محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    منسق مبادرة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: الحملة امتدت لمحافظات أخرى بعد نجاحها..فيديو    التطبيق خلال ساعات.. طريقة تغيير الساعة على نظام التوقيت الصيفي (بعد إلغاء الشتوي)    وزيرتا "التعاون الدولي والتضامن" وسفير الاتحاد الأوروبي يتفقدون مشروع تأهيل السودانيين بأسوان    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    القيادة المركزية الأمريكية: تصدينا لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون    عمرو أدهم: يجب محاسبة المسؤول عن قضية بوطيب.. وسنبشر جماهير الزمالك قريبا    الإسكواش، تأهل نور الشربيني ونوران جوهر لنصف نهائي بطولة الجونة    كرة السلة، ترتيب مجموعة الأهلي في تصفيات ال bal 4    في الجول يكشف موقف ياسر إبراهيم ومروان عطية من المشاركة أمام مازيمبي    إصابة 5 سائحين في انقلاب سيارة ملاكي بالطريق الصحراوي بأسوان    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    ريهام عبد الغفور عن والدها الراحل: وعدته أكون موجودة في تكريمه ونفذت    30 صورة وفيديو من حفل زفاف سلمى ابنة بدرية طلبة بحضور نجوم الفن    يسرا اللوزي تكشف كواليس تصوير مسلسل "صلة رحم"|فيديو    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    ثلاثة منتجات توابل مستوردة من الهند تسبب السرطان.. ما القصة؟    ما موعد انتهاء مبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب    ارتفاع عدد ضحايا قصف الاحتلال لمنزل عائلة الجمل شرق رفح إلى 5 شهداء    عاجل.. تصريحات كلوب بعد الهزيمة من إيفرتون ونهاية حلم البريميرليج    لبنان.. طيران إسرائيل الحربي يشن غارتين على بلدة مارون الرأس    حكايات النيل.. حملة لطلاب بإعلام القاهرة للحفاظ على المياه ومواجهة الظروف المناخية    واشنطن تطالب إسرائيل ب"إجابات" بشأن "المقابر الجماعية" في غزة    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بعد آخر انخفاض    وزيرة التضامن: المدارس المجتمعية تمثل فرصة ثانية لاستكمال التعليم    مصير مجهول ينتظر "مؤتمر المصالحة الليبية" ..تحشيد عسكري روسي وسيف الإسلام مرشحا للقبائل !    مراقبون: فيديو الأسير "هرش بولين" ينقل الشارع الصهيوني لحالة الغليان    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    ارتفاع الذهب اليوم الخميس.. تعرف على الأسعار بعد الزيادة    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    وزير الرياضة يتفقد استعدادات مصر لاستضافة بطولة الجودو الأفريقية    رئيس تحرير «أكتوبر»: الإعلام أحد الأسلحة الهامة في الحروب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد خسارة ليفربول وفوز مانشستر يونايتد    خبر في الجول – الأهلي يتقدم بشكوى ضد لاعب الاتحاد السكندري لاحتساب دوري 2003 لصالحه    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    «زي النهارده».. بداية الحرب الأمريكية الإسبانية 25 إبريل 1898    الصحة تفحص مليون و413 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن فيروس سى    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    تجديد اعتماد كلية الدراسات الإسلامية والعربية ب«أزهر الاسكندرية»    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر.. سيد قطب

"الحاكمية" وتجهيل المجتمعات المسلمة، تمهيدًا لتقويضها.. ركائز الفكر القطبي
الحلقة الرابعة
مقدمة
- كان لافتا للنظر أن الرئيس المعزول محمد مرسي عندما وصل إلى سجن برج العرب، أن طلب الحصول على كتب سيد قطب، خاصة (معالم في الطريق) لتكون سلواه في سجنه، وهو ما يؤكد مدى تأثر مرسي، بالفكر القطبي، وانعكاس ذلك على منظومة سياساته وسلوكياته خلال عام الشؤم الذي حكمت فيه جماعة الإخوان مصر.. وقد ذكرني ذلك بموقف لمرسي، جرى في ندوة لقناة "الفراعين" قبل ثورة 25 يناير بنحو عام ونصف، دعا لها الباحث الإسلامي ضياء رشوان، وشارك فيها محمود عزت، ومحمد مرسي، كممثلين لجماعة الإخوان، لمناقشة ما أثير حول كتاب (دعاة لا قضاة) هاجم فيه المرشد حسن الهضيبي، أفكار قطب، عن التكفير، وأيده في ذلك المرشد التالي عمر التلمساني، فعندما سأله رشوان عن مدى مطابقة أفكار الإخوان لما جاء في كتب سيد قطب؟ أجاب مرسي: "عندما قرأت للأستاذ سيد قطب، بعد وفاته، عشت في كتابًاته فصارت جزءًا مني. لقد وجدت فيه الإسلام بما فيه من السعة والرؤية الشاملة للإسلام"، ثم أضاف مرسي، قائلًا: "وصحيح أن الأستاذ سيد قطب، يقول نصوصًا تكفيرية، ولكننا لا نعتبرها تكفيرية!!، ولكنها نصوص تحرك الوجدان وتتحدى العقل، ويجب لمن يقرأ لسيد قطب أن يتعلم اللغة العربية أولا"، ثم هاجمه القرضاوي الذي سبق أن استنكر الفكر التكفيري لقطب، فقال محمد مرسي: "قلبي على القرضاوي الذي لا يعرف العربية ولا يتقن غير التركمنستانية!! فإذا عرف العربية سيعرف أن ما يقوله قطب هو الإسلام، وأنا شخصيًا عندما قرأت لقطب، تحريت الدقة وسألت الكبار حتى أفهم ما كتبه!!"، وقبل أن تنتهي الحلقة تلقى ضياء رشوان، مداخلة تليفونية على الهواء من محمد بديع، يؤيد فيها دفاع مرسي، وعزت عن أستاذهما وصاحب فكرهما سيد قطب، وعندما أخذ العجب القرضاوي، مما قاله قادة الإخوان على رأيه، وسال سليم العوا عن من هؤلاء؟ اجاب العوا: هؤلاء هم تنظيم العشرات، فرد عليه القرضاوي فاغرافاه: أهم أهم؟! أهؤلاء من حذرنا منهم التلمساني؟!! أصبحوا الآن قادة للإخوان! إننا لله وإنا إليه راجعون!!
تنظيم العشرات أساس القطبيين.
- فمن هم تنظيم العشرات؟ يجيب الأستاذ ثروت الخرباوي، على هذا السؤال المهم في كتابه (سر المعبد) ص 300، قائلًا "هي أجيال نهلت من كتاب الظلام ومن "معالم في الطريق"، كرهت هذه الأجيال المعاني الجميلة التي في الكونوتربت فكريًا على أن الديمقراطية حرام، والليبرالية كفر، فتحت هذه الأجيال رؤوسها ليتم حشوها بكراهية كل المناهج السياسية والاجتماعية التي ابتدعها الإنسان لنفسه، فهمت أننا نعيش في جاهلية أشد ضراوة من جاهلية القرون الأولى، وأن القوانين التي وضعناها لأنفسنا لتنظيم معايشنا هي الطاغوت والكفر، فهمت هذه الأجيال الجديدة "إن الحكم إلا لله"، على نحو يخاصم اجتهادات البشر، ليس لنا أن نجتهد لأنفسنا وكيف نجتهد والله هو الحاكم الحكم؟، فهمت الله على غير مراد الله، الله عندهم هو الذي لا يرحم إلا هم، ولا يغفر لهم، ولا يدخل الجنة سواهم، أما النار فقد خلقها لغير الإخوان، الإخوان هم شعب الله المختار"، ثم يصف الخرباوي إخوان اليوم فيقول: "آلاف الإخوان الذين سيقوا إلى الجماعة منذ منتصف التسعينات يختلفون عن الذي يعرفهم القرضاوي، حتى أولئك الذين يرفضون أفكار القطبيين أمسوا يمالئونهم ويصانعونهم، وما صانعوهم إلا ليبحثوا لأنفسهم عن مكان على خريطة الإخوان.. القطبية كانت هي الطريق الثاني الذي سار فيه الإخوان بعد طريق حسن البنا". ثم تساءل بعد ذلك الأستاذ الخرباوي متخوفًا عن أصحاب الطريق الثالث "التابع في أغوار الإخوان"، وهو تنظيم "جيش الإخوان"!!.
- ومما أثار المخاوف حول (جيش الإخوان) أنهم في مكتب الإرشاد قد أعدوا لذلك بأحباء (قسم الوحدات)، وهو أخطر أقسام الجماعة لأنه المسئول عن الجانب العسكري في نشاط الجماعة، وكان فيه كوادر من ضباط الجيش الذين اخترقوا صفوفه سرًا أمثال الرائد محمد لبيب، وصلح شادي، أبو المكارم عبد الحي، وإبراهيم شرف. وكان المرشد السابق مصطفى مشهور، من أكثر قادة الإخوان إصرارًا على إنشاء هذا الجيش ودعمه قائلًا في وجه معارضيه: هل تتصورون دولة بلا أمن وبلا جيش؟ نحن أكبر من دولة، نحن أمة الإسلام، ويجب أن يكون لهذه الزمة أمن وجيش، ويوم أن يعود (قسم الوحدات) سيكون شعاره (أعدوا). وكانت تقديرات مصطفى مشهور، أن الإخوان سيصلون إلى الحكم في عام 2018، وأن لديهم خطة سيصلون إلى الحكم من خلالها، وأشار مرة في حديث له إلى كلمة (أعدوا) التي بين السفيين في شعار الجماعة، قائلًا: "نحن نعمل بها منذ سنوات طويلة"!!.
- ولكن ماذا عن هذه الخطة؟ هي خطة التمكين التي وضع خيرت الشاطر، لمساتها الأخيرة في عام 2005 تحت اسم (فتح مصر) وتقوم على السيطرة على الجيش والإعلام والقضاء، بعد السيطرة على النقابات المهنية والعمالية والنوادي واتحادات الطلبة، وأن سيطرة الإخوان على هذه الركائز الثلاثة، هي ضمان وصولهم للحكم ميسرًا، لذلك تم مع إنشاء قسم الوحدات إنشاء قسم القضاة، وهو الأمر الذي توقع معه مصطفى مشهور، في عام 1999، أنهم سيدخلون في صدام مع النظام الحاكم في غضون عشر سنوات بعد أن قطع الإخوان أشواطًا في طريق تنفيذ خطة التمكين.
جذور التكفير
- حقيقة الأمر أن توازع تكفير المجتمعات الإسلامية كانت عند حسن البنا، ظهر ذلك واضحًا في البند الخامس والعشرين من رسالة التعاليم، وهو يوجع تعليماته للإخوان وما يجب أن يفعلوه في حياتهم قائلًا: "أن تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامي، والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة". ويضيف البنا في التعليمة رقم 37 "أن تتخلى عن صلتك بأية هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فرقتك وخاصة إذا أمرت بذلك". إذن فكر التكفير كان مختبئًا في ضمير البنا، لم تظهر فيه إلا بعض فلتات، لذلك وجد التنظيم السري الخاص في الاغتيالات وأعمال التخريب التي قام بها في عهده وبعد ذلك تبريرات شرعية عند الإخوان وحتى اليوم.
- ويزداد الأمر تفاقمًا عندما يخبرنا الشيخ محمد الغزالي، أنه استمع إلى أحد خطباء الجمعة من الجماعة وهو يؤكد: "أن الولاء لمرشد الإخوان حسن الهضيبي، يكفر السيئات، وأن الخروج على الجماعة يمحق الفضائل، وأن الذين نابذوا المرشد عادوا للجاهلية الأولى لأنهم خلعوا البيعة"، وكانت الجماعة قد فصلت الشيخ الغزالي، منها عندما رفض تعيين الهضيبي، مرشد للجماعة متهمًا إياه بأنه "عميل الماسونية"!!، فتسلم خطابًا يقول فيه الإخواني مرسل الخطاب: "هل تظن نفسك مسلمًا بعدما خرجت من صفوف الجماعة؟".
- أما الكاتب الإخواني سعيد حولي فإنه يؤكد في كتابه (المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين) أن جماعة الإخواني هي فقط "جماعة المسلمين" دون غيرها من المسلمين، وذلك طبقًا للنصوص التي وضعها حسن البنا. وإذا انتقلنا إلى محمد قطب، فسنجده يدور في كتابه (جاهلية القرن العشرين) حول تكفير المجتمعات الإسلامية مسترشدًا بكتاب سيد قطب (في ظلال القرآن) الذي يقول فيه مفسرًا آية من آيات القرآن "وهنا يرشدنا الله إلى اعتزال معابد الجاهلية التي هي المساجد التي نعبد الله فيها، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي". ويضيف سيد قطب: "للعصبة المسلمة في كل أرض أن تنفصل عقديًا وشعوريًا ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها حتى يأذن الله بقيام دار إسلام تعتصم بها". ويعلق الخرباوي على ذلك قائلًا: "لقد أصبحت أفكار التكفير غالبة على الجماعة، لقد صارت جماعة الإخوان (مدينة التكفير)، في عالم مضطرب بالصراعات الفكرية والعقائدية والسياسية".. ثم يتساءل: كيف أصبحت أمواج التكفير عند الإخوان بهذه القوة الهادرة وهذا العنفوان المتكبد؟
التكفير والحاكمية في الخطاب القطبي:
- تدور الرؤية العامة لسيد قطب، للإسلام حول اعتبار الصراع البشر عقائدي في الأساس، وأن الحالة المثلى للمجتمع الإسلامي المنشود في نظرة ستستدعي بالضرورة أن يكون في صراعات مستمرة مع باقي المجتمعات بما في ذلك التي تدعي أنها مسلمة. لذلك حدد قطب مفاهيمه عن سبعة عناصر أساسية هي: الجاهلية وتعني التكفير، الحاكمية، الجماعة، المنهج، الثقافة، الأمة، والمجتمع، وسنناقش في هذه المقالة العنصرين الأولين، والباقي في مقالات قادمة أن شاء الله:
أولًا: جاهلية المجتمعات الإسلامية:
- فالجاهلية تمثل في نظرة الانحراف عن نهج الإسلام سواء في الماضي أو الحاضر، فيقول: "نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم. كل ما حولنا جاهلية.. تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم، وحتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية.. هو ما صنع هذه الجاهلية". ثم يمضي معتبرًا المجتمعات الإسلامية القائمة حاليًا تدخل في إطار هذه الجاهلية، فيقول: يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها (مسلمة).. لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده ولأنها تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها.."
ولكي يبرر سيد قطب لقيام (الجماعة المؤمنة)- التي هي جماعة الإخوان في مفهومه- التي ستقود البعث الإسلامي الجديد، ركز على اعتبار الجاهلية صيغة حركية في الأساس، وليست مجرد نظرية، بل تتمثله في تجمع حركي خاضع لقيادة هذا المجتمع الجاهلي، ولمواجهته سيعني قيام تنظيم حركي مسلم مضاد خاضع لقيم الإسلام، يتحوله تحت قيادة إسلامية مستقلة عن المجتمع الجاهلي وقياداته، وأن يحصر ولاءه للقيادة الإسلامية فقط، ويكون تحركهم باتجاه تقويض المجتمع الجاهلي، والدفاع عن المجتمع الإسلامي الجديد.
- وفي كتابه (في ظلال القرآن) تقرأ لسيد قطب: "الجاهلية ليست اسمًا لمرحلة تاريخية سابقة على الإسلام، بل أنها تنطبق انطباقًا حرفيًا على كل وضع بصرف النظر عن اعتبارات الزمان والمكان، إذا كان الوضع مشابهًا لتلك المرحلة التاريخية السابقة على الإسلام".
- ثم يمضي في كتابه (في ظلال القرآن) ليبرر اتهامه المجتمعات الإسلامية (بالشرك) فيقول: "إن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده، ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته، ولو قدمت الشعائر التعبدية له وحده". ولا يكتفي قطب، بذلك بل يتهم المجتمعات الإسلامية اليوم بترك الإسلام وهجرته، فيقول: أن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلامي الحقيقية تتمثل في أقوام من الناس من سلالات المسلمين في أوطان كانت في يوم الأيام دارًا للإسلام يسيطر عليها دين الله وتحكم بشرعيته، ثم إذا هي تتنكر لمقومات الإسلام اعتقادًا وواقعًا وأن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقادًا"، ثم يمضي في الحاجة نافيًا عن المسلمين اليوم إسلامهم فيقول في نفس الكتاب". في الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين وهم من سلالات المسلمين، وفيها أوطان كانت في يوم من الأيام دارًا للإسلام، ولكن لا الأقوام تشهد أن لا إله إلا الله بذلك المدلول، ولا الوطان تدين لله بمقتضى هذا المدلول، دائمًا فرد لم يشهد أن لا إله إلا الله بهذا المدلول (أي المدلول الذي يعتقده سيد قطب) فإنه لم يشهد ولم يدخل الإسلام بعد، كائنًا من كان اسمه ولقبه ونسبه، وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله بهذا المدلول فهي أرض لم تدين بدين الله ولم تدخل في الإسلام بعد".
- وينفي سيد قطب عن الأمة الإسلامية اليوم إسلامها فيقول: "إن الأمة الإسلامية قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعًا"، ثم يضيف "ووجود الأمة الإسلامية يعتبر قد انقطع منذ قرون، فالأمة الإسلامية ليست (أرض) كان يعيش فيها الإسلام، وليست قومًا كان أجدادهم في عصر من عصور التاريخ يعيشون بالنظام الإسلامي. إنما الأمة الإسلامية جماعة من البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم وموازينهم كلها من المنهج الإسلامي، وهذه الأمة بهذه المواصفات – قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض".
- ويرجع سيد قطب وصمه للمجتمعات القائمة اليوم في الأرض بالجاهلية لأنها تقنن لنفسها من القوانين والتشريعات التي تتلاءم بظروف العصر ومتطلبات الحياة، ويحقق لها الأمن والأمان ويصون مصالحها ويحقق أهدافها ويعتبر سيد قطب ذلك اعتداءا على سلطان الله في الأرض، فيقول "إن العالم اليوم يعيش في جاهلية من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها، وهذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطات الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية، وهي الحاكمية لأنها تسند الحاكمية للبشر لتجعل بعضهم لبعض أربابًا". ثم يفصح سيد قطب صراحة عن مكنون مذهبه الذي يتهم فيه المسلمين اليوم يا لكفر صراحة، فيقول: "وإذا بدا للبشر يومًا أن مصلحتهم في مخالفة شرع الله لهم فهم واهمون أولا، وهم كافرون ثانيًا!! ثم يزيد أمر تكفيره للمسلمين، فيقول "والمسألة في حقيقتها مسألة كفر وإيمان، مسألة شرك وتوحيد. مسألة جاهلية وإسلام.. أن الناس ليسوا مسلمين كما يدعون وهم يحيون حياة الجاهلية.. ليس هذا إسلاما وليس هؤلاء مسلمين.. والدعوة اليوم إنما ترد هؤلاء الجاهلين إلى الإسلام لتجعل منهم مسلمين من جديد". وهنا يجب أن نتوقف لننتقل إلى عام 2005 عندما وضع خيرت الشاطر خطته لتمكين جماعته من حكم مصر تحت عنوان (فتح مصر)، أي ليعيد للمصريين إسلامهم من جديد، ونتوقف أيضا أمام كلمات محمد مرسي في أول مؤتمر له يعقد بعد انتخابه في أول يوليو 2012، وقد اختار مكانة جامع عمرو بن العاص، وكان اختيار هذا المكان مقصود لذاته لأن عمرو بن العاص هو الذي فتح مصر، لذلك اختار محمد مرسي مسجد فاتح مصر ليوجه من عنده رسالة للمصريين جميعًا قال فيها: أن عمر بن العاص دخل مصر في وقفة العيد، وها نحن سنعيد الفتح الإسلامي من جديد"!!. وهو في ذلك يشبه مصر بإسبانيا (الأندلس) عندما خرج منها الإسلام بعد سقوط الدولة الإسلامية هناك في القرن السادس عشر بعد حكم إسلامي دام فيها ثمانية قرون، وأن جماعة الإخوان اليوم في القرن الحادي والعشرين بقيادة نعيم والشاطر ومرسي هي التي ستعيد للمسلمين في مصر إسلامهم من جديد، ألا يدل ذلك بوضوح لا لبس فيه على نظرتهم التكفيرية للمصريين اليوم؟!.
- ثم ينتقل سيد قطب – بعد أن وصم المجتمعات الموجودة على ظهر الأرض اليوم بالجاهلية والكفر، وبما فيها المجتمعات الإسلامية إلى تحديد مهمة جماعة (الإخوان المسلمين) في تقويض أنظمة الحكم فيها ليقيم على أنقاضها ما يطلق عليه المجتمع الإسلامي أو (الرباني) فنجده يقول في كتابه (معالم في الطريق): "ومن ثم تواجه الحركة الإسلامية هذا الواقع كله بما يكافئه- تواجهه بالقدوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات، وتواجهه بالقوة والجهاد لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها". ثم يمضي في تحريضه على تقويض الأنظمة الحاكمة فيقول: "لا يدلنا من التخلص من ضغط المجتمع الجاهلي والتصرفات الجاهلية والتقاليد الجاهلية والقيادة الجاهلية، ومهمتنا الأولى هي تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه.. أن القانون الوضعي لا يستحق السيادة والسمو".
- يعتبر سيد قطب أن الانقلاب على الأنظمة الحاكمة وإزالتها بالقوة هو عين الجهاد في سبيل الله، فيقول: "والذي يدرك طبيعة هذا الدين يدرك معها حتمية الانطلاق الحركي الإسلامي في صورة الجهاد بالسيف إلى جانب الجهاد بالبيان"، ولكن متى يتعين على الجهاد أن يبدأ؟ يجيب قطب على هذا السؤال قائلًا: وحين يبلغ المؤمنون بهذه العقيدة ثلاثة نفر فإن هذه العقيدة ذاتها تقول لهم: أنتم الآن مجتمع، مجمع إسلامي مستقل ومنفصل عن المجتمع الجاهلي"، ثم "والثلاثة يصبحون عشرة، والعشرة يصبحون مائه، والمئة يصبحون ألفًا". وقد سبق لسيد قطب أن أكد فكرة أن العقيدة تقوم بذاتها إلى الحركة الواقعية ومن ثم للجهاد بالسيف"، وهذا ما يؤكد حقيقة مهمة أثبتتها العمليات الإرهابية للإخوان أن "الإرهاب يبدأ فكرًا".
- وعندما برز السؤال المهم: كيف يمكن لهذه الجماعات المحدودة العدد أن تواجه العالم بأسره؟ وهو سؤال تردد بقوة عندما تصور أسامة بن لادن – زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي- أنه قادر على هذه المواجهة بهذه المجموعة التي تحيط به، فاجاب سيد قطب في كتاب (المعالم) قائلًا: "المؤمنون إجراء عند الله أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا عملوا، وقبضوا الأجر المعلوم، وليس لهم ولا عليهم أن تتجه الدعوة إلى أي مصير، وذلك شأن صاحب الأمر ولا شأن الأجير"، وهو ما يؤكد مبدأ السمع والطاعة الذي زرعة حسن البنا في أتباعه، وتنفيذ كل ما تمليه قيادة الجماعة عليهم من أوامر دون مناقشة، حتى والله كان أمرًا بالانتحار، وكل ما عليهم هو الثبات مؤكدًا "الثبات هو بدء الطريق إلى النصر، وأثبت الفريقين أغلبهما".
ثانيًا: الحاكمية:
- يمثل شعار (الحاكمية لله) حجر الزاوية في الخطاب القطبي، حيث يعتبر قطب أنه بمقتضى "لا إله إلا الله.. فإنه لا حاكمية إلا لله، ولا شريعة إلا من الله، ولا سلطان لأحد، لأن السلطان كله لله". ثم يزعم أن الحاكمية لله لا تقوم اليوم والمجتمعات الإسلامية لأن الحكام لا يطبقون القوانين المأخوذة من الشريعة الإسلامية، وبناء على ذلك أسس حكمه بتجهيل وتكفير هذه المجتمعات الإسلامية، وبناء عليه دعا أتباعه إلى الانضمام للتنظيم الحركي السابق الإشارة إليه للاستيلاء على الحكم تحت شعار إعادة (الحاكمية لله) في المجتمع، وسيد قطب في هذا الزعم قد تأثر بصيحة الخوارج الأولى عشية تأسيس الدولة الأموية (لا حاكمية إلا لله) والتي خلطوا فيها بين (حكم الله) بمعنى الأحكام الإلهية السارية في الوجود كله والتي يرجع فيها الأمر إلى المولى عز وجل، وبين (الحكومة) والحكم الدنيوي، فجعل قطب وجماعته الدولة والإمارة والسياسة دينًا خالصًا، ومن ثم رفضوا أن يكون للبشر دخل في السياسة والحكومة، وفي كتابه (السلام العالمي والإسلام)ص 170 نجده يقفز إلى مطالبة جماعية بالجهاد من أجل تحقيق الحاكمية فيقول" ضرورة الجهاد لحماية المؤمنين ونشر الدعوة والقضاء على أي ظلم في الأرض حتى تسود الحاكمية وتتحقق ربوبية الله في الأرض". وهذا تطاول وسوء أدب على المولى عز وجل فهل الله تعالى في حاجة إلى جماعة الإخوان – حاشا لله- لكي تتحقق ربوبيته في الأرض؟! أن حكم الله في الوجود، وربوبيته قائمة من الأبد وإلى الأزل، فليست في حاجة لمن يحققها أو يعيدها، وهذا من بديهيات إيمان أي مسلم.
- ثم يزعم قطب أن الحاكمية لا تتحقق إذا خرجت القوانين المطبقة عن الشريعة الإسلامية، ومن ثم يدعو إلى ضرورة الثورة الشاملة والتمرد الكامل على كل حكم البشر بدعوى جعل (الحاكمية لله) فيقول في ص 67 من كتابه (معالم في الطريق)"إن إعلان ربوبية الله وحدة معناه الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها وأنظمتها وأوضاعها والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض يكون فيه الحكم للبشر بصورة من الصور". كذلك تأثر سيد قطب في مفهوم الحاكمية بأفكار الكاتب الباكستاني أبو الأعلى المورودي. وأن كان قطب قد أهمل ما ذكره المورودي عن وجود (حاكمية بشرية مفيدة) فيما لا نص فيه وفي كتابه (العدالة الاجتماعية في الإسلام) يقول قطب "ليس لمخلوق على مخلوق سلطان، فهذا السلطان لله وحده وليس بين الإنسان والله توسط، ولذلك فإن السلطة للأمة لا للحاكم، لا يبتكر من عنده القوانين، فهي مفروضة من الله. وما على الحكومة إلا تطبيقها والمحكومين تنفيذها".
- ونجد قطب ينعي على الأجيال التالية للمسلمين الأوائل عدم تطبيقهم لهذه القاعدة بعد انتقال الرسول بثلاثين عامًا: فيقول "برأ الانحراف عن سنة الإسلام الرفيعة بسبب سرعة إسلام شعوب المنطقة التي أدت إلى عدم جدية إسلامهم إذ إنهم لم يتحرروا من بقايا عقائدهم السابقة". ولا يخفي قطب في كتابه (معالم في الطريق) حقيقة ما يهدف إليه من دعوته كلها وهو الاستيلاء على الحكم، فيدعو صراحة إلى عدم الالتفات والاهتمام بوضع خطط وبرامج الإصلاح ووسائله، وإنما الجهد يجب أن يركز على إسقاط الأنظمة القائمة واستيلاء الجماعة على السلطة، وفي ذلك يقول: "وألف كتاب عن الإسلام وألف خطبة في مسجدًا وقاعة أو ميدان، وألف فيلم في الدعاية للإسلام، وألف بعثة من الأزهر أو غير الأزهر في كل مكان، كل أولئك لا يغني عناء مجتمع صغير يقوم في ركن من أركان الأرض يعيش بمنهج الإسلام. وتتمثل فيه خصائص هذا المنهج وصورة الحياة في الإسلام" أيس ذلك تمامًا فكرة الإمارة التي أقامتها طالبان في أفغانستان ودعمها تنظيم القاعدة الإرهابي، ثم يزيد قطب الأمر ايضاحًا فيقول "كل فقه تراد تنميته وتطويره في وضع لا يعترف ابتداءا بحاكمية الإسلام هو استنبات للبذور في الهواء، وهو عبث لا يليق بجدية الإسلام"، ثم ينتقد من يطالب الإخوان بالكشف عن منهجهم وبرامجهم للحكم فيقول: "إن الجاهلية التي حولنا كما أنها تضغط على أعصاب بعض المخلصين من أصحاب الدعوة الإسلامية فتجعلهم يتعجلون خطوات المنهج الإسلامي، هي كذلك تتعمد أن تحرجهم فتسألهم.. أي تفضيلات نظامكم الذي تدعون إليه؟ ثم يجيب قطب على سؤاله: "إن منهج أصحاب الدعوة الإسلامية أن تتبلور النظرية من خلال الحركة وتحدد ملامح النظام من خلال الممارسة". أليست هذه هي نفس إجابة الرئيس المعزول محمد مرسي وعشيرته عندما سئل عن تفاصيل خطة (النهضة) التي زعم أن مئات من المتخصصين في كافّةً المجالات قد وضعوها للنهوض بمصر، ثم انكشفت حقيقة الأمر بأنها خطة وهمية لا وجود لها، وهو ما اعترف به خيرت الشاطر نفسه عندما نفى وجودها زاعمًا أن مثل هذه الخطة تتبلور من خلال الممارسة، وهو ما يؤكد أن الأمر لا يخرج من وجهة نظر قطب وأتباعه في اليوم عن المطالبة بالحكم بأي ثمن وتحت أي مبرر بعيدًا عن أي منهج للإصلاح. بل عندما دخل الإخوان مجلس الشعب في عام 2005 وكان السؤال الملح المطروح عليهم هو أن برنامجهم للتعامل مع قضايا المجتمع ومشكلاته ردوا بتلك العبارة الفضفاضة "الإسلام هو الحل"، تهربًا من أي رد موضوعي على هذا السؤال.
- أما عن اختيار سيد قطب لكلمة (الحاكمية) كمبرر لهدم المجتمعات القائمة واستيلاء جماعته، فلذلك قصة طريفة يكشف عنها عادل حمودة في كتاب (ٍسيد قطب من الرية إلى المشنقة) ص 144 فيقول عن فترة وجود قطب في السجن "في تلك الأيام كان سيد قطب مهمومًا بالبحث عن الوصف الذي يريحه لنظام عبد الناصر، وفي رواية تحيط بها هالات مقدسة وتمنحها دعم السماء، يقول البعض أن زميل وحليف سيد قطب في عنبر العلاج محمد حواشي أنقذه من الحيرة، والهمه الوصف المناصب لنظام حكم عبد الناصر، قال له محمد خواش أن سيدنا يوسف عليه السلام جاءه في المنام وطلب منه أن يبلغ قطب أنه سوف يجد ما يبحث عنه في سورة يوسف وتحديدًا في الآيات 35-41 والتي تروي حديث سيدنا يوسف مع فتيان كانا معه في السجن "ما تعبدون دون الله إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم، ما أنزل الله بها من سلطان، أن الحكم إلا لله أمر ألا تبعدوا إلا إياه، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون"، فالتقط منها سيد قطب جملة (إن الحكم إلا لله) واعتبر ذلك هو الشعار الملهم، واشتق منه لفظ (الحاكمية لله).
التناقض في دعاوى سيد قطب:
- حفلت كتب سيد قطب بالتنافضات في أفكاره، في الوقت الذي حفلت بتحريم أن يشرع المسلمون لأنفسهم قوانين وضعية تتنفق وروح العصر وتتواءم مع مصالحهم وأهدافهم، بل ويعتبر ذلك "جاهلية" و"كفر. نجده في كتابه (نحو مجتمع إسلامي) يقول: "إن الصور التاريخية للمجتمع الإسلامية ليست الصور النهئاية لهذا المجتمع، بل هناك صور متجددة أبدًا، فكيف إذن لفكرة ثابته أن تواجه حاجات وأصولًا محددو؟ وكيف يمكن لهذه الحاجات والأحوال أن تتحرك وتنمو في ظل حركة فكرة ثابتة؟ ثم يقول: "إن تشريعات الفقة كانت تلبية لحاجات زمنها، وأي نقل منها من زمن لفرضها على زمن آخر ليس من شرع الله، ولا من عمل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي لا تحصل إلا للاسترشاد والاستشهاد بها في الحالات المشابهة التي تشهدها الأجيال المتجددة، ولكنه لا يبلغ حد الإلزام المطلق".
- ثم يواصل كلامه مبيحًا لكل جيل أن يضع نظمه الاجتماعية التي تلبي حاجات زمانه، فيقول: "أما فيما يتعلق بالمجتمع وأطواره فإن الصورة التاريخية للمجتمع الإسلامي لا تجدد ولا تستوعب كل الصور الممكنة للمجتمع الإسلامي، ولكل جيل أن يبدع نظمه الاجتماعية في حدود المبادئ الإسلامية، وأن يلبي حاجات زمانه باجتهادات فقهية قائمة على الأصول الكلية للشريعة الإسلامية"، بل ويزيد الأمر تأكيدا في ضرورة أن يقنن الناس لأنفسهم ما يرونه من فقه، فيقول "الفقه من صنع البشر استمدوه من فهمهم وتفسيرهم للشريعة، فالشريعة ثابته والفقه متغير ثم يقول "ويمكن التجاوز عن الفقه".
- بل وينتقد عدم تجديد الفقه الإسلامي فيواصل قائلًا: "لقد استمر نمو الفقه الإسلامي وتطوره غلى نحو القرن الثامن بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وكان في نموه وتطوره متابعًا لنمو المجتمع الإسلامي وتطوره، وملبيًا لحاجاته المتجددة بسبب بروز تلك الحاجات، ثم ركد الفقه تبعًا لركود المجتمع الإسلامي، حتى إذا قفزت الحياة قفزاتها الواسعة في القرون الثلاثة الأخيرة وتجدد المجتمع الإسلامي لم يكن الفقه الإسلامي على استعداد لمسايرة الحياة المتوثبة، وبذلك وجدت فجوة تاريخية في تسلسل هذا الفقه ومسايرته للحياة الجديدة وحاجاتها التي تضاعفت أضعافًا كثيرة".
- ورغم أن سيد قطب نجده في كلامه السابق يؤكد الحاجة إلى فقه جديد يتمشى مع المعطيات الجديدة، أو بالدقة إلى فقه يتجدد دومًا، بل وينعي على الحضارة الغربية خلوها من النزعة الإنسانية وافتتانها بالتقدم التكنولوجي، نجده لا يلبث أن يتراجع عن كل ذلك، معتبرًا أن التجديد في الفقه الذي سبق أن طالب به أصبح يعني "العودة أربعة عشر قرنًا إلى الخلف"، وينقد الحضارة الغربية وجعلها هي وكل الدول الإسلامية التي تتعامل معطيات هذه الحضارة ديار حرب وجاهلية وكفر. وهكذا نرى سيد قطب ومنذ البدايات كان بسير بالقارئ في طريق ثم لا يلبث أن ينحني به عكس ما يتوصل إليه القارئ من معان، بل نجده أيضا في كتاب (الإسلام العالمي والإسلام) ص36 يحض المسلمين على التعامل بسلام ليس فقط مع حكوماتهم بل وبالطوائف والدول الأخرى، فيقول "الإسلام يبدأ بمحاولة السلام أولا في ضمير الفرد، ثم في محيط الأسرة، ثم في وسط الجماعة، وأخيرا يحاول في الميدان الدولي وبين الأمم وفي الشعوب، أنه ينشر السلام في علاقة الطائفة بالطوائف، وفي علاقة الأفراد بالحكومات ثم ينشده في علاقة الدولة بالدول الأخرى، وإنه ليسير في تحقيق هذه الغاية الأخيرة في طريق طويل يعبر فيه من سلام الضمير إلى سلام البيت، إلى سلام المجتمع إلى سلام العالم في نهاية المطاف"!! أين هذا الكلام من دعواه في كتاب المعالم عن هجرة المجتمع والحكومة واعتزالهما وعدم العمل كخلايا حية في هذه المجتمعات ونبذها وعدم الولاء لها؟!.
- ومن مظاهر التناقض أيضا في الخطاب القطبي أنه يقوم في كتابه (الإسلام ومشكلات الحضارة): "ليس الذي ينقص البشرية لقيام مجتمع إسلامي هو وجود فقه إسلامي متطور (نلاحظ أنه قال من قبل بضرورة وجود هذا الفقه المتطور) إنما الذي ينقصها ابتداءً هو اتخاذ الإسلام نهجًا، وشريعته شريعة، أن الفقه الإسلامي لكي يتطور ينبغي أن يجد التربة التي يتطور فيها.. وهي مجتمع إسلامي يعيش في العصر الحاضر"!!
الرد على افتراءات وأباطيل سيد قطب
-وفي مواجهة الدعاوى الباطلة التي أطلقها سيد قطب حول تكفير وتجهيل المجتمعات الإسلامية، وصارت مع مرور السنين عقيدة ثابته تنعكس في عقائد وسلوكيات جماعة الإخوان، علينا أن نرجع إلى كتاب الله والسنة الشريفة لنرد بهما على هذه الافتراءات والأكاذيب وما حوته من تضليل ودعوة إلى فتنة تقضي على الأخضر واليابس في المجتمعات الإسلامية، وهو ما يحقق أهداف أعداء الإسلام في الداخل والخارج.
أ- أن تكفير المسلمين بدعوى خروج الحاكم عن الالتزام بالشريعة الإسلامية هو سلوك يتعارض تعارضًا كاملًا مع قوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" (الأنعام 164)، فإيمان أو كفر أي إنسان هو أمر شخصي يرتبط به وحده ويتعلق فقط بما يستقر في قلبه من معتقد في أركان الإيمان، وليس له علاقة بإيمان أو كفر الحاكم أو غيره من الناس، وأن تردي – أي الشأن في الكفر-بما في ذلك الحاكم- لا ينقص من إيمان غيره، ولا يضار المؤمن مطلقًا في إيمانه بضلال أي إنسان آخر، مصداقًا بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من صل إذا اهتديتم" (المائدة 105).
ب- كما أن هذا المنهج الذي يدعو له سيد قطب بتكفير المسلمين يتعارض مع أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل فيها: "إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما". لذلك يحذرنا المولى عز وجل من أن يرمي المسلم غيره بالكفر لأن الإيمان أو الكفر محله القلب، وما في قلب العباد لا يعلمه إلا خالق العباد "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"، لذلك فإن لنا ظاهر الإنسان، فإن أعلن أو أظهر الإسلام قلنا أنه مسلم، وأن أعلن وأظهر كفرة فلنا أنه كافر، أما تكفير المسلم- أو مجتمع إسلامي كله- رغم نطقه بالشهادة وإقامة فروض الإسلام الخمسة، فذلك مما لا يرضى عنه الله ورسوله، بل ويعد من الكبائر. ومن ذلك كله نستنبط أن الحكم على إيمان الناس أو كفرهم مرجعه إلى الله تعالى، ومن ثم فإن كل من يزعم أن له حق الحكم على كفر أو إيمان الناس فهو في حكم الشرك بالله تعالى، لأنه يشارك المولى عز وجل فيما اختص به نفسه سبحانه وتعالى، كما يدل على ذلك قوله تعالى: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" (الشورى 21).
ج- وفي مواجهة شعار الحاكمية لله التي يزعم سيد قطب أن هذه الحاكمية لا تتحقق ولا تقوم إلا إذا كان الحاكم يطبق قوانين الشريعة الإسلامية، ثم يؤسس على ذلك حكمه بتكفير مجتمعنا المصري، فإننا نود بداية التأكيد على أن لفظ الحاكمية لم ترد بأية آية في القرآن ولا في أي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، وغالبية الإخوان ينطقون بهذا المصطلح الذي زرعه قطب في عقولهم وهم لا يعرفون حقيقة مراد واضعيه إلا عبارات مبهمة سمعها هنا أو هناك، لذلك فهم يعتقدون بمصطلح يرتكزون عليه في ممارساتهم الهدامة من كلام بشر غير معصوم وارد عليه الخطأ والوهم.
د- ونلاحظ أن سيد قطب يقتطع من الآيات القرآنية ما يخدم أهدافه الهدامة، مثل قوله تعالى: "إن الحكم إلا لله"، في أنها تعني الحكم الدنيوي الذي يمارسه الحاكم، فإذا رجعنا إلى قراءة هذه الآيات بشكل كامل فسنجد أنها تتحدث عن أحكام أخرى غير الحاكم الدنيوي الذي يقصده سيد قطب. فإن في قوله تعالى "ذلكم بأنه إذا ادعى الله وحده كفرتم وأن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير " (غافر 12) حيث تبين هذه الآية أن الحساب وما ينزل بالكافرين من النقمة والعذاب إنما بيد المولى عز وجل الذي يحكم بين عبادة ويفصل بينهم، ومن ثم فليس للفظ (الحكم) هنا أية علاقة بالحكم الدنيوي، وإنما هو (الحكم الإلهي) للمولى عز وجل بين عباده، وفي قوله تعالى في سورة الأنعام "قل إني على بينة من ربي وكذبتم به، ما عندي ما يستعجلون به أن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين". حيث تبين لنا هذه الآيات أن الرسول قد رد الحكم فيما يستعجل به المكذبون إلى الله تعالى لأن هذا الحكم مرده إليه سبحانه وليس له من علاقة بالحكم الدنيوي، وفي قوله تعالى أيضا في سورة الأنعام "ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين". في هذه الآية الكريمة ورد قوله تعالى "ألا له الحكم" ليصف الحكم الإلهي الساري في الوجود والذي لا تملك نفسي أن ترده أو تنفك عنه، وهو أيضا ما لا علاقة له بالحاكم الدنيوي، ومن البديهي أن الناس سواء طبقوا الشريعة أو لم يلتزموا بها فإن ذلك ليس له علاقة بالآيات التي تتحدث عن الحكم الإلهي الساري في الوجود ويتاجر بها أصحاب شعار الحاكمية لله، ذلك لأن الله غني عن العالمين مؤمنيهم وكافريهم.
ه- وفي مواجهة دعوة سيد قطب لتخريب المجتمعات الإسلامية للاستيلاء على السلطة بزعم إقامة الحكم الرباني، فهي دعوة إلى الفتنة وليس فيها أي صالح للإسلام، لأن الدعوة إلى الإسلام لا يمكن أن تقوم على أساس الاستيلاء على الحكم، وإنما التأسي برسل الله واتباع منهجهم في الهداية إلى الله، الذي أمرهم به المولى عز وجل والقائم على أساس قوله تعالى: "أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة". وذلك بعيدًا عن أي صورة من صورة الإكراه على حكم قوله تعالى "لا إكراه في الدين" هذا فضلًا عن أن الدعوة إلى الاستيلاء على الحكم لا بد أن تنتهي حتمًا إلى صراعات تبدأ فكرية وسياسية وتنتهي مسلحة ودموية، حيث تتصارع الجماعات والأحزاب والطوائف، كل يريد أن يأخذ الحكم لنفسه بدعوى تطبيق شرع الله، كما هو الحال اليوم في مصر قبل وبعد ثورة 30 يونيو 2013 بعد أن طرد الشعب المصري الإخوان من الحكم، فأشاعوا القتل والتخريب والفوضى في جنبات المجتمع المصري حتى يعودوا مرة أخرى للحكم.
و- أما ما يروج له سيد قطب من تقسيم البلاد إلى دار حرب دار إسلام، حيث يستبيح سيد قطب حرمات المسلمين من أرواح ودماء وثروات أعراض بدعوى أنها دار حرب، فإن ذلك تقسيم باطل ليس له أي دليل من كتاب الله وسنة رسوله، بل ويخالف ما جاء في القرآن الكريم من أن ثواب أو عقاب أهل القوى أنما يكون نسبة إلى سلوك أهلها وعقيدتهم من إيمان أو كفر "ظهر الفساد في البحر والبحر بما كسبت أيدي الناس"، كما يتعارض مع الحديث الشريف "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"، وأيضا حديث حضرته "من خرج علينا بالسلاح فليس منا".
ز- كما أن دعوة سيد قطب للقتل وسفك الدماء تحت شعار الجهاد في سبيل الله، بعد أن دفع المجتمع المصري بالكفر، والشرك مستندًا إلى قوله تعالى "وقاتلوا المشركين كافّةً"، فإنه قطع متعمدًا سياق الآية متجاهلًا باقي الآية "كما يقاتلونكم كافّةً"، كما تتعارض دعوته مع قول المولى عز وجل: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا، أن الله لا يحب المعتدين"، ومتجاهلًا أيضا حقيقة وجوهر الجهاد، وهو جهاد النفس الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، قالوا وما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال: جهاد النفس".
ح- أما زعم سيد قطب بأن الحكام والناس قد اعتدوا على سلطان الله، وسلبوه – حاشا لله ونستغفره- أخص خصائص الألوهية، فإن ذلك تطاول وسوء أدب على المولى عز وجل، لأن من بديهيات الإيمان أن نؤمن بالقدرة المطلقة للمولى عز وجل في الوجود، "له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير"، فمن ذا الذي يستطيع أن يسلب سلطان الله في الوجود أو يعتدي على أخص خصائص الألوهية كما يزعم قطب؟!. أن حكم المولى عز وجل للوجود قائم ومستمر ومرتبط بالإرادة الإلهية الصرفة والقدرة الإلهية المطلقة ولا علاقة له بإرادة الناس، ولا بقدرتهم ولا يتوقف على إيمانهم أو كفرهم "والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب". أما التكاليف الإلهية لعباده من عبادات ومعاملات، فإن المولى عز وجل يترك للناس حرية الالتزام بها، فيفعلونها بإرادتهم الحرة ليفوزوا برضوان الله، أو يخالفونها بإرادتهم الحرة فيبؤوا بغضبه مصدقًا لقوله تعالى: " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فيكفر"، والمحاسب هو الله وهو سريع الحساب في الدنيا قبل الآخرة.
خاصة القول:
- تثبت السنين والأيام منذ ظهور سيد قطب على مسرح الأحداث في مصر في أربعينات القرن الماضي، أم كل ما شهده العالم الإسلامي وليس مصر فقط من أعمال عنف وفوضى وإرهاب كانت نتيجة البذرة الشريرة التي زرعها هذا الرجل في عقول الإخوان وحلفائهم حول تكفير المجتمعات الإسلامية ورميها بالجاهلية واستحلال حرماتها من أجل وصول جماعته إلى السلطة والحكم، وما الدين إلا الغطاء الذي يتدثر به هؤلاء الإرهابيين لإخفاء حقيقة هويتهم الفاشية التي ظهرت جلية بكل ما مارسوه من قتل وتحريب وتدمير وسحل وتعذيب وترويع الأمنين عبر عام من الحكم الظلامي لهذه الجماعة وما تلاه حتى اليوم بعد أن أزاحها الشعب المصري عن صدره ولفظها في 30 يونيو الماضي. وأكبر ديل على ذلك أن من يفتش في دماغ محمد مرسي يكشف ارتباطه الوثيق بسيد قطب، وأنه تلميذ متيم بأستاذ لم يره ولم يعرفه إلا عبر أفكار ملغمة تركها لأجيال من الإخوان لتصبح ما نفيستو حركي لأعمالهم الهدامة ومبررًا شرعيًا لانتهاجهم العنف والفوضى.
- ورغم ما ثبت من فاشستية سيد قطب وماسونيته ومن قبله حسن البنا، نرى جماعته يخلعون على البنا لقب (الإمام الشهيد) وعلى قطب لقب (الشهيد) في حين أن تاريخ حسن البنا وممارساته يثبتان أنه ليس بإمام ولا بشهيد، بل هو نهاز فرص حيث استغل سقوط الخلافة العثمانية في تركيا، فنادى بعودة دولة الخلافة ليجعل من نفسه خليفة للمسلمين، كما لم يثبت له أي اجتهاد في الدين يمكن أن يجعل منه إمامًا، بل أن كل ما جاء في رسائله وخطبه يعكس رؤية سياسية ونظام حكم ثيوقراطي(ديني) وتشكيل مجتمعي عصابي، وهو ما ليس من الدين في شيء، فأين الاجتهاد في الدين الذي يؤهله إلى مستوى الإمامة؟، كما أننا ننفي عنه أيضا لقب الشهيد لأنه قتل في صراع على السلطة مع الملك فاروق، ولم يقتل في سبيل الله. نفس الأمر مع سيد قطب فهو ليس أيضا بشهيد لأنه قتل في صراع على السلطة مع عبد الناصر.
- ولكن بفضل الله تعالى وحماية رسوله صلى الله عليه وسلم لهذا البلد، نجد أن كل مخططات وأعمال الإخوان وتنظمهم الدولي حتى اليوم وغدًا باءت وستبوء أن شاء الله بالفشل والخيبة. فقد فشلوا في حكم مصر وفشلوا في محاولات أخونة الدولة، وفشلوا في محاولات اعتصامهم في رابعة والنهضة وغيرها، وفشلوا في أن تحقق مظاهراتهم أي من أهدافها، وفشلوا في الإيقاع بين الجيش والشرطة والشعب، بل على العكس أدت ممارسات الإخوان إلى تلاحم هذه القوى الثلاثة في وجه الإخوان بشكل لم يسبق له مثيل. كذلك فشل تنظيمهم الدولي في إثارة الدول الغربية ضد مصر. فها هي أمريكا وبريطانيا وألمانيا يتراجعون عن قراراتهم السابقة بوقف التعاون العسكري والاقتصادي مع النظام الجديد في مصر، خاصة بعد أن أعادت مصر التوازن في علاقاتها الدولية بالانفتاح على روسيا والصين. ومن فضل الله أيضا علينا ما اتسمت به جماعة الإخوان من غباء سياسي جعلها تنفصل عن الواقع وتعيش في عالم افتراضي خاص بها، ولا تستوعب دروس وعبر اللطمات والضربات التي توجه لها، مما أدى إلى زيادة انعزالها وكراهية وبغض المصريين لها، واعتبارهم أن الإخوان ورم سرطاني ينبغي استئصاله نهائيًا من الجسد المصري، وهو ما سيتحقق بأن الله قريبًا حتى تنجو مصر من شرورهم وآثامهم، والله من ورائهم محيط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.