تحولت احتفالات ليلة رأس السنة فى تركيا إلى مأساة دموية، حيث لقى 39 شخصا مصرعهم وأصيب 70 آخرون، من بينهم 5 قتلى و7 مصابين سعوديين، فى هجوم نفذه مسلح يرتدى زى «بابا نويل» على ملهى ليلى بمدينة اسطنبول فى وقت ذروة الاحتفالات عند منتصف الليل، قبل أن يفر هاربا، دون أن تعلن أى جهة حتى الآن مسئوليتها عن العمل الذى يأتى فى إطار سلسلة العمليات الإرهابية التى تتعرض لها تركيا فى وقت ينشغل فيه الرئيس رجب طيب أردوغان بتوسيع صلاحياته وقمع الحريات والحرب فى سوريا. ومن ناحيته، أكد أردوغان أن بلاده ستواصل حربها ضد الإرهاب وأنها عازمة على القيام بكل ما يلزم فى المنطقة من أجل ضمان أمن وسلامة مواطنيها. وشدد على أن بلاده لن تسمح إطلاقا بنجاح المؤامرات «القذرة» التى تحاك ضدها، وذلك من خلال التحلي بالوعى والحكمة والتكاتف بين الجميع حكومة وأحزابا وشعبا، على حد تعبيره. وفور وقوع الحادث، عقد بن على يلدريم رئيس الوزراء التركى اجتماعا أمنيا بقصر «ضولما باهتشة» باسطنبول لبحث تداعيات الحادث. وتضاربت تصريحات المسئولين الأتراك عن الهجوم، حيث ذكر واصب شاهين حاكم اسطنبول أن المهاجم أطلق النار على ضابط شرطة ومدنى وهو يدخل ملهى «رينا» الليلى المطل على مضيق البوسفور قبل أن يفتح النار بشكل عشوائى فى الداخل. وأضاف شاهين : «إرهابى بسلاح متطور نفذ هذا الهجوم بوحشية وهمجية بإطلاق النار على الأبرياء الذى يحتفلون فحسب بالعام الجديد». ومن جانبه، كشف سليمان صويلو وزير الداخلية التركي، أن هناك 15 أو 16 أجنبيا بين القتلي، ولكن لم يتم التعرف حتى الآن سوى على هوية 21 جثة من القتلى ال 39. وأضاف أن 15 من الضحايا يحملون جنسيات أجنبية مختلفة وأن الستة الآخرين أتراك تشير معلومات غير مؤكدة إلى أن ما بين 3 أو 4 منهم من العاملين بالنادي». وأشار صويلو الى أن «العمل جار على تحديد هويات الضحايا الآخرين».. كما أشار الوزير أيضا إلى أن كل المعلومات تشير إلى أن الحادث نفذه شخص واحد فقط، غير أن معلومات أخرى أكدت وجود عدد من المهاجمين، بما فى ذلك معلومات على مواقع التواصل الاجتماعى أشارت إلى وجود مهاجمين اثنين على الأقل كانا يرتديان ملابس «بابا نويل» قبل أن يخلعاها فى وقت لاحق. وأفاد وزير الداخلية أن «قوات الأمن اتخذت إجراءات أمنية مشددة فى مختلف أنحاء البلاد، خصوصا فى اسطنبولوأنقرة بناء على بلاغات وردت من وكالة مخابرات خارجية ومن أجهزة الأمن التركية»فى هذا الشأن. كما نقلت صحيفة «حريت» التركية عن شهود عيان قولهم إن المهاجمين كانوا يتحدثون باللغة العربية. وذكرت محطة «سي.إن.إن ترك» التليفزيونية أن ما بين 500 إلى 600 شخص كانوا داخل الملهى الليلى فيما يبدو عندما وقع الهجوم فى حوالى الساعة 1:15 صباحا بالتوقيت المحلي، أى قرابة 12:30 منتصف الليل بتوقيت القاهرة. وأضافت المحطة التركية أن بعض المحتفلين اضطروا إلى القفز فى مياه البوسفور التى يطل عليها الملهى هربا من إطلاق النار، وأنقذتهم الشرطة فى وقت لاحق. ونقلت «حريت» عن محمد كوجارسلان صاحب ملهى «رينا»الذى تم استهدافه قوله إنه تم اتخاذ إجراءات أمنية مشددة خلال الأيام العشرة الماضية بعد تقارير للمخابرات الأمريكية عن هجوم محتمل. وجاء هجوم ليلة رأس السنة الجديدة بعد 5 أشهر من محاولة انقلاب عسكرى فاشلة هزت تركيا لقى خلالها أكثر من 240 شخصا مصرعهم. وشهدت اسطنبول - أكبر مدينة فى تركيا من حيث عدد السكان - عددا من الهجمات خلال العام الماضي، وكان آخرها يوم 10 ديسمبر الماضى عندما انفجرت قنبلتان خارج استاد لكرة القدم، مما أدى إلى مقتل 44 شخصا وإصابة أكثر من 150 آخرين، وأعلن مسلحون أكراد مسئوليتهم عن هذا الهجوم. والمثير أن هذا الحادث الذى سيوجه ضربة قاصمة إلى صناعة السياحة التركية وقع على الرغم من قيام الشرطة بنشر نحو 17 ألفا من أفرادها فى اسطنبول وحدها لتأمين الاحتفالات، وبخاصة بعد تحذير واشنطن من عمليات إرهابية محتملة فى تركيا.