يختتم غدا مهرجان الاسماعيلية الدولي للسينما القصيرة والتسجيلية فعاليات دورته الخامسة عشرة التي بدأت فعالياتها مساء السبت الماضي بعرض ثلاثية شادي عبد السلام الطريق إلي الله التي رممها المركز القومي للسنيما بتكلفة بلغت300 ألف جنيه, لتكون بذلك شاشة المهرجان هي صاحبة العرض الأول. جاءت أيام المهرجان محملة برؤي سياسية, وإنسانية..فقد شهدت مسابقة الفيلم التسجيلي الطويل النوع الأول فجاء الفيلم العراقيأنا مرتزق أبيض إخراج طه كريمي مصورا محاكمة سعيدجاف قائد مجموعة مرتزقة عملت لحساب صدام حسين ونفذت مذبحة الأنفال التي راح ضحيتها حوالي180 ألف كردي تم دفنهم في مقابر جماعية. في حين جاء الفيلم الفرنسي القطري العذراء والأقباط وأنا إخراج المصري الأصل الفرنسي الجنسية نمير عبد المسيح معبرا عن النوع الإنساني, حيث يتناول حياة الأقباط في مصر بشكل مستتر من خلال قيامه بمحاولة تصوير ظهور السيدة العذراء, مما يجعله يقوم بتمثيل ظهورها باستعانته بفتاة تؤدي دورها وأهل القرية الذين يلتقي بهم ويدخل معهم في نقاش حول الاضطهاد الديني من المسلمين..وقد سارت محاولته لإبراز هذه النقطة في الفيلم بشكل جزئي اعتمد فيه علي عدم المباشرة في الحوار من طرفه وتسجيل الحديث من الاخوة المسيحيين. وقد اثار الفيلم جدلا في قاعة العرض أثناء الندوة بين الحضور لتفسير البعض أن الفيلم يحمل نواة الفتنة بين الأطياف الدينية,وتفسير البعض الأخر أنه لايحمل هذه الرؤية..ووصلت الأمور للتراشق بالألفاظ كادت أن تصل للتشابك بالأيدي من أصحاب الرأي الثاني إعتراضا ودفاعا عن أنصار الرأي الأخير. ابتعدت مسابقة الأفلام الروائية القصيرة عن الرؤية السياسية في تناولها, وجاءت أفلامها محملة بالرؤية الانسانية كما في الفيلم الروماني جوبل الذي صورت به مخرجته رالوكا ديفيد رجلا رومانيا قرر العودة إلي بلدته الريفية بعد نشأته والعيش في برلين عمره, وقرر العودة ليموت في بلده والتجهيز لجنازته. استطاعت المخرجة في خلال20 دقيقة زمن الفيلم أن تقدم كيف ينتظر الأنسان موته واحساسه للتجهيز له بشكل كوميدي اندرج تحت الكوميديا السوداء التي حققتها من خلال اختلاف الثقافات بين الرجل وسكان القرية, ومن ثم إختلاف العادات والتقاليد بينهم التي فجرت هذه الحالة. أما مسابقة الفيلم التسجيلي القصير فجاءت بعض أفلامها ممزوجة بالرؤية السياسية والأنسانية كما في فيلم تذكرة من عزرائيل إخراج عبدالله الغول لتصويره مأساة شباب العاملين في حفر الأنفاق بين مصر وغزة; ولعل ما أثار الأنتباه في ندوة هذا الفيلم ما صرح به الغول بأن هذه الأنفاق مصرح بها من جهة حماس وتعطي بها تصاريح عمل وشرعية حفرها..لكن الأهم هو الهجوم الشرس علي المخرج حين كشف البعض قيام عبدالله بتخفيض الصوت اثناء العرض حتي لا يسمع الحضور سب مصر,وهو ما اعترف به محرجا ولكنه علل ذلك بأن الصوت كان مستواه عاليا بدرجة غير مسموحة. شهدت الفعاليات أيضا العديد من الندوات الأخري غير ندوات الأفلام..منها ندوة قناة الجزيرة الوثائقية,وندوة مع نائبة مهرجان كليرمون فون للأفلام القصيرة. ما يحسب لدورة هذا العام هو استقطاب افلام ذات جودة عالية فنيا,ورؤية عميقة تحترم عقل المشاهد..إلي جانب تغير خريطة المهرجان المعهودة فيما سبق..فظهرت في الدورة الحالية أقسام جديدة مثل قسم فضاء المبدعين,ونظرة إلي الماضي,والثورة كما يراها الآخرون..ليصبح في المهرجان حالة من الزخم السينمائي جعلت المتابعين والنقاد والصحفيين لا يلحقون بكل الفعاليات;مما جعل البعض مستاء من هذا والآخر يراه تقدما يحسب للقائمين عليه..وتبقي كلمة النهاية غدا مع إعلان لجنة التحكيم للجوائز, ليسدل الستار علي أول دورة للمهرجان بعد ثورة25 يناير.