معظم المراكز البحثية في العالم تعكف هذه الأيام علي دراسة وتحليل جذور ثورة25 يناير من منظور أساسي يتعلق بمحاولة فهم التركيبة الشخصية لشباب مصر الذين أشعلوا نار الثورة وأثاروا ذهول العالم من أقصاه إلي أقصاه باعتبار أن ما جري في مصر كان عملا شبابيا بامتياز ولم يكن لأي تيار سياسي فضل فيه! لقد انتفض شباب مصر كما لم ينتفض أي شعب علي طول التاريخ لأن أجواء اليأس والقنوط والحيرة والعجز عن فهم ما يجري حوله جعلته علي وشك فقدان الانتماء من خلال شدة الإحساس بأنه أصبح جيلا مغتربا في مجتمع مغترب ليس فقط بسبب حدة المصاعب الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في البطالة والغلاء, وإنما أيضا بسبب فقدان الثقة في الرايات السياسية المرفوعة باسم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعلي عكس ما كان يعتقد كثير من المحللين بأن اليأس والقنوط والحيرة سوف تدفع الشباب تلقائيا إلي خيارين كلاهما مر وخطير ومدمر.. إما الوقوع في شباك الإدمان أو الخضوع لمغريات جماعات التطرف والإرهاب.. فإن شباب مصر اختار طريق البحث عن أسلوب متحضر يبدأ برفع صوت الاحتجاج كخطوة علي طريق الوصول إلي حزمة شاملة من الإصلاحات الجذرية المطلوبة. وإذا كانت مصر قد شهدت انتفاضات شبابية عديدة عام1968 بعد أحكام الطيران عقب نكسة يونيو1967 وانتفاضة واسعة عام1972 بسبب ملابسات عدم الوفاء بالتزام الحسم العسكري عام1971 لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لسيناء فيما عرف باسم عام الضباب فإنها انطلقت جميعها من مشاعر المرارة وخيبة الأمل بينما انطلق شباب25 يناير من مشاعر الأمل والثقة بالنفس في القدرة علي إحداث التغيير... وهنا يكمن الفارق الواسع وتكمن أيضا قوة المفاجأة التي لم ترد في خيال أحد! قبل25 يناير كنا بلد يتغني بأمجاده التاريخية السالفة وبعد25 يناير أصبحنا نفخر بشباب يقدر علي صنع تاريخ الحاضر والمستقبل معا! خير الكلام:
من فضل مصر أننا أمة وسط.. لم نعرف البغض بل عشنا وصلينا! [email protected]