاقتصاد الوطنى فى مقتل وإنما قتلت الديمقراطية ذاتها وأدت إلى تزايد الإحساس بالعجز والفشل وسريان اليأس والإحباط وبداية فقدان الثقة بالنفس، وبالتالى فقدان الهمة المجتمعية! وغدا حديث آخر خير الكلام: إذا فقد الشعب عقله انهارت مقاومته وخسر قضيته! [email protected]@ahram.org.eg لمزيد من مقالات مرسى عطا الله