مصر وروسيا توقعان بروتوكول للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني    مفاوضات إسطنبول.. زيلينسكي يعلن استعداد أوكرانيا لكل صيغ التفاوض    مرموش: صلاح يستحق التواجد في سباق الكرة الذهبية    وزير الرياضة يؤازر منتخب الشباب قبل مواجهة المغرب في نصف نهائي أمم إفريقيا    الأهلي يبدأ تجهيز صفقاته الجديدة ببرنامج تأهيلي خاص    الغربية.. إحالة أوراق محصل غاز مزيف إلى المفتي لقتله ربة منزل في زفتى    مدير التأمين الصحي باالقليوبية تتفقد سير العمل بعيادة طوخ لضمان جودة الخدمات    حالات يحق للمرأة من خلالها إنهاء عقد العمل وفقا للقانون الجديد    مايا دياب تحيي حفلا في البحرين 29 مايو    علي زين يحتفل بالتتويج بالسوبر الأفريقي لليد ويؤكد: هدفنا تحقيق سداسية تاريخية    طريقة عمل المنسف الأردني بالخطوات الأصلية    مصطفى كامل يطرح أحدث أغانيه «قولولي مبروك»|فيديو    أمين الفتوى: صلاة المرأة في المنزل خلف إمام المسجد في المنزل غير صحيحة شرعًا    بتوجيهات رئاسية.. استراتيجية تعليمية متطورة وجيل قادر على مواجهة التحديات    تحويل قصور الثقافة إلى حضانات يُشعل الغضب تحت قبة مجلس النواب    أهمها النوم جيدا.. نصائح طبية ليلة الامتحان لزيادة تركيز الطلاب بمختلف المراحل التعليمية    استمرار حبس محمد غنيم.. وموكله: ننتظر تحديد جلسة محاكمته    التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    رامى عاشور: ترامب يسوق لنفسه كرجل سلام وأنه مازال مؤثرا بالمعادلة السياسية    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة مطروح    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    حملات موسعة على التجار المخالفين في كفر الشيخ    مسئول أممي: منع وصول المساعدات إلى غزة «يُفضي إلى الموت»    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    مصدر عسكري ليبي: سقوط 3 ضحايا على الأقل من المدنيين جراء الاشتباكات في طرابلس    «زراعة النواب» توافق علي موازنة «الطب البيطرى» للعام المالي الجديد    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    إحالة مخالفات امتحانية بإحدى المدارس الفنية في دمياط للتحقيق    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    السبت ببيت السناري.. انطلاق أمسية شعرية في افتتاح فعاليات ملتقى «القاهرة .. أصوات متناغمة»    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    أدعية يستحب ترديدها وقت وقوع الزلازل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



400مليار جنيه.. فى رقبة مَنْ؟!

بعيدا عن سياسة «الترقيع» «والقص واللزق» فان مصر الآن تسير فى إطار سياسة إصلاح اقتصادى حقيقي.. صحيح أنه مؤلم، لكنه الألم المؤدى إلى الشفاء التام ان شاء الله.. وإذا كنا نتحدث عن الألم ومحاولة تخفيفه فإن هناك محاور عديدة يمكن اللجوء اليها لتخفيف الألم وسرعة العلاج، واكبر نموذج لذلك ما جاء فى الحوار الذى أدلى به عمرو المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، والذى أشار فيه إلى أن حجم التهرب الضريبى فى مصر يصل إلى نحو 400 مليار جنيه.. أى حوالى 22 مليار دولار بسعر السوق الآن.. أى ضعف القروض والمنح التى حصلت عليها مصر أخيرا.
تخيلوا الرقم 400 مليار جنيه حجم التهرب الضريبى سنويا، وهو مبلغ ضخم يسهم فى سد عجز الموازنة ويؤدى إلى زيادة وتحسين الخدمات والمرافق الحكومية، ومد شبكات الطرق والصرف الصحي، والنهوض بالعملية التعليمية، وزيادة مخصصات الصحة والتعليم، وتوفير شبكة حماية أفضل لمحدودى الدخل والفقراء، ومد مظلة التأمينات والرعاية الأجتماعية لقطاع كبير من المحرومين من هذه الخدمات.
أعترف نائب الوزير بأن هناك نوعين من التهرب: الأول يتمثل فى الممولين من داخل المنظومة الضريبية الذين لايقدمون بيانات حقيقية ويلجأون إلى الخدع وتقديم بيانات وأرقام «مزيفة» للتهرب من الضرائب، والنوع الثانى ويتمثل فى هؤلاء غير المسجلين بالمنظومة الضريبية مثل الكثيرين من العاملين فى المهن الحرة حيث لاتتجاوز حصيلة ضرائب المهن الحرة 1% من إجمالى الضرائب التى يتم تحصيلها بالأضافة إلى هؤلاء العاملين فى مجال التصرفات العقارية حيث يقدر حجم التهرب فى ذلك المجال بالمليارات، وإلى جوار هؤلاء هناك الكثير من الأنشطة الصناعية والتجارية غير المسجلة والتى يطلق عليها الاقتصاد الموازى أو غير الرسمى أو «بير السلم»، وكلها مصطلحات تطلق على هذه النوعية من النشاطات التى تمثل تقريبا نحو 50% من إجمالى الناتج القومي.
هذه الارقام والحقائق التى أطلقها نائب الوزير والتى كانت معلومة من قبل لكن الميزة هذه المرة أن الحكومة باتت تعترف بالمشكلة، وبدأت تتنبه اليها بعد ان كانت تتجاهلها وتترك الحديث للخبراء والمختصين، وتكتفى هى بالصمت، فلاهى تؤكد ولاهى ترفض، وبالتالى فان إعتراف الحكومة بالمشكلة يأتى فى اطار خطة الدولة للإصلاح الاقتصادى الحقيقى البعيد عن «القص واللزق» الذى كان متبعا من قبل، لكن يبقى التنفيذ وهذا هو المهم فهذه الأموال المهدرة فى رقبة الحكومة ولا أحد غيرها وهى وحدها القادرة على إعداد برامج ضرائبية حديثة، متطورة تحقق العدالة الضريبية لكل المصريين، وفى ذات الوقت تستطيع الحكومة بهذه الحصيلة الضخمة المتوقعة تخفيف آثار الاصلاح الاقتصادى إلى إدنى حد ممكن فى القريب العاجل إذا أحسنت استخدام كل هذه الموارد، وفى الوقت ذاته فإنه بزيادة الحصيلة الضريبية فاننا سوف نقلل اعتمادنا على القروض الأجنبية التى باتت تؤرق الكثيرين ممن يخشون على مستقبل الأجيال القادمة، وطالما توافرت الموارد المحلية، فلن نحتاج إلى طلب القروض إلا فى أضيق نطاق ممكن.
الاصلاح الضريبى يجب أن يكون محورا اساسيا ورئيسيا من محاور الإصلاح الاقتصادى فالنظام الضريبى الحالى «عاجز» «وعقيم»، ويسهم فى زيادة حالات التهرب الضريبي، كما أن مصلحة الضرائب تحتاج إلى اعادة هيكلة «وهزة عنيفة» لإعادة تقييم العاملين فيها، وربط الأجور والحوافز بالانتاج والانجاز الفعلى بعيدا عن التسيب والاهمال، وفى الوقت نفسه بعيدا عن التقديرات الجزافية أو ظلم الممولين والتعسف معهم، فلا هذا مطلوبا ولاذاك، وإنما المطلوب هو تحقيق العدالة الضريبية بشكل عادل وشفاف، فأهلا بالمليونيرات والمليارديرات بشرط الالتزام بدفع حقوق الدولة مثلما تدفعها تلك الفئات التى يتم خصم الضرائب منها قبل تقاضى أجورهم ورواتبهم مثل كل العاملين فى الدولة والحكومة والبنوك والشركات العامة والخاصة والقضاة وغيرهم من الفئات التى تتقاضى رواتبهم وأجورهم بمستندات شهرية وكشوف واضحة ومحددة.
يبقى بعد ذلك سرعة تقديم قانون الإجراءات الضريبية الموحد للبرلمان بما يضمن وجود سياسة ضريبية مستقرة وموحدة وواضحة المعالم تطبق على جميع المواطنين والمستثمرين المحليين والاجانب الخاضعين للضرائب، وأتمنى لو تم ربط بطاقات الرقم القومى بالملفات الضريبية بحيث لاتجدد البطاقات إلا إذا كانت هناك موافقة من مصلحة الضرائب على التجديد للخاضعين للضريبة، ويتم تحويل المتهربين تلقائيا إلى المحاكمة وعدم تجديد البطاقات لهم إلا بموافقة مصلحة الضرائب، وفى الوقت نفسه لابد من تشديد عقوبات التهرب الضريبى إلى الحبس والغرامات الباهظة، وأن تكون جرائم التهرب الضريبى من الجرائم المخلة بالشرف بحيث لايستطيع من ارتكبها ممارسة العمل العام أو الترشح للانتخابات.
على الحكومة سرعة تقديم القانون للحوار المجتمعى أولا لضمان اكبر قدر من النقاش حوله لتوعية كل المواطنين به، ثم الدفع به إلى البرلمان لإنجازه قبل نهاية السنة المالية الحالية ليتم تطبيقه اعتبارا من السنة المالية الجديدة التى تبدأ فى يوليو المقبل.
لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.