يوسف منصور 13 عاما تلميذ بحراوي مقبل علي مرحلة الشباب ومفعم بالحياة ويحبو أولي خطواته نحو رحلة الأمل والمستقبل ساقته اقداره كعادته الي مصرف قريته كوم حسن بمركز إدكو بحثا عن لهو مشروع ومغامرة محمودة لم يكن يعلم هذا الوجه النوراني الزاهر الذي يشع بهجة ويضئ حنانا أن مصرف الشؤم والأحزان الذي تفوح منه رائحة الموت هو مقبرته الأبدية وان أول أيام نشأته أمامه ستكون آخر أيامه في الحياة أيضا وأن ملك الموت ينتظره هذه المرة بفارغ الصبر. منذ أيام غادر منزل الأسرة مودعا أمه وماهي إلا لحظات حتي اختفي عن الأبصار ولم يعثر له علي اثر وتبين انه كان يلهو مع أصدقائه ببراءته المعهودة وفقد توازنه فجأة وانزلقت قدماه من علي حافة الشاطئ الموحش وكان السقوط المدوي وسط صراع مع الموت وصراخ بكل صوته يمزق ستار القرية الهادئة وتلاحقه خيالات مرعبة عسي أن يشم رائحة النجاة نحو اليابسة ويري الفرج ولكن هيهات خرقت مسامعه صوت المياه الملوثة وأتته عاصفة البلاء وجاءه السهم المسوم وابتلعه المصرف المرعب وسرعان ما فاضت روحه الطاهرة غرقا الحت عليه والدته كثيرا وطويلا ألا يلهو بجوار مصرف المواجع والهم الذي اغتال غيره من الأطفال الأبرياء خشية أن ينزلق فيه ويفقد حياته خاصة أنه يعاني أمراضا نفسية صعبة ولكن دعاه بعض رفقائه وأسرع تلبية لدعوتهم ولم يكن يعلم أن سعيه هذا كان بداية زحفه نحو نهاية محتومة كتبت عليه يوم خلقه ولكنها جاءت بغتة لتعصر القلوب ألما. غرق الطفل يوسف في قاع مصرف الموت وغرقت معه الأسرة في نهر من الهموم وبحر من الدموع تسبقه صرخات الأم وآهات الأب ولم يجد حوله من ينقذه أو يسعفه كان الموقف أقوي من مهارات السباحة التي لا يجيدها هؤلاء الأطفال الذين أيقنوا أنه لن ينجو من هذا الموقف المرعب أبدا لأنه لا يجيد فنون السباحة صارع الموت محاولا إنقاذ نفسه وسط صرخات مدوية أطلقها وصيحات تعالت من أقرانه وعلي صوت استغاثتهم تجمع الأهالي أخيرا لإنقاذه إلا أن القضاء والقدر كان علي موعد سريع معه وبعد دقائق كان الغلام منكبا علي بطنه فاقدا الروح وفوجئ الأهالي بمشهد مروع ووقعت أعينهم علي جثته وهي ملقاة علي الشاطئ ليخرج أمامهم جثة هامدة ووجه مبتسم في صورة مؤلمة تقشعر لها الأبدان فانهاروا في نوبة بكاء ونواح طويلة ليجسد هذا المشهد جانبا من مأساة أدمت قلوب جميع أهالي القرية والقري المجاورة بإدكو وخلت شوارع القرية المظلمة من الأطفال والنسوة يرتدين الملابس السوداء لكن ذات الاستهتار الذي يلاحقنا في مواقع عديدة كان حاضرا بقوة في موقع الحدث لتصاب أسرته بعزيز طال انتظار نشأته و زاد الأمل مع الايام بمستقبله. والدة يوسف وقفت وحيدة لم تجد ما تتحدث عنه وتركت اوجاعها للصمت وأطلقت العنان لدموعها وتقطع قلبها فلم تستطع التحدث عما أصاب نجلها لكن عيناها نطقت بالعتاب والاسي وهي تقول لقد انتهت الدنيا كلها بعد رحيل فلذة الكبد غير مصدقة أنها ستحرم منه للأبد وأنها فقدت الأمل الوحيد بعد رحيل هذا الملاك البرئ وأشارت انها احتضنته بقوة واندس الغلام في أحضان أمه وهي تودعه الوداع الأخير دون أن تدري قبل أن يذهب برفقة أقرانه وضمته بين ضلوعها لدقائق وكأنها كانت تودعه ثم قبلت كل ذرة في جسده فنظر الطفل إلي أمه ووقفت تراقبه خوفا علي حياته حتي اختفي من أمام عينيها وساورها احساس أن مكروها سيلحق بابنها ولكنها أغفلت قليلا إلي أن سمعت صرخات الأهالي . البداية عندما تلقي اللواء علاء الدين شوقي مدير أمن البحيرة إخطارا من اللواء محمد خريصة مدير الإدارة العامة للبحيرة والعميد حازم حسن رئيس مباحث بمصرع يوسف 13 عاما طالب غرقا.