من عيوبنا أننا لا نهتم كثيرا بما يحاك ضدنا. وربما لانقرأ – أحيانا – مايكتب عنا بالسلب .ومع علمنا أننا مستهدفون إلا أننا لانأخذ مايدبر لنا مأخذ الجد .قد تكون حالة من حالات الثقة الزائدة بالنفس أنوعا من الإهمال والتقليل من شأن مايثار عنا وحولنا .ومن عيوبنا أيضا أننا عندما تقع كارثة نظل نتحدث عنها ليلا ونهارا ثم سرعان مايخبو حماسنا تدريجيا ونعود الى سيرتنا الأولى يحدث هذا تقريبا فى كل المجالات وعلى جميع المستويات دون أن نضع خطة أو ورة لمواجهة تلك الكارثة اذا تكررت . جاءنى هذا الاحساس ةأنا أقرأ وثيقة خطيرة تدعو إلى تقسيم العالم العربى وتفتيته ولاأدرى هل أجهزتنا انتبهت إليها أم أنها لم تعها الاهتمام الكافى رغم أنها نشرت فى عام 1982. الوثيقة نشرتها مجلة (كيفونيم) التى تصدرها بالقدس المنظمة الصهيونية العالمية فى عددها الصادر فى 14فبراير عام1982وتم ترجمتها من العبرية إلى العربية وقدمها الدكتور عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين فى قضية ثورة مصر عام1988. أهمية هذه الوثيقة تأتى من أنها تضمنت ماجرى لنا فى السنوات الأخيرة خصوصا بعد أحداث عام 2011. كان تقسيم العراق أحد أهداف العدوان الأمريكى على العراق هو أحد الأفكار الرئيسية الواردة فى الوثيقة, وفصل جنوب السودان وتقسيمه هى أيضا ضمن الأفكار الواردة فى الوثيقة,والاعتراف الرسمى بالأمازيغية كلغة ثانية بجوار العربية فى الجزائر هى خطوة لاتبتعد عن التصور الصهيونى عن المغرب العربى, ومخطط تقسيم لبنان إلى عدد من الدويلات الطائفية التى حاولت الدولة الصهيونية تنفيذه فى السبعينات والثمانينات من القرن الما ضى وفشلت فى تحقيقه هو تطبيق عملى لما جاء فى هذه الوثيقة, وماشهدناه فى الثورات العربية من دمار حل بليبيا وحرب أهلية فى سوريا وتنظيمات ارهابية فى اليمن, وما جرى فى مصر يبرهن على وجود أيادى صهيونية محركة للثورات. تقول الوثيقة: إن استرداد سيناء بمواردها الحالية هو هدفنا الأولى, وعلينا أن نعمل على استعادتها. إن وضع مصر الاقتصادى وطبيعة نظامها وسياستها العربية هى قنوات تصب فى نقطة واحدة تستدعى من اسرائيل مواجهتها وينبغى علينا كهدف سياسى أساسى بعد التسعينات على الجبهة الغربية أن نعمل على تقسيم مصر وتفتيتها إلى أقاليم جغرافية متفرقة! وتقول أيضا: إن البنية الطائفية لسوريا ستساعدنا على تفكيكها إلى دولة شيعية على طول الساحل الغربى ودولة سنية فى منطقة حلب وأخرى فى دمشق وكيان درزى سيقاتل بدعمنا لتشكيل دولة انفصالية فى الجولان من حوران وشمالى المملكة الأردنية. أما العراق فإن انهياره سيكون بالنسبة لنا أهم من انهيار سوريا لأنه يمثل أقوى تهديد لإسرائيل فى المدى المنظور,ثم إن شبه جزيرة العرب مهيأة لتفكك وانهيار من هذا القبيل تحت ضغوط داخلية كما هو الحال فى المملكة العربية السعودية بالذات. ويقول أوديد ينيون الصحفى والدبلوماسى اللاسرائيلى السابق والمتخصص فى مجال البحوث المنصبة على علاقات اسرائيل بالعالم العربى :إن هدف تلك الاستراتيجية الصهيونية جعل العالم العربى ينهار ويتفكك إلى (مزايكو) من كيانات عرقية ودينية صغيرة. وفى رأيى أن الحديث عن وثيقة من هذا النوع ليس حديثا ثانويا يمكن تجاهله ,فهم ينصون فيها صراحة على رغبتهم فى مزيد من التفتيت لأمتنا.كما أن تاريخنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية مماثلة بدأت من خلال الأفكار وتحولت إلى اتفاقات ووثائق تلزمنا وتحكمنا حتى الآن ومنها معاهدة لندن 1840واتفاقية سايكس بيكو 1916ووعد بلفور عام 1917. لمزيد من مقالات عبد المعطى أحمد