في الوقت الذي تمر به أغلب دول المنطقة بمرحلة من الاضطرابات الإقليمية والدولية بسبب صراعات داخلية، وحروب خارجية مُستعرة من حولنا، تقف مصر ثابتة راسخة بفضل تكاتف ووحدة شعبها، وقيادتها الحكيمة التي تُدرك جيدًا حجم التحديات التى تواجهها البلاد، وتتصدى لها بمنتهى الكفاءة والحسم، ووسط هذا المشهد المُعقد والمُضطرب حولنا، يتجدد السؤال «ماذا كان سيحدث لولا ثورة 30 يونيو؟»، وهل كان بإمكان مصر الصمود أمام هذه التحديات الجسيمة تحت حكم جماعة الإخوان الإرهابية؟». ■ مذبحة قسم كرداسة لم تكن ثورة 30 يونيو حدثًا عابرًا، بل كانت نقطة تحول أساسية، منحت مصر الاستقرار والأمن والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية، ولولا الثورة لربما وجدنا مصر اليوم غارقة فى دوامة من الصراعات الداخلية والأزمات الاقتصادية والحروب الإقليمية، شأنها شأن دول أخرى لم تحظَ بإرادة شعبية قوية وموقف وطنى موحد وصلب، فما تحقق من إنجازات ضخمة على مدار الأعوام ال12 التي أعقبت الثورة لم يكن وليد الصدفة، بل جاء ثمرة إرادة شعبية حرة، ورؤية قيادية حكيمة آمنت بأن مصر يجب أن تبقى قوية رغم كل التحديات. ■ أزمة انقطاع الكهرباء في 2013 يُجمع الخُبراء والمُحللون على أنه لولا ثورة 30 يونيو، لشهدنا انهيار مؤسسات الدولة، وفقدان الأمن، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وضياع هوية مصر الثقافية والحضارية، ولهذا فقد شكلت الثورة محطة تاريخية حاسمة أنقذت مصر من مصير مجهول، وأعادت إليها دورها الإقليمى والدولى الرائد، وأرست قواعد دولة قوية قادرة على الصمود والبناء ومواجهة التحديات بكل اقتدار، وبفضل هذه الثورة المجيدة، أصبحت مصر اليوم أكثر قدرة على مُجابهة التحديات الإقليمية والدولية، وتحقيق آمال وتطلعات شعبها فى الاستقرار والازدهار، وسط منطقة مضطربة وأزمات مُتفاقمة من كل جانب. ■ أحد ضحايا العبوات الناسفة التي كانت تزرع بشوارع مصر ◄ النفق المُظلم اتسمت فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، بالتخبط والعشوائية، وغياب الرؤية الاقتصادية والاجتماعية الواضحة، بحسب النائب أحمد إسماعيل، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، والذى يُشير إلى أن حكم الإخوان كان يعج بالمحسوبية والفوضى الأمنية، إذ سادت حالة من التدهور الأمنى والاقتصادى، وأصبحت مؤسسات الدولة على شفا الانهيار، موضحًا أن مظاهر ضعف الحكم ظهرت جلية من خلال انتشار الميليشيات المسلحة والعنف الطائفى، إلى جانب حالة من التناحر السياسى الذى شل مؤسسات صنع القرار، مؤكدًا أنه لولا ثورة 30 يونيو العظيمة، ووحدة المصريين، وصمود الشعب خلف قيادته السياسية، لضاعت مصر، وسقطت فى النفق المظلم، الذى كان مُقدرًا لها السقوط فيه، لذلك فإن ذكرى 30 يونيو يجب أن تكون حاضرة دائمًا بوجدان المصريين، وخصوصًا الأجيال الجديدة، باعتبارها لحظة استرداد الوطن. ■ احتراق دير المحرق وقت حكم الإخوان إسماعيل، لفت إلى أن سجل الإخوان حافل بالأعمال الإرهابية، حيث استهدفوا المدنيين بالشوارع، وتعدوا على الكنائس، والمساجد، وأقسام الشرطة، وأطلقوا الشائعات والأكاذيب لضرب استقرار الوطن، وزعزعة الأمن، والنيل من مؤسسات الدولة، وإضعاف قوتها، وتنفيذ مخططات خبيثة بإسقاط مصر فى نفق مُظلم، ومُستنقع فوضى كالذى سقطت فيه الدول المُجاورة لصالح أجندات خارجية. ◄ اقرأ أيضًا | حكايات| ثورة 30 يونيو.. لوحات معبرة عن تمرد وحرية ووطنية ■ 30 يونيو أنقذت مصر من أزمة رغيف الخبز الطاحنة ◄ الهوية الوسطية من جانبها، ترى النائبة مارجريت عازر، أن الثورة حافظت على هوية مصر الوسطية التي طالما ميزتها عن سائر دول المنطقة، وأكدت أن الشعب المصرى رفض بشكل قاطع سياسات الإقصاء والتطرف التى مارستها جماعة الإخوان، وهو ما مكن الدولة من بناء مؤسسات قوية وعلاقات دبلوماسية متوازنة على الصعيدين الإقليمى والدولى، مؤكدة أن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من مصير مظلم كان من الممكن أن يجعلها دولة فاشلة على غرار بعض دول المنطقة، بعد أن أظهرت قدرة الشعب المصري على تصحيح المسار وإنقاذ وطنه من يد جماعة سعت للسيطرة على كافة مؤسسات الدولة لخدمة مصالحها الضيقة، وأفرزت قيادة قوية متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى وضع خطة شاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية سليمة، وأعاد الاعتبار لمفهوم الأمن القومى المصرى بكل أبعاده، وقد شهدت مصر خلال سنوات ما بعد الثورة إنجازات ضخمة على كافة المستويات، بدءًا من تطوير البنية التحتية وشبكات الطرق والمواصلات، مرورًا بتحقيق الاكتفاء الذاتى من الطاقة وتطوير قطاع الصحة والتعليم، وصولًا إلى جذب الاستثمارات الأجنبية ورفع معدلات النمو بشكل ملموس، وأكدت أن الرؤية الاقتصادية الجديدة التى أفرزتها الثورة تمثل خطة استراتيجية بعيدة المدى تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين. ■ المصريون خرجوا بالملايين ليعلنوا ثورتهم على الفساد والمحسوبية ويستعيدوا دولتهم ◄ الفترة السوداء فترة حكم الإخوان «السوداء» كانت تُشكل تهديدًا حقيقيًا لهوية مصر الثقافية والحضارية، فقد حاولوا فرض أجندتهم الدينية المُتشددة على المُجتمع، مما أفضى لموجة من القلق لدى فئات واسعة من الشعب، خصوصًا المسيحيين والليبراليين، الذين شعروا بأن وجودهم ومصالحهم مُهددة، مما كان يُمكن أن يدفع إلى صراعات داخلية تُهدد استقرار مصر ووحدتها الوطنية، وبحسب اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، فإن جماعة الإخوان الإرهابية لم تكن يومًا جزءًا من نسيج الدولة الوطنية، بل هى تنظيم دولى عابر للحدود، يتغذى على الفوضى ويستهدف تفكيك الدول من الداخل، موضحًا أن حكم الجماعة لم يكن مُجرد تجربة سياسية فاشلة، بل شكل تهديدًا مُباشرًا وخطيرًا للأمن القومى المصرى، وكانت فترة حكم الإخوان لمصر من أخطر المراحل التى مرت بها الدولة المصرية، حيث شهدت البلاد خلالها انقسامًا مُجتمعيًا حادًا وتسللًا منهجيًا للتنظيم داخل مؤسسات الدولة عبر سياسة «التمكين» و«الأخونة»، فى محاولة واضحة لتقويض ركائز الدولة الوطنية، وعملت منذ تأسيسها على تنفيذ أجندات خارجية، معادية للهوية الوطنية المصرية، وعداؤها للمؤسسة العسكرية كان دليلًا واضحًا على نواياها لهدم الدولة، حيث فتحت الباب واسعًا أمام التنظيمات المُتطرفة، وسهلت خطاب الكراهية والتكفير، مما أدى لتدهور مؤشرات الأمن والاستقرار وتصاعد العنف الطائفى. ■ أنهت ثورة 30 يونيو العديد من الأزمات ومن بينها نقص الوقود والغاز فرحات، أكد أن الشعب المصرى بوعيه التاريخى، أنقذ الدولة بثورته في 30 يونيو 2013 حين خرج بالملايين رافضًا استمرار هذا المشروع التفكيكى، لافتًا إلى أن ما قامت به الدولة بعد تلك الثورة يُعد تجربة فريدة فى كيفية التصدى للجماعات المُتطرفة، حيث خاضت الدولة مواجهة شاملة أمنيًا وفكريًا واقتصاديًا ضد إرث الجماعة وتأثيرها داخل المُجتمع، لافتًا إلى أن استقرار الدولة المصرية لم يكن ليتحقق لولا تضحيات أبنائها ويقظة مؤسساتها، داعيًا إلى الاستمرار فى تحصين الوعى الوطنى، لأن مواجهة التطرف تبدأ من حماية عقول المواطنين من كل فكر يسعى لهدم الدولة من الداخل. ◄ اقرأ أيضًا | حكايات| ثورة 30 يونيو.. لوحات معبرة عن تمرد وحرية ووطنية ◄ أزمات خانقة اقتصاديًا، يرى الخبير الاقتصادى، يسرى الشرقاوى، أن السياسات الاقتصادية لحكم الإخوان أفضت إلى أزمات مالية خانقة من ندرة الوقود إلى نقص الخبز، وارتفاع معدلات التضخم، إضافة إلى انهيار قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، وأكد أن الإخوان لم تكن لديهم خطة حقيقية لإنقاذ الاقتصاد أو حتى الاستجابة لمطالب المواطنين الأساسية، بل كانوا مشغولين بالسعى للسيطرة على كافة مفاصل الدولة وخدمة مصالح جماعتهم فقط، مُشيرًا إلى أن ذلك كان سيتسبب على المدى البعيد بانهيار اقتصادى شامل وأزمات اجتماعية خطيرة، موضحًا أنه منذ ثورة 30 يونيو، وفى ظل التحديات المحيطة، ضاعفت مصر اقتصادها أكثر من 3.5 إلى 4 مرات، ولولا تدخل الظروف القهرية، التى واجهت العالم كجائحة كورونا أو الأزمة الروسية الأوكرانية وتحديات التغيرات المناخية وحروب المنطقة الأخيرة، لحققنا خطوات اقتصادية أكبر وأعمق وأكثر نجاحًا، مشددًا على أن الحفاظ على الاحتياطى النقدى، وبناء احتياطى نقدى قوى، رغم كل الأزمات المحيطة جاء من قوة الاقتصاد المصري الجيد، والفضل فى هذا يعود لنجاح ثورة 30 يونيو المجيدة. يسرى، أشار إلى نجاحات مصر بعد 30 يونيو فى إعادة تأهيل البنية التحتية لإعادة قدرة الدولة على الصمود الاقتصادى، وبناء وتأهيل عشرات الآلاف من الكيلو مترات من الطرق، وتوفير الطاقة التى أثرت إيجابيًا على مستوى المشروعات الخدمية والصناعية، ومضاعفة أرقام التصدير. ■ ثورة 30 يونيو أنقذتنا من خطر الحرب الأهلية والخبير الاقتصادي، الدكتور محمد السعيد، أكد أن ثورة 30 يونيو أسهمت بشكل كبير فى إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد المصري وجعلته أكثر قدرة على مواجهة الأزمات الخارجية، مُشيرًا إلى أن المشروعات القومية التى أطلقتها الدولة بعد الثورة، مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات الطرق والمدن الجديدة، شكلت قفزة نوعية أسهمت فى استقرار الاقتصاد وتوفير فرص عمل لآلاف الشباب، كما منحت مصر ميزة تنافسية على المستوى الإقليمى من حيث مناخ الأعمال والبنية التحتية. السعيد، أشار إلى أن مصر بفضل ثورة 30 يونيو وقيادتها السياسية الحكيمة أصبحت دولة محورية يُحسب لها ألف حساب، إذ نجحت فى أن تكون صمام أمان للمنطقة العربية بفضل سياستها المتوازنة ورفضها التدخل فى شئون الآخرين، وحرصها على دعم استقرار الجوار الإقليمي، خاصة فى ظل أزمات ليبيا وسوريا واليمن والعراق، التى كان من الممكن أن تنتقل عدواها إلى مصر لولا استقرار مؤسساتها بفضل ثورة 30 يونيو. ◄ وحدة الصف الوطني الخبير الاستراتيجى، العميد طارق العكارى، يُشير إلى أن العديد من البلدان سقطت فى المنطقة لأسباب مُتعددة منها سيطرة الجماعات الإرهابية، والتمويلات الخارجية، وقد نجحت الدولة المصرية فى الهروب من هذا الفخ، وخلال السنوات الماضية نجحت فى حماية المنطقة بشكل كبير من خطر جماعة الإخوان الإرهابية، وفى ظل الحروب المشتعلة والصراعات الدائرة من كل جانب، أصبحت مصر بفضل ثورة 30 يونيو، وقيادتها السياسية الحازمة دولة محورية، يُحسب لها ألف حساب، مُشددًا على أن استقرار مصر أتى كنتيجة مباشرة لثورة 30 يونيو التى مكّنت من الحفاظ على وحدة الصف الوطنى وأعادت الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية القوية التى تقف أمام محاولات التفتيت والتدخلات الخارجية، وباتت مصر دولة ذات صوت مؤثر على الساحة الدولية، إذ أصبحت طرفًا فاعلاً فى جهود تسوية النزاعات الإقليمية ومكافحة الإرهاب، وباتت تجربتها مُلهمة لدول كثيرة عانت من صعود جماعات متطرفة تسعى إلى إسقاط الدول ومؤسساتها.