واصل الإعلام العالمى تعامله المنحاز ضد مصر، واستمر فى التعامل بمعايير مزدوجة معها، مقارنة بدول أخرى مثل قطروتركيا، فيما يتعلق ببعض قضايا الشأن الداخلي. فقد حرصت وسائل الإعلام الغربية المرموقة على تقديم درس فى صحافة «الكيل بكيالين» فى تعاملها مع قضايا مثل قضية الناشطة المصرية الأصل والأمريكية الجنسية آية حجازي، وأيضا مثل قضية صحفى الجزيرة محمود حسين، وأصرت على الدفاع عن المتهمين فى القضيتين، فى حين لم تفعل الشىء نفسه فى قضايا مشابهة وقعت فى تركيا. فقد نشرت وكالة «رويترز» للأنباء تقريرا يوم 25 ديسمبر 2016 بعنوان «مصر تؤكد القبض على منتج الأخبار بالجزيرة لإثارة الفتنة"، ذكرت فيه أن صحفى الجزيرة ليس وحده المعتقل بتهمة بث مواد بقناة الجزيرة «مؤيدة» لجماعة الإخوان الإرهابية، ولكن هناك آلافا آخرين غيره محبوسون فىالسجون منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وكأن التحريض على العنف وإثارة الفتنة ليست من التهم التى من المفروض أن تعاقب بها الدول أحدا، أو على الأقل مصر! وفى الوقت الذى تصدت فيه رويترز وغيرها من وسائل الإعلام الغربية للدفاع عن موقف قناة الجزيرة والصحفى المحبوس منها، وجدنا حالة من اللامبالاة والتراخى فى عرض خبر تم بثه بتاريخ 30 ديسمبر 2016 عن تركيا عن اعتقال صحفى تركى بارز بتهمة نشر دعاية إرهابية حول محاكمة الصحفى البارز أحمد شيك الذى يعمل بصحيفة «جمهوريت» المعارضة بتهمة نشر دعاية لجماعات مختلفة. فقد رأينا تبنيا شديدا ومريبا من جانب الإعلام الغربى، وبخاصة «رويترز» و»أسوشييتدبرس» «وسى إن إن» لقضية صحفى الجزيرة المتهم بالتحريض على العنف وبث دعاية مضادة لمصر عبر قناته القطرية، فى حين لم نشاهد مثل هذا الحماس فى الدفاع عن الصحفى التركى رغم أنه أبرز وأشهر من حيث الاسم الصحفى فى بلاده، وأيضا رغم احتجازه بتهمة لا ترقى إلى التهمة الموجهة إلى صحفى جمهورية، فالغريب أن الإعلام الغربى استخدم تهمة «الإرهاب» الموجهة للصحفى التركي، ولم يعترض على الكلمة، رغم أن تهمة الرجل هى انتقاد أردوغان فحسب، وهو نفس الإعلام الذى تجنب استخدام الكلمة نفسها فى قضية صحفى الجزيرة، رغم أن قناته تحرض على عنف صريح فى مصر منذ سنوات. وينطبق الأمر نفسه على خبر اعتقال مدير كافيتريا صحيفة «جمهوريت» بتهمة الإساءة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان بدعوى أنه هدد برفض تقديم الشاى له فى حالة زيارة الرئيس التركى لمقر الصحيفة، فهل هذه تهمة تقارن بتهمة تحريض قناة بأكملها على الإرهاب. والأسوأ من ذلك أن وكالة أسوشيتدبرس حرصت فى إطار الاستراتيجية نفسها على لقاء أسرة آية حجازي، الناشطة المصرية الأصل والأمريكية الجنسية، ونشروا لها دفاعا مستميتا عن المتهمة، وهو ما فعلته من قبل مع نشطاء ومتهمين فى قضايا أمام المحاكم المصرية، ولكنها لم تفعل الأمر نفسه فى قضية الصحفى التركى المحتجز بسبب «تغريدة»، ولا فى قضية مدير الكافيتيريا، وكأن لهؤلاء رب يحميهم! ومما يزيد الطين بلة أن الإجراءات القمعية التركية التى تتخذ هناك ضد جميع معارضى أردوغان، من الأكراد وحتى جماعة فتح الله جولن، ما زالت توصف حتى يومنا هذا فى الإعلام الغربى بلفظ «التطهير»، بينما فى القضايا المصرية يطلق على الإجراءات نفسها اسم «قمع»، حتى وإن كانت ضد إرهابيين حقيقيين! أما شبكة «بى.بى.سى.» البريطانية فقد سارت على النهج نفسه فى تناولها لخبر «تركيا تستهدف عشرة آلاف من مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى فى تحقيق حول الإرهاب، فقد استخدمت كلمة «الإرهاب» للحديث عن هؤلاء المستخدمين المستهدفين من قبل السلطات الأمنية، وذلك نقلا عن نص بيان وزارة الداخلية التركية، بينما لو كان هذا الخبر قد حدث فى مصر، لتم تجاهل بيان الداخلية، ولامتنعت الشبكة عن استخدام وصف الإرهاب على المعتقلين، ولامتد الأمر لدرجة نقل تصريحات مطولة لمحاميى المتهمين وأسرهم ومؤيديهم للدفاع عنهم ضد تعسف السلطات! .. إنها فوضى المصطلحات التى تستخدم كسلاح فى الحرب ضد مصر، ولكن يبدو أن هذه المنصات الإعلامية تستشعر أن أحدا لا يراها، ولا يعرف ألاعيبها، ولهذا، فقدت احترام الناس لها!