اتفق عدد من الأحزاب والقوى السياسية مع حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن أن مواجهة الفساد مسئولية الجميع وليس الأجهزة الرقابية فقط، مشيدين بالدور الذى تقوم به الرقابة الإدارية فى كشف أباطرة الفساد، وأن الرقابة الإدارية كجهاز رقابى بدأ يعبر عن نفسه بنشاط ملحوظ أثبت كفاءة وقدرة عالية على مكافحة الفساد والعمليات غير الشرعية خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد. وطالبت الأحزاب الجميع بالوقوف خلف الرقابة الإدارية فى مواجهة أباطرة الفساد وحملات التشويه والتشكيك التى قد تتعرض لها فى الفترة القادمة من أصحاب المصالح والمستفيدين من الفساد، واعتبرت أن بداية الإصلاح الحقيقى إعادة بناء المنظومة الأخلاقية للمجتمع والكشف عن أباطرة الفساد مهما كانت مناصبهم وهو ما أكد عليه الرئيس فى أكثر من حديث. ومن جانبه، قال الدكتور سامى عبدالعزيز عميد كلية الإعلام الأسبق إن الرئيس أصاب كبد الحقيقة عندما قال إن محاربة الفساد مسئولية الجميع وليست الأجهزة الرقابية فقط، ولابد أن نرفع شعار «مواجهة الفساد مسئولية عليك وعليّ»، مشيرا إلى أن أول جندى يحمى بلده من الفساد هو المواطن البسيط سواء بإبلاغه عن الفساد أو عدم مسايرة أو مساندة له. وطالب الإعلام برفع شعار «فلنضرب الفساد لحماية البلاد والعباد»، بشرط أن يكون مبنيا على وقائع وأدلة ومعلومات, مشيرا إلى الإعلام أحيانا يقنن الفساد ويوطنه. وأوضح عبدالعزيز أن الرقابة الإدارية تحتاج إلى دعم إعلامى وشعبى لمواجهة أباطرة الفساد بمعنى ألا يكون اهتمام الإعلام بالقضايا التى تكشفها الرقابة الإدارية مؤقتا، ولكن يكون بشكل مستمر من أجل الردع المعنوى للفاسدين لأن الاستمرار فى نشر قضايا الفساد يسهل الردع ويمنع الفساد، فنحن نريد أن يكون الإعلام بطارية يوسع مساحة الضوء على ما تقوم به الرقابة الإدارية. ووجه عبدالعزيز التحية للرئيس بإدخاله الرقابة الإدارية على رئاسة تقييم المشروعات، مشيرا إلى أن الرئيس لم يعد يفتتح مشروعا إلا بعد أن تقدم الرقابة الإدارية تقريرا مفاده أن ما خطط له نفذ كما خطط له زمنيا وفنيا وماليا وإداريا. وأشار إلى أن الفساد لا يقف عند حدود الرشوة والتربح، فالفساد الذى بلا حدود هو البيروقراطية والأيدى المرتعشة التى لا تأخذ القرار المناسب والتى لا تعاقب المخطئ تتعاطف معه، فالمواطن الذى يذهب طواعية لدفع رشوة من أجل إنهاء مصالحة قمة الفساد، كما المدير الذى يرقى موظفا بلا حق والذى يعطى كل الموظفين تقرير امتياز أخر السنة فساد، وكذلك عدم التقييم الموضوعى قمة الفساد. وأثنى بشرى شلش الأمين العام لحزب المحافظين على مجهودات الرقابة الإدارية خلال الفترة الماضية فى الكشف عن العديد من قضايا الفساد، مشيرا إلى أن الفساد بأشكاله وأنواعه المختلفة موجود فى الجهاز الادارى للدولة وغيره من قطاعات الدولة الرسمية وغير الرسمية منذ عشرات السنين، الأمر الذى يتطلب مواجهته بشكل حاسم وتفعيل استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد. وتابع شلش أن جميع مؤسسات الدولة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى عليهم دور واضح فى توعية المواطنين وتفعيل منظومة المراقبة، مشيرا إلى أن جزءا مهما من مواجهة الفساد إعادة بناء ضمير المجتمع المصرى فالبعض يعتبر ممارسات الفساد شطارة وفهلوة فى الوقت التى تمثل جريمة أخلاقية وقانونية. وأوضح أن دور الأحزاب الإرشاد عن أى منظومة فساد فى الدولة بعد التأكد منها وتوثيقها وإبلاع الجهات الرقابية لاتخاذ اللازم, مشيرا إلى أننا نحتاج إلى مشروع ضخم لإعادة البنية الأخلاقيه للمجتمع المصرى فالفساد ليس فقط أن موظف يخالف القانون للحصول على المال ولكن الطبيب الذى يقصر فى عمله، والموظف الذى يتغيب من أنواع الفساد. وأشار إلى ضرورة إقرار حزمة تشريعات تتماشى مع التطورات المجتمعية وسد الثغرات فى التشريعات القائمة التى يستغلها بعض الفاسدين للمرور إلى أهدافهم، وكذلك تطوير الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة فى جميع عناصر المنظومة الإدارية، وإصلاح مستوى وأداء الجهاز الحكومى والإداري، وطالب بتفعيل الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الفساد وإشراك الأحزاب والمؤسسات الأهلية ضمن الاستراتيجية. وقال المهندس صلاح عبدالمعبود عضو الهيئة العليا لحزب النور إن مكافحة الفساد تشترك فيه أطراف عدة، الحكومة، البرلمان، الأحزاب السياسية، مشيرا إلى أنه يقع على عاتقها تفعيل دور الأجهزة الرقابية وحسن انتقاء الأشخاص اللذين يتولون الوظائف الحكومية، بالإضافة لتفعيل قانون حماية الشهود، ومكافحة البيروقراطية وتعزيز مفهوم الشباك الواحد وتسهيل الإجراءات. وأوضح أن البرلمان يقع عليه عبء كبيرا فى مكافحة الفساد وواجب تشريع القوانين التى تكافح الفساد، وإنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد، كما أن الأحزاب السياسية تلعب دورا كبيرا فى عمل رقابة شعبية على المؤسسات الحكومية، والإعلام أيضًا من خلال توجيه الناس للمحافظة على المال العام، وتتحمل المؤسسات الدينية العبء الأكبر فى توجيه الناس إلى مكارم الأخلاق، والإعلاء من قيم الأمانة ورفض الرشوة والمحسوبية فى برامج دينية واضحة. وأشار إلى أن المحور الرئيسى فى مكافحة الفساد هو تفعيل المادة 218 من الدستور التى نصت على التزام الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك، وتلتزم هذه الهيئات بالتنسيق فيما بينها بمكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، وضمانات أداء الوظيفة العامة، والحفاظ على المال العام، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والمكاتب الفنية وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. ومن جانبه، قال إبراهيم الشهابى أمين شباب حزب الجيل الديمقراطى إن الفساد سلوك مجتمعى يحتاج إلى تكاتف الجميع لإصلاح مفاهيم المواطنين فى التعاطى مع الفساد بكل أشكاله خاصة أن الفساد أصبح عرفا اجتماعيا فى بعض الأحيان. وأوضح أننا نحتاج إلى إعادة المنظومة الأخلاقية للمجتمع، مشيرا إلى أن الأحزاب لها دور واضح فى هذا المجال، مطالبا بوضع برامج لمكافحة الفساد، والقيام بحملات لتعريف المواطن بحقوقه وواجباته. وأشار إلى أن الرقابة الإدارية كجهاز رقابى بدأ يعبر عن نفسه بنشاط ملحوظ أثبت كفاءة وقدرة عالية على مكافحة الفساد والعمليات غير الشرعية خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، مشددا على ضرورة إجراء تعديلات قانونية تتيح للرقابة الإدارية متابعة العمليات المالية والإدارية داخل الجهاز الإدارى خاصة أن القانون فى بعض الأحيان يكون معرقلا ومعوقا لعمل الأجهزة الرقابية لكشف الفساد بصورة أوسع، خاصة أن القانون يتطلب إجراءات كثيرة ربما تعوق عمل هذه الأجهزة الرقابية وتقف حائلا بينها وبين مكافحة الفساد. وقال إبراهيم الشهابى إن كل المصريين وكل الأحزاب والمجتمع المدنى يقفون خلف الرقابة الإدارية فى مكافحة الفساد خاصة أن الفساد فى مصر أصبح له أجنحة تدافع عنه، مشيرا إلى أنه يتوقع قيام أصحاب المصالح والمستفيدين من الفساد بحملات لتشويه الرقابة الإدارية فى الفترة القادمة مطالبا المجتمع المصرى بعدم الالتفاف لحملات التشكيك أو محاولات بث حالة من حالات عدم الثقة فى الرقابة, الإدارية لأن هذه الحملات موجه لحماية المصالح الشخصية. وأكد أن أولى خطوات مكافحة الفساد هى تطبيق آليات رقابة صارمة تعتمد على إدخال تكنولوجيا المعلومات إلى الجهاز الإدارى بقوة، فالتكنولوجيا قادرة على تحييد العنصر البشرى خاصة فيما يتعلق بقضايا الفساد.