أحيا الملايين حول العالم قداس أعياد الميلاد وسط إجرءات أمنية استثنائية فى عدد من الدول الأوروبية التى شهدت مؤخرا تزايدا فى الهجمات الإرهابية، وعودة تاريخية لاحتفالات الأعياد فى مدن حلب وحمص السوريتين والموصل العراقية بعد تطهيرها من تنظيم داعش الإرهابي. شهدت حلب السورية عودة لاحتفالات السوريين الكاثوليك بالأعياد فى كتدرائية القديس إلياس بعد انقطاع دام خمسة أعوام وإثر استعادة قوات حكومة الرئيس بشار الأسد سيطرتها على المدينة وسط تعهدات قيادات التجمعات المسيحية المحلية بإصلاح من ألحقته سنوات الحرب من أضرار بمقر الكاتدرائية. وعاد مسحيو البصرة لإحياء الأعياد لأول مرة عقب استعادة القوات المحلية لهيمنتها على المدينة والمناطق المحيطة بها والتى كانت خاضعة لقوات «داعش» منذ عام 2014. وشهد قداس أعياد الميلاد بكنيسة المهد فى مدينة بيت لحم بالأراضى الفلسطينية مشاركة الرئيس الفلسطينى محمود عباس وكبار قيادات إدارته وسط حضور جماهيرى مكثف من مختلف أرجاء العالم. وفى غضون ذلك، شهدت ألمانيا إجراءات تأمين استثنائية خاصة مع استمرار التحقيقات وعمليات التعقب المتعلقة بهجوم سوق الأعياد فى برلين الأسبوع الماضي، وإن تواصلت أنشطة ومراسم الاحتفال فى مختلف المواقع بشكل اعتيادي. وفرضت السلطات الإيطالية إجراءت أمنية مكثفة حول كاتدرائية ميلانو والمناطق التاريخية التى حولها. بينما نشرت فرنسا حوالى 91 ألف من عناصر الشرطة والقوات الخاصة لتأمين المناطق العامة وتحديدا الكنائس والأسواق. وذلك فى حين ركزت آخر تهنئة رسمية بالأعياد من الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته باراك أوباما وقرينته ميشيل على الدفاع عن إنجازات عهده والإشادة بالقيم الأمريكية التى تجمع مواطنى الولاياتالمتحدة من مختلف الديانات والأعراق. وأكد أوباما أن البلاد أصبحت أكثر قوة مما كانت عليه عندما تولى القيادة خلفا للرئيس السابق جورج بوش، مشيرا إلى تعافى الاقتصاد الأمريكى من حالة الكساد الأسوأ طيلة 8 عقود وانخفاض معدلات البطالة إلى أدنى مستوى لها خلال 9 أعوام. وأضاف أن الولاياتالمتحدة صارت فى عهده تحظى بقدر أوفر من الاحترام حول العالم بعد أن ارتدت «عباءة القيادة» فى القتال لجعل العالم أكثر أمنا بالنسبة للأجيال القادمة. واختتم أوباما وميشيل تهنئتهما بتوجيه الشكر للقوات الأمريكية وعائلاتهم. وفى المملكة المتحدة، أعلن المتحدث باسم قصر باكينجهام أن الملكة اليزابيث الثانية سوف تتخلف لأول مرة منذ 30 عاما عن حضور قداس عيد الميلاد لإصابتها بإنفلونزا حادة مما تسبب فى إلغاء ارتباطتها وقرينها الأمير فيليب خلال الأيام الماضية. وأوضح بيان القصر أن الملكة ستحرص على المشاركة فى الاحتفالات العائلية داخل مقر إقامتها. وركز الخطاب الرسمى للملكة بمناسبة الأعياد على تحية من وصفتهم بالأفراد العاديين من أصحاب الأعمال غير الاعتيادية مثل المشتغلين بالأعمال التطوعية ومواطنى التجمعات المحلية الذين يسارعون للمساعدة والقيادة فى أوقات الأزمات وغيرها. ووصفت الملكة فى خطابها السابق تسجيله هؤلاء «بالأبطال الذين لا ينالون كثيرا من الانتباه»، مقتبسة الأم تريزا « لا يمكننا جميعا الأتيان بأعمال عظيمة ولكن يمكننا القيام بصغير المهام مع وافر الحب». وكانت كلمة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان قد ركزت على نبذ روح المادية التى «سرقت الأعياد»، وفقا لتعبيره، والدعوة لتكريس السلام فى بؤر العنف والصراع حول العالم وفى مقدمتها سوريا والأراضى الفلسطينية المحتلة. وأكد البابا فى عظته السنوية الرابعة منذ توليه منصبه الروحانى أن « المادية المبهرة» أصبحت أكثر طغيانا على مظاهر الاحتفالات السنوية مما جعل أعياد الميلاد رهينة للمظاهر المادية من الهدايا و الولائم والتمركز حول الذات، مع غياب واضح فى الاهتمام بمعاناة الفقراء والمهمشين ولا سيما من الأطفال. وأضاف أمام حشد من عشرة آلاف شخص تضامنه مع الأسر التى فقدت أحد أفردها خلال موجة الهجمات الإرهابية الأخيرة حول العالم. وتطرق البابا فى سياق عظته التى ألقاها بساحة القديس بطرس بالفاتيكان إلى أبرز الصراعات التى سيطرت على الاهتمام العالمى خلال السنوات الأخيرة، مشددا على أن الوقت قد حان لإسكات صوت السلاح فى سوريا وأن يجتهد العالم من أجل التوصل إلى حل على أساس التفاوض والدبلوماسية. وابتهل البابا من أجل إحلال السلام فى العالم، داعيا الفلسطينيين والإسرائيليين إلى التحلى بالشجاعة الكافية من أجل بناء مستقبل مشترك على أساس التفاهم ونبذ العنف ومشاعر الانتقام. وأكد أن تحقيق ذلك سيكون بمثابة كتابة صفحة جديدة فى التاريخ الإنساني. وشهدت الساعات القليلة السابقة عددا من الحوادث التى أفسدت احتفالات بعض الدول بالأعياد، فقد أجرت السلطات الألمانية عملية إجلاء كبرى شملت 54 ألف شخص من منازلهم بمدينة اجسبورج جنوب البلاد لإجراء عملية تفكيك لقنبلة تم العثور عليها قبل أسبوع وترجع إلى عهد الحرب العالمية الثانية. وكانت الشرطة المحلية فى العاصمة برلين قد أعلنت عن محاولة مجهولين إضرام النيران فى مشرد نائم فى إحدى محطات مترو الأنفاق، قبل تدخل بعض المارة وإنقاذهم ضحية الهجوم الذى لم يصب بأى جروح. وعلى صعيد متصل، لقى شخصان مصرعهما إثر تفجير انتحارى لنفسه داخل سوق خاص بأعياد الميلاد فى الكاميرون. فى الوقت ذاته، تسبب انفجار فى ورشة لتصنيع الألعاب النارية بمقاطعة هيبى شمال الصين فى مقتل شخصين فيما تم تسجيل 16 مصابا وستة فى عداد المفقودين، بالإضافة إلى تدمير عشرات المنازل.