فى إطار خطة تصحيح المفاهيم الخاطئة ومواجهة الفكر المتطرف، أصدرت وزارة الأوقاف عددا من المطبوعات، وكان من أهمها كتاب"مفاهيم يجب أن تصحح"، إعداد الدكاترة عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، ومحمد سالم أبو عاصى عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر سابقا، وصدر الكتاب عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية تحت إشراف ومراجعة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف. وشمل الكتاب عدة مفاهيم، منها التكفير، ونظام الحكم والمتاجرة بقضية الخلافة، والحاكمية، والجهاد، والمواطنة، والإرهاب، ودار الحرب، وحرصت وزارة التعليم العالي، على أن توفر الكتاب كهدية مجانية للطلاب، لمعرفة المفاهيم الصحيحة . وجاء فى مقدمة الكتاب أن الإسلام دين يكفل حرية الاعتقاد، ويساوى بين الناس فى الحقوق والواجبات دون تمييز، كما يُحرم الإسلام الاعتداء على الدماء والأعراض والأموال، إلا ردا لعدوان ظاهر على الدولة، ووفق ما يقرره رئيسها والجهات المختصة بذلك فيها، وأن إعلان الحرب دفاعا عن الأوطان، إنما هو حق للدولة، وفق ما يقررها دستورها ورئيسها، وليس حقا للأفراد. كما أن الإسلام كفل حرية التدين لكل فرد، فلا إكراه فى الدخول فى الإسلام، وقد وضح القرآن الكريم ذلك فى قول الله تعالي”لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ». التكفير وعرض الكتاب فى الجزء الخاص بتحديد المفاهيم وأسانيدها الشرعية، أن التكفير هو الحكم على الإنسان المسلم بالكفر، وهو أمر خطير، تترتب عليه آثار دنيوية وأخروية، فمن آثاره الدنيوية التفريق بين الزوجين، وعدم بقاء الأولاد تحت سلطان أبيهم، وعدم إجراء أحكام المسلمين عليه، فلا يُغسل ولا يُصلى عليه، ولا يدفن فى مقابر المسلمين، ولا يُورث ولا يرث، ومن آثاره الأخروية إذا مات على كفره، فإنه يستوجب لعنة الله وطرده من رحمته، والخلود الأبدى فى نار جهنم، وقد قال الله تعالي” إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ”، ولخطورة آثار التكفير على المجتمع، فقد نهى الإسلام عن التعجل به، أو إقراره إلا بعد التأكد من أسبابه دون أدنى شبهة، فلأن يخطئ الإنسان فى العفو، خير من أن يخطئ فى العقوبة، ومرده فى الأمر إلى الله . المتاجرة بقضية الخلافة ويوضح الكتاب أن الإسلام لم يضع قالبا جامدا صامتا محددا لنظام الحكم، لا يمكن الخروج عليه، وإنما وضع أسسا ومعايير، متى تحققت كان الحكم رشيدا يقره الإسلام، ومتى اختلت أصاب الحكم من الخلل والاضطراب بمقدار اختلالها، ولعل العنوان الأهم الأبرز لنظام أى حكم رشيد، هو مدى تحقيقه لمصالح البلاد والعباد، وعلى أقل تقدير مدى عمله لذلك وسعيه إليه، فأى حكم يسعى إلى تحقيق مصالح البلاد والعباد، فى ضوء معانى العدل والمساواة والحرية المنضبطة، بعيدا عن الفوضى والمحسوبية فهو حكم رشيد معتبر. فكرة الحاكمية وبين الكتاب مفهوم الحاكمية وهى الالتزام بما نزل من شرع الله، وهذا لا يمنع احتكام البشر إلى قوانين يضعونها، فى إطار مبادئ التشريع العامة وقواعده الكلية، وفقا لتغير الزمان والمكان، ولا يكون الاحتكام لتلك التشريعات الوضعية، مخالفا لشرع الله، مادام أنه يحقق المصالح العامة للدول والشعوب والأفراد والمجتمعات، وفكرة الحاكمية أساء فهمها تلك الجماعات التكفيرية الإرهابية، حيث أدخلوا فى مضمونها ما لم يرده الشرع الإسلامي، فالحاكمية تطلق بالمعنى التشريعي، ومعناها أن الله سبحانه وتعالى هو المُشرع لخلقه، أى هو الذى يأمرهم وينهاهم، ويُحلُ لهم ويُحرم عليهم من خلال تكاليفه الشرعية، هذه هى الحاكمية، لا تعنى أن الله عز وجل هو الذى يُولى الخلفاء والأمراء يحكمون باسمه، بل المقصود بها الأحكام التشريعية فحسب، أما سند السلطة السياسية، فمرجعه إلى الأمة، فهى التى تختار حكامها، وهى التى تحاسبهم وتعاقبهم، فليس معنى الحاكمية الدعوة لدولة ثيوقراطية. الجهاد ويوضح الكتاب أن الجهاد هو رد العدوان عن الدولة، بما يماثله دون تجاوز أو شطط، ولا مجال للاعتداء ولا حق للأفراد فى إعلانه، إنما هو حق لرئيس الدولة والجهات المختصة بذلك، وفق القانون والدستور. المواطنة أما مفاهيم المواطنة فهى تعنى أن يكون المواطنون جميعا سواء فى الحقوق والواجبات، داخل حدود دولتهم، وهى مفاعلة بين الإنسان المواطن، وبين الوطن الذى يعيش فيه وينتمى إليه، كما يوضح الكتاب أن دار الحرب مصطلح فقهى متغير، وقد أصبح فى وقتنا الحاضر لا وجود له بمفهومه المصطلحى القديم، فى ظل الاتفاقات الدولية والمواثيق، ولا يُخل تغيره بتأكيد على حق الدولة فى استرداد أرضها المغتصبة، ولا هجرة من الأوطان بدعوى الانتقال لدار الإسلام. جريمة منظمة ويوضح الكتاب أن الإرهاب هو الجريمة المنظمة، التى يتواطأ فيها مجموعة من الخارجين على نظام الدولة والمجتمع، وينتج عنها سفك دماء بريئة، أو تدمير منشآت أو اعتداء على ممتلكات عامة أو خاصة، وظاهرة الإرهاب تعتبر من أخطر الظواهر، التى يمكن أن يتعرض لها مجتمع من المجتمعات، إذ تصل تداعياتها إلى كل مجالات الحياة السياسة والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وقد نهى الإسلام عن الإرهاب والاعتداء، لأن الإسلام دين السلام لجميع البشر، والإسلام يأمر بإلقاء السلام على الجميع، وهى كلمة أمان ورحمة واطمئنان، وإشاعة للأمن بين الناس جميعا، وكذلك يأمر بالبحث عن السلام والجنوح إليه، إذا جنح العدو إليه ورغب فيه، وذلك فى حال الحرب المعلنة، فكيف بغير ذلك، قال تعالي:” وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ “.